ظلت تلك العبارة (العقد الأسطوري) راسخة لعدد كبير من المواطنين ل(العقد الأسطوري) لمدير الأسواق المالية الذي أثار جدلاً كبيراً في ذلك الوقت نسبة للأرقام الفلكية التي جاءت في تفاصيل ذلك العقد أثارت دهشة الرأي العام وهنا يعتذر القارىء الكريم من الذين تربطهم خبرة ودراية بالخدمة المدنية من ارتفاع ضغطهم من تفاصيل ذلك العقد الجديد ومخصصاته. ساقني لتلك المقدمة لعقد وقع في ولاية الجزيرة ويعتبر عقد أسطوري باعتبار أن ذلك العقد يفوق مخصصات الدستوريين بالولاية وهذا العقد تم إبرامه قبل أكثر من عامين وظل محل الكتمان والسرية وهو عقد خاص بمدير ديوان شئون الخدمة بالولاية تم توقيعه في 25/2/2010م لمدة عامين وينتهي سريان التعاقد في يناير 2012م حيث جاء المرتب والمخصصات لأكثر من ستة ألف جنيه شهرياً مما أثار ذلك العقد جدلاً في وسط الرأي العام بولاية الجزيرة طيلة الفترة الماضية والكل كان يبحث عن تفاصيل ذلك العقد والذي ظل حديث الأدراج والخزائن إلا أنه قد ظهر على السطح في الأيام الماضية بعد أن تم إعفاء مدير ديوان شئون الخدمة، وظلت ولاية الجزيرة الأولى في التعاقدات الشخصية حيث ظل يجيء في تقرير المراجع العام للحسابات الختامية لحكومة ولاية الجزيرة وظلت دوماً ترد عبارة ونصها كالآتي: (هنالك عدد من التعاقدات الشخصية ومخصصاتها مختلفة أبرمت مع بعض الأشخاص لشغل وظائف تنفيذية عادية كان يمكن أن تشغل من داخل الوحدة أو الترقي بالرقم من المبررات التي صيغت إلا أن المراجعة ترى هذه التعاقدات تخالف المادة «24/أ» والمادة «27» من لائحة الخدمة، كما أنها تترك أثراً سالباً بين الموظفين، وتلك المخالفات وردت أكثر من مرة إلا أن حكومة الجزيرة ظلت تتجاهل توصية المراجع وظلت العقود ترتفع من 19 – 22 – 32 تتراوح قيمتها من 3 – 6 مليون جنيه في الشهر بينما مرتب الدستوري في الولاية 5.300 جنيه وأن عقد مدير عام ديوان شئون الخدمة أوضح المفارقة العجيبة والغريبة حيث أن مدير ديوان شئون الخدمة السابق الذي تقاعد للمعاش في نهاية عام 2009م والذي عمل موظفاً وتدرج حتى وصل درجة المدير كان يتقاضى 2.000 جنيه في الشهر حتى بلوغه سن نهاية الخدمة وأن ذلك المدير الجديد الذي تم التعاقد معه كان عمره يفوق ال60 عاماً، وجاء ذلك عندما أصدر والي الجزيرة قرار رقم (2) لسنة 2010م بتاريخ 7/1/2010م والخاص بتعيين مدير ديوان شئون الخدمة بالولاية وعندما أرادت جهات الاختصاص تنفيذ ذلك القرار وتعيينه وجدوا استحالة تعيينه نسبة لخالفتهم سن مدخل الخدمة مما جعل حكومة الجزيرة أن تقوم بإجراء ذلك العقد بدل قرار التعيين في تلك الوظيفة حيث ظل يشغلها بالتعاقد وكانت مخصصاتهم (راتب شهري قدره: 2 ألف جنيه)، والسكن الحكومي مجاناً أو بدل سكن لا يتجاوز ال1000 جنيه وسيارة بمخصصاتها، وقيمة علاج له وعائلته داخل السودان 500 جنيه شهرياً وعلاج للخارج حسب اللوائح والأسس المعمول بها ويمنح بدل لبس ما يعادل مرتب ثلاثة أشهر كل عام (أي ستة ألف جنيه سنوياً ملابس) ويمنح تذاكر سفر داخلية له ولثلاثة من أفراد عائلته على الخطوط الجوية السودانية ويمنح تذاكر سفر للخارج وثلاثة من أفراد أسرته كل عامين حسب اللوائح والمنشورات المالية ما يعادل شاغلي الدرجة الأولى خاصة يمنح بدل مأمورية داخل الولاية حسب اللوائح والأسس أو ما يعادل الدرجة الأولى خاصة ومبلغ وقدره: 200 جنيه شهرياً مصاريف اتصال ويمنح مهام اجتماعية لا تتجاوز 1000 جنيه شهرياً ويستحق إجازة سنوية 30 يوماً بمخصصاتها وبديل نقدي مرتب ثلاثة أشهر للإجازة السنوية (أي ما يعادل ستة ألف جنيه سنوياً ومكافأة نهاية الخدمة ما يعادل مرتب ثلاثة أشهر عند انتهاء العقد)، وكان بالفعل قد استلم من مالية الجزيرة مبلغ وقدره: 27 ألف جنيه عبارة عن قيمة نهاية العقد وقيمة التذاكر، وتم التوقيع على هذا العقد بأثر رجعي أي من تاريخ القرار مما يعتبر مخالفة، ورغم توصيات ديوان المراجع العام في العقود وجاء قرار مجلس تشريعي ولاية الجزيرة الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية ورقابية بالولاية حيث أصدر قراراً استناداً على تقرير المراجع العام تم بموجبه عدم تجديد أي عقد جديد ينتهي سريانه وعدم توقيع عقود جديدة، وعجباً أن تقوم الدنيا لأن وزير المالية قد استدرك الأمر وأصلح ما قد فسد.. فعملية الإصلاح تأتي في ظرف عصيب تمر به البلاد – وعجباً أن تطارد الصحافة التي تكشف الحقائق وتصلح ما قد إعوج فإن تصلح خير أن تتمادى في الخطأ، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.