أقر المجلس الوطني تدابير إجراءات لوزارة المالية، تقضي برفع كفاءة التحصيل، وتوسيع المظلة الضريبية، إضافة إلى إصلاحات جديدة، رغم رفض بعض نواب البرلمان لفرض ضرائب جديدة، في ظل الضائقة المعيشية التي تمر بها البلاد، وتمسك النواب - خلال مداولاتهم أمس بشأن خطاب وزارة المالية، لأداء الموازنة، للربع الأول من العام الحالي - برفضهم القاطع لرفع الدعم عن المواد البترولية، في وقت شدد فيه وزير المالية، علي محمود، على ضرورة اتخاذ إجراءات بديلة، لسد العجز في الموازنة، وضمان انسياب وتوفير السلع الإستراتيجية، لتغطية الطلب المحلي، معلنا إلغاء الرسوم على الصادرات، بغية زيادة العائدات. وأكد محمود بأن المخزون الإستراتيجي يكفي حتى نهاية العام، مطمئناً - وفي ذات الوقت موضحاً - أنه تم الإيفاء بالتزامات تحويلات الولايات في مواعيدها بنسبة 100%، رغم الفجوة الكبيرة في الإيرادات، لعدم تحصيل رسوم العبور، لكنه عاد واعترف بأن وزارته تتباطأ أحياناً في سداد التزامات الوحدات الحكومية، بقوله:(ولا ننفي تهمة التسكع والتلكع في السداد). وفي موازاة ذلك، حذر برلمانيون - أثناء جلسة الأمس - من مغبة اتساع دائرة تجنيب الإيرادات بالمؤسسات الحكومية، وطالبوا بسن قانون يقضي بمنع الظاهرة، علاوة على ضبط سعر الصرف، وخفض الإنفاق الحكومي، ورأى العضو علي أبرسي، أن زيادة الضرائب، ورفع الدعم عن المحروقات، لا يعالجان المشكلة، وقال - مخاطباً وزير المالية:(عليكم بالمعالجة، ونحن أمام مفترق طرق، والشعب لا يستحق منكم هذا)، فيما دعت العضو سعاد الفاتح إلى نشل المواطن من معاناة الضائقة المعيشية، وعبرت عن خشيتها من أن تضيع الإنقاذ والحكومة حال انفجار الشعب، وطرح العضو صلاح عبدالله «قوش» خيارين أمام الدولة لا ثالث لهما - علي حد وصفه - للخروج من الأزمة الاقتصادية، إما بفتح الاستثمار، أو تعبئة الشعب لمواجهة التآمر والاستهداف، وهذا الأخير قال فيه:(علينا أن نستعد للسير فيه)، ونبه - على صعيد متصل - العضو قريب حماد، بأن هناك «شللية تتحكم في السوق، أثرت في سعر الصرف، داعياً وزارة المالية إلى وضع تدابير للحد من ارتفاع الأسعار، بدلاً عن رفع الدعم عن الوقود، حيث قال:(شوف تدابير أخرى غير رفع الدعم)، ومن ناحيته كشف وزير المالية عن عدم استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي منذ بداية العام الجاري، والذي ظهر في ارتفاع معدل التضخم بواقع 21% في الربع الأول للعام 2012م، إلى جانب انخفاض قيمة العملة الوطنية، حيث بلغت الفجوة ما بين السعر الرسمي والموازي حوالي 55.5%، وذلك نتيجة لنشاط المضاربة في سوق النقد الأجنبي، وأبدى الوزير ترحيبه بمقترح توزيع السكر «بالبطاقة التموينية»، لافتاً النظر إلى أن مؤشرات الاقتصاد تشير إلى بوادر اختلال واضح، وقال إن المستجدات والمتغيرات الداخلية والخارجية أسهمت فيه بشكل مباشر، سيما على الصعيدين الأمني والاقتصادي، مما يتطلب إجراء معالجات استباقية عاجلة، من أجل ضمان تحقيق البرنامج الثلاثي، مبيناً أن وزارته نفذت جملة من السياسات والإجراءات لمواجهة التحديات، ضمنها الحد من عملية تجنيب الإيرادات، ومن فرض أية رسوم غير مقننة، واستيعاب برنامج للإصلاح المستمر للتعرفة الجمركية، وإعادة جدولة بعض الديون، لتخفيف الضغط على الموازنة العامة، ريثما يتحسن الموقف المالي. وكان البرلمان قد أجاز - في جلسة خطاب الوزارة بشأن أداء الموازنة للربع الأول من العام الحالي - تقرير أداء الوزارة.