عندما سمعت حكاية هذه الوالدة التي أنعم الله عليها بسبعة من البنين والبنات واصطفى منهم ثلاثة ليكونوا امتحاناً لها بالصبر والقبول، لم أتوقع منها هذا الاحتفاء بهم وهم يقاسمونها البرندة وهي تجلس بوسطهم وتوزع عليهم محبتها صباح مساء، الوالدة نعمة إبراهيم مثلت نموذجاً فريداً بأمومتها التي ترعى هذه الحالات الخاصة. * أول المشوار استغرقت رحلة الوصول إلى بيتها قرابة نصف الساعة من مدينة أم بدة، وهي تقيم بمربع 21 دار السلام جنوب سوق قندهار مع أسرتها البسيطة، واكتشفنا لماذا انقطعت رحلة العلاج التي بدأتها وانتهت بالرضا بالمقسوم هكذا تكشف لنا الأمر لقد استقبلتنا بابتسامة ومحبة أنستني مشقة المسافة بالنسبة لي وأنا أقيم بالثورة بالشنقيطي وحز في نفسي أن يكون أول سؤالي كيف وصلت حالة الأبناء إلى هذه المرحلة ونحن بقلب أم درمان وتحيط بها عدد من المستشفيات والمراكز الصحية، هنا قالت والدتهم النعمة إنها أنجبت أطفالها بشكل طبيعي ولكن معاناتهم ظهرت بعد بلوغهم الشهر ال21 من العمر، ولقد بدأت معهم رحلة علاج طويلة بدار ششر إلا أنها توقفت نسبة لضيق اليد وبعد المسافة وإيجار الأمجاد الذي أنهكنها مادياً فلم تستطع توفير حق التوصيلة لهذا توقفت رحلة العلاج منذ سنوات. * العناية الدائمة تؤكد النعمة إبراهيم أنها حلمت لأطفالها بمستقبل واسع، ولكن إرادة الله شاءت لهم شيئاً آخر لهذا هم مع إخوتهم الأصحاء يعيشون بمحبة ويجدون كل رعاية منهم وإن السماني محمد الذي يبلغ من العمر 21 عاماً ولا تظهر عليه هذه السنوات بملامح وجهه يبدو طفلاً في العاشرة من عمره ولقد منحنا ابتسامة عندما التقطنا له صورة، إلا أنه يجد صعوبة في التحدث بطلاقة، لهذا ترافقه والدته دائماً وتقضي له كل حاجاته، وبعد أن خضع لعدد من الجلسات العلاجية بششر استطاع أن يتناول الطعام وحده عن طريق الملعقة، ولكن للأسف كما قالت الوالدة العلاج توقف لأن الجلسات كانت تقضي أن يذهب للدار كل 15 يوما وهو ما عجزت عن المواصلة فيه، أما طفلتها مناهل التي تبلغ من العمر 12 عاماً أيضاً عانت من نفس المشكلة ولدت طبيعية إلا أنها بعد الشهر ال11 لم تستطع المشي ولحقت بها فيما بعد مواهب التي تبلغ من العمر 10 سنوات، وتؤكد نعمة أن أسرتها أو اسرة زوجها لا توجد بها حالات مصابة بهذا المرض الذي لم يستطع طبيب أن يشخصه بالشكل الأكمل إنها حالات ضعف أعصاب ومن ثم عجز عن الحركة يليه تيبس بالأطراف وفقدان للنطق، وإن كانت تبدو علامات التركيز بطيئة على الصغار إلا أنهم تجاوبوا معي عندما طالبتهم برفع الرأس للصورة وكانت ابتسامتهم تملأ المكان وهم يرحبون بنا بدون أن تمتد أياديهم نحوي. أما والدهم محمد حسن، الراضي بحكم الله فيه لم يقل شيئاً، بل انسحب من المجلس وترك لنا فرصة إجراء هذه المقابلة مع أطفاله وزوجته بدون شروط وهم يأملون أن تؤتي نتائج العلاج أكلها بالرغم من قلتها نسبة لشح ما باليد، وخاصة أن معاش الوالد لا يكفي للعلاج أو نفقات المعيشة والوالدة نعمة تأمل أن تواصل العلاج معهم ليتمكنوا فقط من خدمة أنفسهم، ومن هنا نرجو من أهل العون والإحسان مساعدة هذه الأسرة العفيفة التي لم تمد يدها لأحد ولكن نحن لمسنا معاناتهم وهؤلاء الصغار في حاجة لمن يمد لهم يد المساعدة لمواصلة العلاج.