أحد المحامين في جمهورية مصر العربية قرر أن يعبر عن استيائه حول موضوع «ما» وأن يظهر إحتجاجه بشكل عملي يلفت إليه النظر ويجعل أمره مشهوراً. وفكر ذلك الأستاذ المحامي في أفضل الطرق التي تمكنه من أن يغطي أكبر مساحة إعلامية في أقصر فترة زمنية... واستعرض الإمكانات المتاحة له للتظاهر عن طريق الهتاف وحمل اللافتات والصياح واللطم على الخدود والإعتصام والإضراب والشجب والإدانة عبر المنشورات التي يمكن توزيعها على «الغاشي والماشي» ولكنه كان يفاجأ بأن القانون يمنع المواطنين من التعبير عن آرائهم المعادية للحكومة بشكل صريح بل أن القانون يعاقب ويردع ويضرب ويبطش بكل من «تسول له نفسه» أو «تحدثه روحو» بأن يعكر صفو الحكومة فإن الحكومة سوف «تعكر...» وهذا ما قاله الرئيس القائد جعفر محمد نميري ذات مرة عندما كان زعلان جداً وكثيراً ما كان يزعل... وفي مرة أخرى قال «الناس القاعدين يقطعوا في الحكومة ديل، وقايلين الحكومة ما جايبة خبر، نحن والله جايبين خبر ومستعدين نجيب خبر أي زول يفتح خشموا ضد الحكومة». وطبعاً معروف ماذا تعني جملة «نجيب خبر أي زول» فهي معناها أنه سوف لن يرى النور مرة أخرى أو على رأي المصريين «الدبان الأزرق مش حيعرف له مطرح»... وبالطبع فإن أخونا المحامي المصري كان يحترم القانون وقبل كل ذلك كان يخاف من الحكومة ويخاف من المنتسبين إلى الحكومة من ناس الحزب «الوطني» أو من الذين يدعون أنهم «بتوع» الوطني مع أنهم «تحت تحت» ما هم إلا غواصات «للحزب الوطني» بتاع الحكومة المصرية وطبعاً أنا لا أقصد «منتسبو المؤتمر الوطني بتاعنا» بل أكرر الحزب الوطني المصري... يا جماعة خليكم شاهدين!! المهم المحامي فكر وقدر ثم فكر وقدر وتوكل على الحي الذي لا يموت و «ملص» ملابسه كلها وقعد «بدون هدوم» أمام القصر... ولم يتكلم ولم يحدث أحداً... وشيئاً شيئاً تبعه آخرون وإزداد العدد... وبالطبع فإن ناس «البوليس» لم يتركوه بل تمت المداهمة وانتصرت «قواتهم» انتصاراً ساحقاً وحققت برنامج إخلاء المنطقة من هؤلاء «العرايا». والتساؤل الذي قد يدور بالذهن عندنا هو ترى كم سيكون عدد «المنطلقين عرايا» لأن لديهم مشاكل لم يتم الإستجابة لها... وبالطبع فإنهم سيعاقبون مرتين، مرة لأنهم تظاهروا والمرة الثانية تحت قانون أمن المجتمع لأنهم انطلقوا عريانين تحت المادة 5782491 من المادة (ب) في خدش الحياء العام....