عنوان هذا الموضوع مكون من ثلاث كلمات باللغة الإنجليزية وهي «ون مان شو» وتعني عرض الرجل الواحد أو مسرح الرجل الواحد ، وغني عن التعريف أن هنالك نوعاً من الروائح العطرية يحمل نفس الإسم . ولعل الجملة باللغة العربية تحمل معاني «الإنفراد» سواء أكان هذا الإنفراد بالقرار الإقتصادي أو السياسي أو كل أنواع التسلط والإملاء فيما يهم حياة الناس وكسب عيشهم. والرجل الذي تتمثل فيه ظاهرة ال«ون مان شو» قد يكون وزيراً أو مديراً أو مسؤولاً عن أي موقع، وقد يتبلور عنده الإحساس الإستعراضي وتمثيل دور صاحب الرأي الآحادي فقط لأن الآخرين لم يتمكنوا من كبح جماحه أو إنهم صبروا حتى إستفحل أمره وصعب إيقافه عند حد المعقول. وتقول الأخبار المنقولة إن الرئيس نميري كان من أفضل الممثلين في «مسرح الرجل الواحد»، فكان الوزراء جميعهم ينتظرون إشارته أو إيماءاته عند مناقشة أي موضوع يتم طرحه. ولذلك كان معظم المرؤوسين يميلون إلى الإنتظار حتى يفرغ المسؤول الكبير من كل تعليق له على أي موضوع يتم طرحه، ثم بعد ذلك يتحسسون إتجاهات آراء المسؤول ليكون صوتهم مؤيداً لصوته. وتقول الأوساط إن بعض المسؤولين قد تنداح دائرة تأثيرهم على مساحات تخترق وتغطي بعض إختصاصات الآخرين، وهي الأُخرى تطبيق علمي لنظرية ال«ون مان شو» ومن المعتقد أن تمثيليات ال«ون مان شو» ماهي إلا تقليد أعمى للشخصية ذات «الكاريزما» والحضور المكثف، حيث توزعت إبداعاتها على عدد كبير من القدامى والقادمين والمقلدين للأدوار الصعبة ممن هم في حقيقة الأمر يمثلون كومبارس في حضرة «سيد الممثلين». ومن المعروف أن الطبائع والتقاليد يتم توريها بين الآباء وأبنائهم مثلمنا أن الممارسات وحتى الطقوس الدينية قد يتم نقلها بالوراثة حيناً وبالتقليد أحياناً .. لكن ظاهرة ال«ون مان شو» المكتسبة من «الشيخ» ستكون كالأشباح العائدة من مقبرة التقليد الممل.. وسيكون «تحريك الأيادي» و«الإيماءات» وإطلاق الإبتسامات في غير مكانها مسخاً مشوهاً وصورة زائفة للأصل «الغائب» ولن يكون وارداً أن يرث المقلدون شيوخهم ولو حرصوا. وخلاصة الأمر أن مسرح الرجل الواحد لن يستطيع القيام به غير الممثل الذي اشتهر بأدائه وصار حاذقاً لمفرداته، وحفظ كل تفاصيل السيناريو والحوار فيه، وجعل الممثلين الآخرين يدورون حوله وصار هو «يدور حول نفسه» حتى أصاب الجميع الدوار وصاروا أقرب إلى أن يصابوا بالطمام و«الدوشة» قبل أن يقع الجميع مغشياً عليهم من «الدوران» بينما «الشيخ» ينظر إليهم مبتسماً بطريقته المميزة..