بداية لنا أن نجزل الشكر لبنتنا الطالبة رعاها الله "صفاء جماع الصادق الطيب" التي أبت إلا أن تظهر من ضمن المائة الأوائل في الشهادة السودانية لهذا العام 2012 حيث نالت الرقم مائة 100 بنسبة 94% وهي من منسوبات مدرسة التفوقات للبنات بارتدي... لضم أرتدي.. وارتدي لمن لايعرفها حي من أحياء مدينة دنقلا تقع جنوبالمدينة وهو حي منسي حيث لم يستطع المذيع عند إذاعة النتيجة أن ينطق الاسم صحيحا رغم محاولة البعض من الحضور إصلاح نطقه إلا أنه ظل ينطق الاسم خطأ وذلك يؤكد بأن الحي "حي منسي" حاله حال الولاية الشمالية التي كانت في سنوات سابقات في صدارة الشهادة السودانية إلا أن قدرها وقدر كثير من الولايات أن تكون في الذيل تاركين الصدارة لولاية الخرطوم لتنال كل الشهادة السودانية ورحم الله باقي الولايات فهم لا ينالون من الشهادة السودانية إلا الفتات. نقول.. لقد استحوذت ولاية الخرطوم على النسبة الأعلى في المائة الاوائل والمدارس المتفوقة في معظمها تقع جغرافيا بولاية الخرطوم وهذا في حد ذاته ليس كسبا لولاية الخرطوم بقدر ماهو خلل واضح في العملية التعليمية ولي أن أقول بالصدق إن الخرطوم ما كان لها أن تحرز هذه الصدارة لولا طلاب الأقاليم والولايات فلذلك علينا أن نعيد الفضل الى أهله فمعظم الطلاب الذين شكلوا النسبة الأعلى في التفوق منهم عدد مقدر من طلاب الأقاليم والولايات جاءوا من أجل الامتحان بالخرطوم وقد يكون جلوسهم للامتحان للمرة الثانية أو الثالثة وقد جاءوا للامتحان بالخرطوم بعد أن فقدوا في مدارسهم بالأقاليم كل معينات التعليم التي تساعدهم على النجاح والتفوق فلا أستاذ ونقص في الكتب والمذكرات ونقص في المعامل ونقص في أدوات الإجلاس ومناخ أقل مايمكن أن يوصف به أنه مناخ لا يساعد الطلاب على إحراز نتائج مشرفة ومتقدمة ولهذا وذاك كان وجهتهم صوب الخرطوم وهم في معظمهم من أبناء دارفور وكردفان والشمال والشرق ونيل أبيض ونيل أزرق. نقول.. ماكان لمدارس الخرطوم أن تحرز الصدارة لولا أنها كانت في معظمها تجد تغذيتها من طلاب الاقاليم والذين كانت مدارسهم والى عهد قريب هى صاحبة الصدارة وصاحبة التفوق وكان طلاب الخرطوم وقتها يتجهون إليها وليس ذلك ببعيد فقد كان قبل عقدين من الزمان؛ فقد كانت الصدارة وقتها لحنتوب، خور طقت، والوادي وعطبرة الحكومية وشندي الحكومية والدامر الحكومية ودنقلا الحكومية وكريمة الحكومية ومروي الحكومية ومدني الحكومية وسنار الحكومية وسنجة الحكومية والدمازين والروصيرص الحكومية والفاشر الحكومية ونيالا الحكومية والدلنج الحكومية والابيض الحكومية والدويم الحكومية وكوستي الحكومية وربك الحكومية وبورتسودان الحكومية والقضارف الحكومية وكسلا الحكومية..!!!! والكثير الكثير من المدارس الحكومية التي ارتبطت بالمدن بالاقاليم سواء بغرب البلاد أو شرقها أو شمالها أو وسطها ولنا أن نقول بالصراحة كله ونسأل بداية هذا السؤال المشروع..؟؟ أين المدارس الحكومية الآن..؟؟ بل أين التعليم الحكومي..؟؟ وللإجابة.. نقول لا وجود للمدارس الحكومية ولا وجود للتعليم الحكومي الآن فقد تراجع للوراء وقد كان تراجعه نتيجة السياسة العرجاء التي انتهجتها الدولة في فتح الباب على مصراعيه للتعليم الخاص التجاري وقسمت المدارس الحكومية الى مدارس خمسة نجوم وهي ما يسمى بالمدارس النموذجية وقد استحوذت على كل شيء حتى تكون نموذجا للمدارس ومدارس نجمتين تحسب ضمن المدارس الحكومية ولكنها تفقد كل شيء نتيجة عدم الاهتمام بها وبطلابها وهذه السياسة كانت أكثر ظهورا وانتشارا بولاية الخرطوم وقد يلاحظ الانسان العادي من خلال اللافتات الكثيرة التي ملأت الشوارع الرئيسية والأحياء والتي تشير الى مدرسة فلان الخاصة ومدرسة علان الخاصة ومدارس الاجتهاد الخاصة ومدارس الفلاح الخاصة ومدارس النجاح الخاصة.. وظلت هذه المدارس قبلة للأساتذه والمعلمين الممتازين نسبة للأخذ الذي يأخذونه من إدارات هذه المدارس. هجر الاستاذ والمعلم الممتاز المدارس الحكومية وهو يردد" بلا وجع دماغ" وكذلك كان مصيرها الإهمال في جانب السلطات التعليمية وكان مصيرها عدم التفوق وعدم النجاح وأصبح التفوق والنجاح للأبناء الذين تستطيعون إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة والوجاهات الخاصة أو أولئك الذين تكون وجهتهم المدارس الحكومية فهم في معظمهم أبناء الطبقات الفقيرة وفي معظمهم أبناء لعمال وصغار موظفين وأصحاب أعمال حرة ومجموعة المعاشيين الذين توسعت دائرتهم وزاد عددهم في السنوات الأخيرة من خلال سياسات الحكومية في إلغاء الوظائف وخصخصة الكثير من الهيئات والمصالح والبنوك ومن خلال سياسة الصالح العام التي أصابت الكثير من العاملين بالخدمة المدينة في مقتل..!! ومايعجب له أن أبناء هؤلاء الطبقات كانوا الى عهد قريب هم الأكثر تفوقا وهم الأكثر نبوغا وهم الأكثر نجاحا، وكانت وقتها المدارس الحكومية هي مدارس الصدارة ومدارس النبوغ ومدارس النجاح أما الآن فقد تغير الحال وأصبح كل ماهو حكومي بعيد عن النجاح وأصبح الزمان زمان للخاصة فقط أما العامة فلهم الله فأصبح الزمان زمان المدارس الخاصة وزمان الجامعات الخاصة وزمان المستوصفات الخاصة وزمان المستشفيات الخاصة وزمان الشركات الخاصة التي ملأت واجهات الدكاكين الصغيرة والكبيرة على السواء وبالتالي أصبح أبناء الطبقات الفقيرة لا يشكلون النجاح والتفوق لارتباطهم بالمدارس الحكومية وأصبح النجاح والتفوق قاصرا على أولئك الذين يلحقون بالمدارس الخاصة والمدارس النموذجية...!!! ولا ندري هل سوف تستمر العملية التعليمية ببلادنا تسير على هذا المنوال....؟؟؟ وهل سوف تبقى الصدارة لمدارس الخرطوم فقط..؟ وهل سوف تظل مدارس الاقاليم السنة تلو الأخرى وعقب إجازة كل نتيجة هي في ذيل القائمة وربما بعد حين تتحول تلك المدارس الى متاحف...!!!!؟؟؟؟ نسأل الله أن يعيد الى مدارس الاقاليم مجدها القديم الذي عاشته وأن يجعل أبناءنا في الاقاليم يجدون فرصتهم في الالتحاق بالجامعات بسهولة ويسر وأن لا تقودنا الخصخصة الى أين من هذا.!!؟ نسأل التوفيق وهو القادر على كل شيء والله من وراء القصد.