على طريقة الاعلامي البارع في فضائية الجزيرة د. فيصل القاسمي، وحين اشتداد الوطيس بين ضيوف برنامجه الحواري (الاتجاه المعاكس) يلجأ القاسمي إلى «لزمات» معروفة لتأجيج نار الصراع والخلافات بين المتحاورين بقوله: «يا جماعة.. يا جماعة.. مش هيك». بذات «اللزمات» الصدامية، ولكن «بلكنة» سودانية، لجأت الصحف والدوريات الفنية مؤخراً إلى تأجيج ساحة الخلافات الفنية التي وصل بعضها إلى مهاترات «غير منضبطة» وأخرى تمت لها تسويات «بالدولار» وأُخر يابسات.. ... شهدت الساحة الفنية وعبر الصحف والصفحات الفنية حراكتً «مطلبياً وقانونياً» بين أطياف المبدعين، انعكس أثره سلباً على مفردات الساحة بمجمله، واستثمر البعض هذه الخلافات الحقوقية في الوسط الفني، مما جعل «الغباش الأخلاقي» هو العقد المنفرط على سوح كل القصائد.. الموسيقار غاندي يقول حول هذا الانفلات: «أنا شخصياً أعتقد أنه لا داعي لهذه الخلافات خصوصاً أن اطرافها هم في النهاية زملاء مهنة واحدة وأصحاب رسالة، وأنا أعتبرها خلافات غير فنية وأتمنى أن تناقش هذه الخلافات في الأندية حتى يجد لها الجميع حلولاً مناسبة قبل أن يلجأ أطرافها إلى الصحف. أما الصحافي هيثم كابو الذي كان ضيفاً في حلقة سهران يا نيل مع بعض رؤساء تحرير الصحف الاجتماعية والفنية حول مسألة شبيهة بذلك قال: «كثير من الشعراء والملحنين يقصدون بذلك محاولة لفت الأنظار اليهم وأخذ قسمتهم من شهرة المطربين»، لكن رغم ذلك تنشر الصحف لهم..!! فيما اعترف عادل سيد أحمد رئيس تحرير صحيفة (الاسطورة) انهم يسعون لبيع صحفهم وذلك عبر النزول إلى رغبة (القارئ) الذي يحبذ مثل هذه الأخبار..!! وهذا نموذج حي لهذه الشائعات والخلافات الموبوءة على الصحف، حين ترددت شائعة باعتزال الفنان خالد الصحافة للغناء، فرد بكل عنف خالد قائلاً: «دي اشاعات مغرضة.. لا أدري من ورائها ومن المستفيد من اطلاقها؟ رغم أنني ليس لدي خلافات في الوسط الفني»!! الفنان المغترب العائد الموسيقار علي السقيد يقول وعلى شفتيه كل ألوان الحزن: «ما يحدث الآن يدل على أن بنياناً لا أساس له سيسقط، وما يحدث هو مسؤولية الجميع، وما يتم ما هو إلا إشارات سالبة قد تُضيع ملامح جيل بأكمله، إضافة إلى غياب الحركة النقدية الحقيقية، وضعفها أيضاً يدخل ضمن الأزمة الحالية، اضافة إلى مسؤوليات أخرى تتوزع بين الاتحادات والشركات الفنية وغيرها، فلابد في النهاية من نكران الذات وتناسي الخلافات». هذا الواقع بكل أسف بدأ يفرض نموذجه من خلال قوالب عديدة تبدأ من الشهرة والتشهير، مروراً باختيار الألفاظ المعادية للياقة الأدبية، مما أسس لسلوكيات متدنية يحتاج أمر عودتها جدية الموضوعية وإلى دراسات معمقة تستهدف احتواء هذه الظاهرة المتنامية.. يقول كمال ترباس -وهو أحد المنكويين بهذه الخلافات: السبب في ذلك الأحقاد والحسد اللذان أضحيا يملآن الوسط الفني، وهنا دعوني أقول ان «الشللية» في الغناء لا تنفع ولا تنجح، وعلى كل فنان أن يعرف نفسه، هل له قبول، وهل لديه جمهور.. أم لا..؟! صحف الاثارة والمانشيتات الفاقعة، تطلق أخبارها هنا وهناك على رشاش الشائعات و«المديدة حرقتني». الفنانة حنان بلوبلو تقول: الوسط الفني يعاني من أزمة، حيث طغت مؤخراً الخلافات الشخصية، أما الفنان صديق أحمد فيقول: بعض هذه الخلافات تجدها بسبب المناصب الفنية الزائلة وليس بسبب الرسالة الفنية.. بكل أسف!!.. نعم.. طغت الأحقاد والخلافات الشخصية/الفنية، وأضحت الصحف ملائ بالمصالحات التاريخية، وأخبار الخلافات فيها وصلت حد الشتائم، وبعض أصحابها قد طوروا من أدوات الخصام إلى أخلاقيات تأتي خصماً على الساحة. الفنان عثمان اليمني يتحدث عن ذلك قائلاً: هذه مهاترات غير مشرفة، وأتمنى أن يتجه هؤلاء إلى فنهم، لأن هذه المهاترات لا تضيف لهم شيئاً، بل تنقص من قدرهم وتخرجهم عن المعنى والرسالة المطلوبة ناحية المجتمع ككل. إنها خلافات يسببها البعض حتى يستعرض عضلات سطوره الفنية، ومدى متابعته لأجواء الفن وكواليسه، مما يفت عضد الزمالة بين المبدعين. الفنانة أفراح عصام احدى نجمات الغد تقول ان الصحافة الفنية الجيدة هي التي يكون حديثها عن الفنان بموضوعية فنية بحتة، أما الصحف الهدامة فهي التي تعتمد الاثارة والكلام الجارح وهي تنتقل بأخبار الفنانين من الفني إلى الشخصي. أخيراً.. هذا هو الحيز الذي وضعتنا فيه بعض الصفحات الفنية، بنشرها المتكرر للخلافات، ليس ذلك فحسب. بل السعي لايقاد جذوتها، والخاسر هو الوسط الفني بكل تأكيد.. لكن من يلتفت ويقول ذلك لضميره..؟ سؤال سيظل مطروحاً في مستقبل الأيام..!!