بينما انهمك طاهر أحمد محمد في عمليات الشحن والتفريغ بالمخازن، شعر بدوار خفيف تصاعد مصحوباً بصداع شديد، لم يحتمل جسده كثيراً فسقط مغشياً عليه، ليفزع من حوله ويهرعون لتوصيله لأقرب مشفى وهو بين الحياة والموت، لم يكن الأمر يحتاج لكثير عناء ليتم تشخيص حالته بأنها ضربة شمس ليتم إحالته لمركز ضربات الشمس ليتلقى الجرعات العلاجية اللازمة ليعود من جديد للحياة. توجسات مراقبين ما إن حل فصل الصيف وارتفعت درجة الحرارة حتى توجس المراقبون من أمراض الصيف وعلى رأسها ضربات الشمس، لم يطل الأمر كثيراً إذ سرعان ما أصيب 17 من مواطني ولاية البحر الأحمر أحدهم توفي. قال وزير الصحة بالولاية عبدالرحمن بلال بالعيد أمس ل (السوداني ) إن مرض ضربات الشمس من الأمراض الموسمية بالبحر الأحمر وقد سجلت الولاية خلال السنوات الماضية حالات إصابة بضربات الشمس بمدينة بورتسودان وبعض مدنها الساحلية بمحليتي سواكن وحلايب. وأكد أن عدد المصابين في العام 2008 بلغ حوالي 81 حالة بينها 9 وفيات بمعدل إماتة بلغ 11 % وفي العام 2009 بلغت حالات الإصابة 9 حالات بينها 3 وفيات بمعدل إماتة 33% فيما شهد العام 2010 إصابة غير مسبوقة وسط المواطنين بسبب ارتفاع درجات الحرارة بصورة أكبر إذ بلغت الحالات المسجلة 284 حالة إصابة بينها 44 حالة وفاة بمعدل إماتة بلغ 15% والعام الماضي2011 حدث انخفاض ملحوظ إذ بلغت الحالات 75 حالة بينها 10 وفيات بمعدل إماتة 13% وفي الشطر الأول من فصل الصيف الحالي أعلن وزير الصحة عن استقبال مركز ضربات الشمس ببورتسودان 17 حالة خلال الفترة من 16 يونيو وحتى الأول من يوليو من بينها حالة وفاة واحدة. وقال إن وزارته وبإشراف ومتابعة من والي الولاية د. محمد طاهر أيلا هيأت مراكز متخصصة مزودة بكافة العلاجات والتشخيص والكوادر والبيئة المناسبة لمرضى ضربات الشمس، وتم تجهيز مراكز بكل المحليات الساحلية ( بورتسودانوسواكن وحلايب) تقدم خدماتها مجاناً وأكد بلال أن حالة الوفاة كانت لرجل طاعن في السن. كما أن بعض الحالات التي وصلت للمركز ببورتسودان حالات اشتباه وليست كلها مصابة بالحرارة الزائدة. وأكد أن أغلب الحالات غادرت مركز ضربات الشمس فور تلقيها العلاج ولا توجد بالمركز سوى ثلاث حالات فقط. وأبان أن وزارته أعدت خطة طبية ووقائية كبيرة لمجابهة المرض مستدركاً في الوقت نفسه أن وقوع شهر رمضان المعظم هذا العام في فصل الصيف يلقي أمام الوزارة تحديات جسيمة لجهة أن احتمالات حدوث إصابات تبقى واردة بنسبة كبيرة خاصة. وأردف لذلك كثفت الوزارة عبر إداراتها المتخصصة كالوبائيات والتثقيف الصحي نشاطها في نشر الوعي الصحي عبر توزيع ملصقات ومطبقات لكل المستشفيات والمراكز الصحية للتعريف بالمرض وتفعيل التبليغ الصفري ب 30 مركزاً للتبليغ الفوري بالحالات والتنسيق مع الإرصاد الجوي لمتابعة وتفعيل الإنذار المبكر والعمل على توفير الاحتياجات والإمدادات الطبية والعلاجية والمعملية اللازمة للمراكز المعدة لاستقبال الحالات موضحاً أن وزارته بجانب المراكز الثلاثة بمحليات بورتسودانوسواكن وأوسيف خصصت عنابر بكلٍ من مستشفى الأطفال والنساء والتوليد لاستقبال المصابين بالإجهاد الحراري أو ضربات الشمس من شريحتي النساء والأطفال باعتبار أن أكثر شرائح المجتمع عرضةً للمرض هم الأطفال ،والنساء و كبار السن ، ومرضى القلب و السكري الذين لم يألفوا الأجواء عالية الحرارة والرطوبة. وأوضح بلال أن أبرز مسببات ضربة الشمس هي التعرض لأشعة الشمس المباشرة في درجة حرارة تفوق ال 40 درجة ينتج عنه اختلال في المراكز الحساسة بالمخ ، وبصفة خاصة مركز تنظيم الحرارة Heating Regulating System ، فيعجز عن حفظ الحرارة عند معدلها الطبيعي مما يؤدي إلى الإصابة التي تتمثل أبرز أعراضها في فقدان الشهية و حدوث صداع و دوخة و احمرار الجلد وتوقف العرق و إجهاد في التنفس ، مع ارتفاع ضغط الدم في المرحلة الأولى و ضيق حدقة العين ، مع إعياء شديد ، ثم إغماء وتشنجات عصبية وقال وزير الصحة إن تقديم الإسعافات الأولية للمريض أمر مهم قبل إسعافه إلى المستشفى وأوضح أن أفضل طريقة في الإسعاف هي عمل كمّادات باردة على أطراف المصاب ويمكن استعمال قطعة اسفنج أو قطعة قماش مبللة بالماء البارد لتبريد رأس وأطراف المصاب. ونصح بلال المواطنين بتجنب أشعة الشمس المباشرة وارتداء ملابس قطنية فضفاضة ذات ألوان بيضاء وفاتحة والإكثار من تناول السوائل و عدم الازدحام في أماكن قليلة التهوية والابتعاد عن ارتداء الملابس ذات الألوان الداكنة. وشدد على ضرورة تركيز وسائل الإعلام لبث الوعي الصحي ونشر طرق الوقاية من أمراض ضربات الشمس. ودعا وزير الصحة عبدالرحمن بلال المواطنين بالبحر الأحمر الإسراع في ضرورة التشخيص المبكر لأية حالة يشتبه فيها ونقل المصاب إلى الظل ورش جلد المريض بالماء العادي وأخذه إلى مركز ضربات الشمس بمستشفى بورتسودان أو إلى أقرب مستشفى آخر مشيراً إلى أن العلاج والإقامة مجاناً بالمركز وأشاد وزير الصحة بالخيرين والمؤسسات التي دعمت المركز بأجهزة التبريد والثلج وخلافها. مصادر جوية وفيما أكدت مصادر بالإرصاد الجوي ببورتسودان ل(السوداني) أن درجة الحرارة بلغت أمس 42 درجة والرطوبة 11 درجة وحركة الرياح جنوبية شرقية وشرقية. وأوضحت المصادر أن أعلى درجة حرارة سجلت خلال الأسبوعين الماضيين 48 درجة. ويكشف المواطن طاهر أحمد محمد أنه سبق وأن أصيب الأيام الفائتة بضربة الشمس كادت أن تودي به قال إنه كان يعمل في الشحن والتفريغ بالمخازن وأثناء عمله أحس بدوخة وألم شديد بالرأس ثم أُغمي عليه لفترة من الزمان لكنه استعاد قواه بعد دخوله لمركز ضربات الشمس وتلقيه جرعات علاجية وإخضاعه للتبريد. أشاد طاهر بحجم الجهود التي بذلتها حكومة الولاية في توفير خدمة مجانية. وأضاف أنه توقع أن يطالبه المركز بقيمة العلاج والإقامة لكنه اكتشف أن العلاج مجاناً. وأردف ( الحمد لله في الزمن ده يكون في علاج وعناية وخدمة مجانية ده شغل كبير). هذا وزارت (السوداني) المركز أمس برفقة مدير إدارة الوبائيات بوزارة الصحة وليد محمد عثمان الذي أكد على استعدادهم لما يلزم من عناية طبية بمركز ضربات الشمس ببورتسودان وأشار ل(السوداني) إلى وجود الأطقم الطبية والغرف المعدة لاستقبال المصابين. وأضاف أن المعمل مجهز وثمة عربة إسعاف مجهزة لاستقبال المصابين ونقلهم للمركز مجاناً.