في الخامس من شهر اغسطس الماضي اي بعد حوالي الاربعين يوما من توليه رئاسة مصر واجه الرئيس محمد مرسي امتحانا وموقفا صعبا ولكنه اجتازه بنجاح تام . وكان هذا الامتحان هو احداث رفح في شبه جزيرة سيناء الذي فقدت فيه مصر سته عشر جنديا من القوات المسلحة لقوا مصرعهم اضافة لسبعة جرحي اخرين من جراء هجوم ارهابي على الموقع الحدودي الذي يحرسونه . ولكن رب ضارة نافعة لانه بعد ثلاثة ايام فقط تكشفت للرئيس مرسي بعض الحقائق والمعلومات الهامة التي كانت خافيه او كانت تخفى عليه . وبعد تشييع جثامين الجنود الشهداء وفي الثامن من اغسطس اصدر الرئيس مرسي قرارات في غاية الاهمية اعفى بموجبها مدير المخابرات العامة (اللواء موافي) . كما تم اعفاء قائد الحرس الجمهوري وقائد الشرطة العسكرية ومحافظ شمال سيناء ومدير امن القاهرة بحجة حجبهم معلومات حادث رفح عنه . وتهويل حجم المظاهرات ضد حكومته اثناء مراسم تشييع الشهداء وطلبوا منه عدم حضور التشييع خوفا على حياته الشئ الذي ادخله في حرج بالغ لان اعلام الدولة الرسمي كان قد اعلن حضور الرئيس للتشييع . ثم واصل الرئيس مرسي قراراته وبعد اربعة ايام من هذه القرارات اي في الثاني عشر من نفس الشهر فجر الرئيس مرسي مفاجاة داوية اذ اصدر قرارا باحالة المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الاعلى ونائبه الفريق اول سامي عنان الى المعاش , وبالتالي يكون المجلس العسكري الاعلى محلولا . كما اصدار قرارا بترقية اللواء عبد الفتاح السيس الى رتبة الفريق اول وتعيينه وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة المصرية وقرارا اخر بترقية اللواء صدقي صبحي الى رتبة الفريق وتعيينه رئيسا للاركان . والحق الرئيس مرسي هذه القرارات بقرار يقضي بالغاء العمل بالاعلان الدستوري الذي اصدره مجلس المشير طنطاوي . وهكذا استفاد الرئيس مرسي الاستفادة القصوى من احداث رفح وعادت اليه جميع صلاحيات رئيس الجمهورية التي كان يفقدها بنص الاعلان الدستوري واصبح ممسكا بجميع السلطات (التنفيذية والتشريعية والتاسيسية) الى حين الفراغ من كتابة الدستور الجديد والموافقة عليه ثم انتخابات مجلس الشعب الجديد . وللمزيد من الاستقرار الداخلي اكمل الرئيس مرسي منظومة المكتب الرئاسي وقام بتعيين الدكتور محمود مكي نائبا لرئيس الجمهورية وتعيين اربعة مساعدين للرئيس بينهم امراة ومسيحي كما عين سبعة عشر مستشارا للرئيس من الاحزاب والقوى السياسية الاخرى , ويبدو ان شهر اغسطس الماضي كان شهر الرئيس مرسي ففيه عادت اليه جميع صلاحياته كرئيس للجمهورية . وفيه تم كسر شوكة الجماعات الارهابية في سيناء وفيه اكتمل المكتب الرئاسي لرئيس الجمهورية وبدأ انضباط الشارع وتمت السيطرة على اعمال البلطجة وبدأت عودة الروح للشرطة المصرية ووزارة الداخلية التي اتضح انها كانت تدار بواسطة المجلس العسكري وكانت لا تدير اي شئ . كما قلت القطوعات الكهربائية من الاحياء السكنية بصورة ملحوظة . وما تم مؤخرا من اصلاحات داخلية اخرى تم بجهد حكومة المهندس هشام قنديل رئيس الوزراء الذي تم تعيينه في بداية شهر اغسطس ايضا . اما خارجيا وفي شهر اغسطس ايضا زار الرئيس مرسي المملكة العربية السعودية لحضور قمة المؤتمر الاسلامي وزار ايران لحضور قمة دول عدم الانحياز كما قام بزيارة مهمة الى جمهورية الصين عملاق الشرق . وهذا مؤشر من الرئيس مرسي للتوجه شرقا للقارة الاسوية لتخفيف الضغوط الامريكية والاوربية على مصر . وقد وقع مرافقو الرئيس مرسي خلال زيارة الصين سبع اتفاقيات تعاون في شتى المجالات , وخلال شهر اغسطس ايضا تلقى الرئيس مرسي دعوة من الادارة الامريكية لزيارة واشنطن خلال الاسبوع الثالث من شهر سبتمبر الحالي , كما تلقى دعوة اخرى لزيارة فرنسا وبلجيكا , وعلى الصعيد الاقتصادي شهد شهر اغسطس وصول الدفعة الاولى من القرض القطري البالغ حجمه (2.5) مليار دولار في شكل وديعة . كما تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لتوقيع اتفاقية يرفع بموجبها الصندوق قرضه لمصر من (2.5) مليار دولار الي (4.8) مليار بفترة سماح ثلاث سنوات وفائدة قدرها واحد بالميه فقط . كما قدمت الصين لمصر خلال زيارة الرئيس مرسي لها حوالي (27) مليون دولار منحة لا ترد وقدمت قرضا ميسرا بحوالي (200) مليون دولار وعدد (300) سيارة منحة للشرطة . وفي شهر اغسطس ايضا تم اكتشاف مياه جوفية في الصحراء الغربية تقدر بجوالي (220) مليون متر مكعب في العام تصلح للاستفادة منها في مجالات الزراعة والشراب . واذا عدنا الى احداث رفح التي تسببت في معظم هذه الاحداث نقول ان من نفذوها جماعات اسلامية جهادية عالمية متطرفة ربما تكون جماعات التكفير والهجرة احد اذرعها ونقول ان منظمة حماس بريئة منها ولم يثبت ضدها شئ . ولا نقول ان اسرائيل هي المستفيدة الاول من عملية رفح لان مصر استفادت ايضا وتلقت معونة عسكرية عاجلة من الولاياتالمتحدة لمكافحة الارهاب . وقامت مصر بزيادة حجم قواتها ومعداتها العسكرية في سيناء بدون استئذان اسرائيل , وربما تكون هذه الخطوة مدخلا لاعادة النظر في امر حجم انتشار القوات المسلحة المصرية على ارض سيناء , اما الخاسر الاكبر من هذه الاحداث هو المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الاعلى لانه لم يسلم السلطة للرئيس المنتخب حسب وعده واصدر الاعلان الدستوري الذي يتيح له ولمجلسه البقاء لفترة اخرى مفتوحة . وعندما وجد الرئيس مرسي فرصة احداث رفح انهي كل شئ . وهكذا فقد المشير طنطاوي فرصة دخول التاريخ وفرصة اللحاق بالمشير سوار الذهب ( السودان) والجنرال ابو سانجو( نيجيريا) والمقدم طيار جيري رولنز (غانا) الذين اوفوا بوعدهم وسلموا السلطة طواعية لمن جاء بعدهم عن طريق الانتخابات . اما الرئيس مرسي سوف يشهد له التاريخ بانه اول رئيس مدني يقود انقلابا ضد سلطة عسكرية اعلى منه وهذا يعود لقوة شخصيته ولتمرس حزبه في العمل السياسي . الملحق العسكري الاسبق في اثيوبيا