جبريل إبراهيم: لا يمكن أن تحتل داري وتقول لي لا تحارب    حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: تصريح صحفي    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    برقو الرجل الصالح    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد عمليات تأهيل مطار عطبرة ويوجه بافتتاحه خلال العام    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    هيومن رايتس ووتش: الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً ضد المساليت.. وتحمل حميدتي وشقيقه عبد الرحيم وجمعة المسؤولية    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    توخيل: غدروا بالبايرن.. والحكم الكارثي اعتذر    النموذج الصيني    تكريم مدير الجمارك السابق بالقضارف – صورة    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    مكي المغربي: أفهم يا إبن الجزيرة العاق!    موريانيا خطوة مهمة في الطريق إلى المونديال،،    ضمن معسكره الاعدادي بالاسماعيلية..المريخ يكسب البلدية وفايد ودياً    الطالباب.. رباك سلام...القرية دفعت ثمن حادثة لم تكن طرفاً فيها..!    بأشد عبارات الإدانة !    ثنائية البديل خوسيلو تحرق بايرن ميونيخ وتعبر بريال مدريد لنهائي الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل مصري حضره المئات.. شباب مصريون يرددون أغنية الفنان السوداني الراحل خوجلي عثمان والجمهور السوداني يشيد: (كلنا نتفق انكم غنيتوها بطريقة حلوة)    ضياء الدين بلال يكتب: نصيحة.. لحميدتي (التاجر)00!    شاهد بالفيديو.. القيادية في الحرية والتغيير حنان حسن: (حصلت لي حاجات سمحة..أولاد قابلوني في أحد شوارع القاهرة وصوروني من وراء.. وانا قلت ليهم تعالوا صوروني من قدام عشان تحسوا بالانجاز)    شاهد بالصورة.. شاعر سوداني شاب يضع نفسه في "سيلفي" مع المذيعة الحسناء ريان الظاهر باستخدام "الفوتشوب" ويعرض نفسه لسخرية الجمهور    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    الولايات المتحدة تختبر الذكاء الاصطناعي في مقابلات اللاجئين    الخليفي يهاجم صحفيا بسبب إنريكي    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة الأدب في كردفان 2-3
نشر في السوداني يوم 06 - 04 - 2012

أورد المؤرخ الكاتب الاستاذ جمال محمد احمد في كتابه (سالي فو حمر) بأن الأبيض (سرة أفريقيا) وقد فسر الأستاذ الأديب الباحث محمد عثمان الحلاج ذلك بقوله بأنه يعني (علاقة الدفء المادي والمعنوي بين الجنين والام) كما قال قنديل كردفان الشيخ اسماعيل الولي أن الأبيض القديمة كانت بين الخورين (خور القبة وخور السوق) وحولهما حواف الآبار للسقيا وما تبقي زراعات وقال أيضاً (ورب الكعبة أعمرها بكل الناس) وبالفعل عمرت الأبيض حاضرة كردفان وكان دور الشيخ اسماعيل الولي جلياً وواضحاً في هذا الجانب خاصة عندما بلغ الولي اسماعيل درجة من التمكن في العبادة والتجربة الصوفية بعد استقلاله بطريقته التي اشتهرت بإسمه وقد علل ذلك بتلقيه أوامر من الحضرتين (العليا والنبوية) وكان ذلك بحضور بعض اقطاب الزمان ولكن مع ذلك ظل على ولائه ووفائه لاستاذه السيد محمد عثمان الختم والذي جاء للسودان آنذاك موفداً من استاذه احمد بن ادريس مبشراً بتعاليم الطرق الخمسة (نقشجم)، وكان الولي اسماعيل يعبر في كثير من مدوناته عن أثر استاذه وفضله عليه ويصفه بأنه بهجة الليالي والأيام والسر فيه وفي ذريته إلى يوم الزحام. علماً بأن الولي اسماعيل ولد بمدينة الابيض عام 1792م بمدينة الابيض وهو اسماعيل بن عبد الله بن اسماعيل بن عبد الرحيم بابا بن الحاج حمد بن الفقيه بشارة الغرباوي والذي ينتهي نسبه عند سيدنا العباس بن عبد المطلب عم رسول صلى الله عليه وسلم وقد سمى بشارة ب(الغرباوي) لأنه حينما جاء من الغرب قرأ في شرق البحر في منطقة (موره) عند الشيخ حسن ود بليل (جد الركابية) ودرس القرآن على يد والده الشيخ عبد الله و بعض مشاهير عصره حيث حفظ علوم الفقه والتوحيد أما علوم النحو والصرف فقد أخذها عن شقيقته الشيخة (عالية بت عبد الله) والتي كانت حميراء زمانها وفي حوالي 1231ه أمر الشيخ اسماعيل بإنشاء الطريقة الاسماعيلية ولكن تأدباً مع شيخه الختم الكبير رفض الاعلان فعوقب بالسجن (سجن أهل الكون) بمعنى السجن المعنوي وليس المحسوس مما جعله يعلن طريقته الاسماعيلية في عام 1242ه وحينها كان أول الذين دخلوا الطريق الختمي بكردفان ومعه(الخليفة صالح سوار الدهب والقاضي عربي والشيخ كباشي سيد دوكلا الذي كان يقيم بأم صميمة بالقرب من زريبة الشيخ البرعي) وكذلك الخليفة اسماعيل والد الشيخ المنا ابو البتول والذي قيل فيه:
أبو البتول المنا الحواري جنّ شالنّ أبو البتول الراسي ما سفيه مراسي
أبو البتول أبو زنود الصاقعة أم بارود هو هجام والناس رهود
هذا إلى جانب مجموعة من الخلفاء انضموا للطريقة الختمية مثل الناير المنبوش والخليفة سالم السبلي والخليفة حامد ود مغيرة والذي كان يقيم شرق مدينة بارا ويعد الولي اسماعيل من اكثر الصوفية عناية بالتأليف وهو مكمل للاوراد والاذكار والعبادات بل اتسمت مؤلفاته بتناول كثير من قضايا التصوف الظاهر والباطن والمقامات واحوال المريدين وعقبات الطريقة وضرر الرئاسة للسالكين والورادات والتوسل والفيوضات واسرار التصوف وعلومه والحقيقة المحمدية وكيفية تهذيب المريدين والاولياء والوصايا والكشف والمهدية وعلاماتها وقد حوت مؤلفاته التي تقدر بثلاثة وثمانين العديد من الجوانب العقائدية إلى جانب الانشاد والمدائح الصوفية وواصل أبناؤه تلك السيرة العطرة لاسيما السيد المكي واشقاؤه السادة (الشيخ احمد الازهري والسيد الباقر) و ابن اخته الشيخ اسماعيل الكردفاني صاحب سيرة المهدي والطراز المنقوش وكذلك كان السيد مصطفى البكري والذي اشتهرت به مقابر البكري بأم درمان، اما الشيخ اسماعيل الازهري المفتي فقد قدم عطاءاً خالصاً في الفتاوى الشرعية ومن احفاده الزعيم اسماعيل الازهري وتواصل نشاط الطريقة عبر اقطابها ورؤساء سجادتها السادة السيد اسماعيل والسيد ميرغني والسيد تاج الاصفياء والسيد مصطفى البكري والذي خلفه على رئاسة السجادة ابنه الشاب الوقور الشيخ اسماعيل (شيخ الطريقة الحالي)، وقد كان الشيخ اسماعيل الولي الى جانب صلاحه الصوفي شاعراً وأدبياً بل هو عنوان الأدباء بكردفان الذي يكتب أخيراً ويقرأ أولاً لا سيما في الأدب الصوفي ويكفي رائعته التي تفطر القلوب وتعتبر من الادب التربوي إذ قال:
تبتل للذي يعطيك أنساً ودع أنس الخلائق ذا الندامة
وقم في ليلك الاسحار وابكي لئلا تبكين يوم القيامة
ولا تملأ ضلوعك من طعام تكون من جوع اخرى في سلامة
ولا تنومن على فرش سترقد إلى ان تبقى للدود طعاما
فلازم للتقى والخوف يابني وكن في كل أمرك ذا استقامة
لذلك كانت كردفان وعاء صهر لمجمل الثقافات وللاثنيات السكانية التي كونت القومية السودانية ولعل الاستاذ المؤرخ محمد ابراهيم أبو سليم اورد في كتابه (الشخصية السودانية) جانباً من تلك الحقائق حينما قال: (بأن موضوع القومية السودانية له أهميته متناولاً مكونات الذهن السوداني وأصوله مع الاعتبار لاختلاف اللون والعرق وتفاوت مستويات الحياة وعمق التجربة البشرية مستعرضاً تصرفات الذهن السوداني ومحاولة تقنينه) فالمهم إذن عند المثقفين السودانيين هو تقنين العلاقة بالعالمين العربي والافريقي ومعنى الانتماء لهما وصلاً وتأثراً حتى نصبح أمة مستقلة ولكنها غير منشطرة عن أصولها وانتمائها بل يكون مركزها الانساني جلياً في بناء الحضارة الانسانية وما ميز كردفان أنها قبلت كل الثقافات الوافدة خاصة الآداب والفنون والتراث الشعبي وذلك من خلال هجرات القبائل ذات الاصول العربية والافريقية التي جاءت من شتى بقاع الارض بالخف والحوافر لأرض تجمع بين القوز والقردود، حيث أن بعض القبائل مع هجرتها الباكرة نقلت موروثها الثقافي مثل قبيلة الهوارة والتي نقلت ايقاع (أم هاجو) وهو ايقاع ارتبط بحرفة الناس سواء أن كانت زراعية أم رعوية ولم تخف تلك القبيلة ايقاعاتها الشعبية بل صدحت بها في اشارة للقبائل المهاجرة من المغرب العربي لاحظ قولهم في (أم هاجو):
دق المهراس يا محمد صحي كل الناس يا محمد
من القلزم راص يا محمد حتى لي دار فاس يا محمد
زور بو العباس يا محمد خد منو اساس التجاني تاج الراس يا محمد
قت نتسوح لقيت زولي ركب القطر روح
بي أمي بي أبوي شكيت عوجي لي محمد أخوي
العارف الرواية في سيد الغواية
يا الاسمر أب شيبة سافر ما تطول الغيبة
ومع إنصهار الهواره في المجموعات السكانية بكردفان تعدلت مفردات ام هاجو وإن لم يتبدل ايقاعها وطقوسها الشعبية حيث تناولت احدى اغنيات الهواره (دق العيش) كقولهم: العيش دقو ما هين حليل شيخي الفي الخلوة متبين
في الجزيرة الخدير ماني حي للاكلو الطير ماني حي
شمة جات لابسه العاجات
كل ذلك المكون الأدبي والثقافي جعل كردفان قبلة للادباء والشعراء فزارها الفطاحلة أمثال الشاعر الكبير (على الجارم) والذي أعجب بفطنة أحد أبناء كردفان حينما كان يردد في صوت جهور بعض من أبيات قصيدته التي كانت في مدح ابراهيم بن محمد على باشا ومن بين مقاطعها:
طموح وإلا ما قراع الكتائب وعزم وإلا فيما يحث الركائب
إذا المجدُ لم يترك وراءك صيحة مدوية فالمجد أوهام كاذب
يخوض الهمام العبقري بعزمه ظلال الفيافي ظلام الغياهب
واروع ما تهفو له العين راية تداعبها الارماح في كف غالب
ومن مثل ابراهيم إن حمى الوغى وامطرت الارض السماء بحاجب
وقد كانت البوادي شعلة من النشاط الأدبي الكبير الذي جسده فطاحلة الادباء الشعبيين خاصة في منطقة دار الريح فالمتتبع لقصيدة الشاعر الشعبي محمد شريف العباسي بمنطقة البقرية يلحظ ذلك البهاء وحسن البداوة غير المجلوب كما هو واضح في قول الشاعر:
بقرية الرحمن يجود مولاكي ويحمر خورك القاعد قبيل يملاكي
بعد ما كانت ام حنك زارداكي أصبحتي تصوحي ويصدن عطيش معزاكي
ألا يماثل ذلك قول الشاعر محمد احمد المحجوب الذي كتبه في رثاء السيد عبد الرحمن المهدي عندما قال:
وصوح الورد فيها بعد نضرته والماء جف بها واحطوطب العشب
ولكن ماصوره الشاعر حمزة الملك طمبل نائب مأمور بارا في القرن الماضي كان بديعاً وذلك أثناء سفره لمنطقة سودري التابعة لمركز (بحري كردفان) آنذاك وما أن شاهد جبال الصناقر حتى سمت جوانحه و إتلق عنده العطاء الادبي فخرجت المفردات معبرة تماماً عن ذلك الجمال الفطري الذي احدثته تلك الجبال المحفوفة بالنال والسيال فقال:
الشمس فوق الجبال غابت ولاح الهلال والكون في العين امسى حقيقة كالخيال
وفوق كوخي طيور وخلف كوخي غزال وحول كوخي نبات من حسكنيت ونال
وغرب كوخي واد فماعليه سيال وقد انيخت جمال لتستريح الجمال
حقاً انيخت جمال وسار الاستاذ الشاعر احمد على طه في رحلة برفقة صاحب اللوري الوجيه الراحل (حسين احمد حسين) حيث اتجهت العربة صوب وادي الملك ومنطقة ام بادر وعندما شاهد الشاعر جمال القراضيات اللائي يجمعن ثمر السنط تحركت عواطفه فعبر عن ذلك بقوله:
دا يومنا الزرنا ام بادر وشفنا جمالها النادر
جمالا جنن الناظر مرق لاقانا ماش ضامر
عظيم رب العباد قادر
يوم لاقننا قادلات ومن بين السنط مارات
ديل جايات وديل رايحات وقنالهن وين ماشات
قالن للغدير واردات
أما الأبيض حاضرة مديرية كردفان آنذاك فقد كانت منبعاً للأدب الرفيع والشعر الرصين ويؤكد ذلك المساجلة التي كانت بين الطبيب النطاس الماهر الاديب على باخريبة وعمي الشاعر حسن حاج محمود حيث أن تلك المساجلة كانت في منتصف القرن الماضي بمستشفى الابيض وحينها كان النطاس الماهر يقوم بزيارة بعض عنابر المستشفى وعندما لمح الاديب باخريبة صديقه الشاعر حسن حاج محمود انبرى قائلاً:
ان البلاد تئن من سقم بها ويموت من فقر عليها الدود
اذا الطبيب تجهمت نظراته للمال ولى بره المنشود
فما كان من الاديب حسن حاج محمود إلا ان رد على تلك المساجلة في الحال بقوله: ليصيب من عرق الفقير وسقمه مال ولكن في الحقيقة قليل
فإذا احتسب أجر الإله فإنه يوفي المغارم كلها تسديد
ولأن عروس الرمال تكتسي حلة زاهية في فصل الخريف لذلك تصبح مطلباً للعشاق والأدباء خاصة مع توشحها بثياب النضارة والجمال لذا وصفها الشاعر الفحل (بابكر على دقنة) بقوله البديع الذي اصبح حديث الركبان في ربوع كردفان:
حباها الإله جمل محاسن ذاتا وكل ما جاء الخريف تغمرنا بي نفحاتا
فاضت في الكرم فاتت جميع اخواتا الخير والترف والنعمة من خيراتا
عروس الرملة فيها الطبيعة جميلة نزل المزن في ربوعا وبقت له خميلة
لبست حلتها في اطرافها بي التفصيلة سمحة مكملة زينة العروس الليلة
و في افتتاح مدرسة خور طقت الثانوية عام 1950م والذي كان حدثاً فريداً حضره جمع غفير من المسئولين والمعلمين وتم الافتتاح برعاية وزير المعارف السودانية الاستاذ الكبير عبد الرحمن على طه وتشريف مراقب التعليم المصري في السودان الاستاذ محمد عبد الهادي ومن الهام تلك المناسبة الكبيرة القى الشاعر القومي مولانا حسيب على حسيب قصيدة بعنوان افراح الخور قال في بعض مقاطعها:
بالخور قف متيمناً يا حادي واقر السلام هناك عبد الهادي
أعني المعلم لا الوزير فإنه جم الجهود لخير ذاك الوادي
وأذكر له ما خلفت اشعاره في الناس من أثر ومن ارشاد
افراحه بالخور كانت فرحة للقطر وافته على ميعاد
فالخور مثل النيل في جريانه سر الحياة وحكمة الآباد
فالنيل يحيي الأرض بعد مواتها والخور يحيي النفس بالأعداد
وإذا هما اجتمعا لقطر ناهض بلغ الكمال وفاز بالاسعاد
بالنصر توج جمعهم فاستبشروا والنصر نعم الفال للرواد
إن انسى لا انسى الوزير ونصحه في خطبة رفعت مكان الضاد
(المعلم هو الاستاذ ابراهيم عبد الهادي المدرس بخور طقت الثانوية و الوزير هو ابراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر آنذاك والنصر هو استاذ الاجيال النصري حمزة ناظر خور طقت وهو كفاءة نادرة واول سوداني يرأس مدرسة ثانوية اما الوزير فهو السيد عبد الرحمن على طه وزير المعارف السودانية).
وحقاً شمخت كردفان بشعرائها الفحول والتحية والتقدير لكل من أسهم في جمع وحفظ ذلك الإرث الثقافي وقام بنشره عبر الوسائط الاعلامية المختلفة كالاساتذة الباحثين و الادباء (النور صالح حميدة وعبد العزيز احمد عبد العزيز والدكتور عبد الله اسماعيل) والذين قاموا بتقديم العديد من البرامج الاذاعية عبر إذاعة ولاية شمال كردفان مثل (أدب البداوة – من كل نبع قطرة والأبيض بين الماضي والحاضر و أنا كردفان) والتقدير لكل الشعراء والادباء بكردفان والرحمة تغشى عمنا الشاعر قاسم عثمان بريمة والتي تحل علينا في هذه الأيام ذكرى رحيله الثانية لاسيما وقد كان من الذين يألفون ويؤلفون وهو القائل شعراً في مدح الاستاذ الراحل الفاتح النور:
شوف العملقة امتزجت بقصر القامة كل الشامخات في العزة هو اقاما
حررت كردفان صدرت سرت انغاما نورت العقول الجاهلة شفت اسقامها
ونواصل.....
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.