أصوات (مؤجرة)...أم أحزان حقيقية..؟؟ الخرطوم: السوداني (النواح والسكلي) من العادات السودانية المثيرة للجدل والجدال، وهي جزئية تنتشر بصورة كبيرة في بيوت البكاء والمآتم، حيث اضحت تلك الاصوات الصادرة من داخل بيت العزاء بمثابة إعلان صريح لخبر الوفاة، دون الحاجة لانتظار التقارير الطبية أو تأكيدات كبار العائلة أن فلانا مات... وفي الآونة الاخيرة ومع تداخل مجتمعنا مع العديد من العادات الوافدة، ارتفع الهمس في المدينة أن تلك العادة نفسها باتت غير صادقة في تفاصيلها، حيث يرى كثيرون أن (السكلي) في بيوت العزاء مؤخراً صار مجرد (شكليات)، وصارت بعض النسوة يلجأن لإستئجار (سكالات) وهن مجموعة من النساء اللاتي يمتهن هذه المهنة والتي من ابرز شروطها (تسخين البكاء)، بينما يرى آخرون أن تلك الاحاديث ما هي الا مجرد إجتهادات شخصية لا تمت للواقع بصلة، وبين هذا وذاك كان لابد لنا من البحث عن حقيقة هذا الموضوع...فماذا وجدنا..؟؟ تخلف شديد: فى البداية تحدثت الحاجة بخيتة سعد قائلة: (زمان الواحدة لما يموت ليها زول عزيز كانت بتلبس جلابية الرجال... والنسوان كان بكشحوا الرماد والتراب في رؤوسهم ..وحتى الأقرباء يفعلون نفس الشيء، وكانوا أيضاً يتحزمون ويتماسكون مع بعضهم البعض، ويقومون بوصف المتوفى بصفات متعددة ومن ثم يعلنون الحداد، أما المرأة فترتدي ثياباً خاصة للحداد)..وتضيف الخاجة بخيتة: (السكلي كان شيء اساسي كذلك اما اليوم فلم يعد كذلك..فكثيرون صاروا يعتقدون انه نوع من التخلف الشديد). البموت بفقد روحو: وترى الاستاذة حنان الحاج أن ما يتردد حول تأجير نساء ل(سكالات) يمكن جداً أن يكون شيئا حقيقيا في ظل ما نشاهده من (بوبار) في بيوت البكاء وحنة ومكياج وخلافها، وعدم احترام المكان الذي يكون طابعه الحزن والبساطة، وتضيف: بالرغم من ذلك يبقى الحداد الآن أفضل من السابق حيث يبدأ من الحداد الشرعي وهو ثلاثة أيام (باستثناء زوجة المتوفى)، وصمتت قليلاً قبل أن تضيف: (والله بصراحة البموت الايام دي بفقد روحو بس). اختراق مجتمعي: الباحث الاجتماعي محمد الخليل يؤكد اختلاف العادات السودانية بين الامس واليوم، ويقول إن التغيرات المتعددة التي طرأت على المجتمع السوداني ربما ساهمت بشكل كبير في ذلك. وتحدث الخليل عن بيوت البكاء وقال انها تمثل ملتقى شعبيا للكثيرين، وصارت اليوم من اهم مجمعات الاسر وتواصلها، واضاف أنه لا يستطيع تحديد امكانية استعانة النساء ب(سكالات) من عدمها، لكنه لايستبعد توفر تلك الظاهرة في القريب او البعيد وذلك للاختراق الذي حدث لنسيج المجتمع السوداني.