لا أُخفي إعجابي بدول الخليج العربي فقد حباها الله سبحانه وتعالى بثروات بترولية هائلة تجعل من متوسط دخل الفرد فيها هو الأعلى في العالم بسبب قلة السكان وضخامة عائدات النفط التي تقدر بالمليارات شهرياً لقد عانى أجدادهم من رهق الحياة حيث كانوا يغوصون تلك بحثاً عن لقمة العيش محفوفة بالمخاطر فمنهم من تبلعه أمواج المحيطات فلا يعود لأهله أبداً لقد تفجرت ثرواتهم البترولية منذ فترة ثلاثينيات القرن الماضي في السعودية وقد أعلنت تلك الدويلات الصغيرة إستقلالها عن بريطانيا في بدايات السيتينيات والسبعينيات من القرن الماضي بعد تحررها من تلك المعاهدات التي وقفتها مع بريطانيا فقد أرادت بريطانيا بسبب موقع تلك «المشيخات» المهم ان تربطها بسياساتها لذا فقد الزمت بريطانيا دول الخليج العربي بإتباع سياسات خارجية ترتبط بسياسات بريطانيا الخارجية مع اطلاق يد هؤلاء الشيوخ في سياساتهم الداخلية وقد كانت بريطانيا تقدم الدعم السنوي لهؤلاء الشيوخ حتى يرتبطوا بسياساتها مع استقلال تلك الإمارات وتفجّر ثروات النفط فقد تغير الحال وأصبحت صحراء دبي هي جنة الله على أرضه وتم بناء ناطحات السحاب ليس في نيويورك ولكن في الصحراء الغربية وصارت دبي مقصد أثرياء العالم وبأن ميناءها البحري يتفوق على ميناء هونج كونج الدولي. في إمارات الخليج يخدم كل «مواطن» ما لا يقل عن خمسة من الوافدين جاءوا من جنسيات متعددة من دول شرق آسيا وأصبح عدد الوافدين أضعاف أضعاف عدد المواطنين، وقد أثر ذلك في ثقافة الخليجيين ولغتهم فقد تم إستخدام لغة «مستحدثة» فيما بينهم وهؤلاء هم خليط من العربية والهندية والإنجليزية تلك لغة لا يفهمها الا سكان الخليج تماماً مثل «عربي جوبا» والذي يتخاطب به الجنوبيون فيما بينهم، ولولا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم لتمحورت تلك العربية عندهم وأصبحت لغة أُخرى لها مصطلحاتها وقواعدها لكن القرآن الكريم حفظ اللغة العربية من الزوال. بجانب كثرة أعداء الوافدين في الدول الخليجية ثمة ظاهرة أُخرى تتمثل في كثرة أعداد السيارات عندهم اذ تتفوق على أعداد السكان «مواطنين ووافدين» إذ أن لكل فرد في الأسرة الخليجية حتى الصغار سيارته الخاصة الجديدة «آخر موديل» أما السيارات القديمة فإنها تُخال الى من يعملون معهم من الوافدين لإستخدامها في المشاوير التي تخص الأسرة الخليجية أو يتم بيعها لشركات السيارات التي تقبلها كمقدم مدفوع لسيارة جديدة آخر موديل ليتم تأهيل تلك السيارات وبيعها للوافدين الذين يفرحون بتلك السيارات والتي تعتبر آخر موديل في بلدانهم فالخليجي لا يركب إلا سيارة جديدة أو مضى على موديلها عامين على أكثر تقدير وينطبق ذلك على كل مخترعات التكنولوجيا الحديثة كالتلفزيونات والساعات والغسالات والموبايلات....الخ تضع حكومات دول الخليخج احتياطيات أموالها الضخمة في بنوك اوروبا وامريكا وهي احتياطيات مهولة احسبها «أموال مجمّدة» إذ لن تسمح حكومات تلك الدول بسحب هذه الأموال إذ أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى إنهيار تلك البنوك بسبب تهديدات صدام حسين حاكم العراق السابق لتلك الدول الصغيرة بإبتلاعها فقد ارتميت تلك الدويلات في احضان «ماما أمريكا» والتي لن تتردد في «هضمها» في الوقت. وما أن إنتهى خطر صدام حسين حتي ظهر خطر آخر يتمثل في أطماع إيران في تلك الدول الغنية فإيران تصر على تسميه الخليج العربي «بالفارسي» وبتلك الإمارات الصغيرة أعداد مقدرة من الشيعة خاصة البحرين التي تضم أغلبية شيعية لحكمها أُسرة سنية. وبسبب تأثير امريكا على تلك الدول فقد تراجع دورها سلباً في تأييد الفلسطينيين وأصبح حكام تلك الإمارات يميلون الى تأييد اسرائيل بل ويخافون من إيران «النووية» أكثر من خوفهم من ترسانة اسرائيل النووية والتي يمكن ان تحيل كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج الى أرض محروقة خالية من السكان والحيوان والنبات يجتمع قادة هذه الدول كل عام في إحدى عواصمهم ولا يخرجون بشىء ملموس فالمواضيع والقضايا المشتركة تُناقش كل عام ويؤجل إتخاذ القرار فيها إلى الإجتماع المقبل.. لماذا لا يجتمع قادة هذه الدول ولو مرة واحدة مع حكام مصر والسودان والجزائر ولبنان وسوريا بعد تحريرها لإقامة مشاريع مشتركة مع تلك الدول الغنية بإمكانياتها الضخمة من ثروات طبيعية وإمكانيات بشرية متقدمة لتعود ملياراتهم بالفائدة والنفع لهم بدلاً من تركها مجمدة في درجة مادون الصفر تعاني من الصقيع القاتل والضياع في أوروبا وامريكا.. لماذا لا تلجأ تلك الدول الخليجية الى تدريب أبنائها وبناتها تدريباً عسكرياً شاقاً حتى يمكن الإعتماد عليهم في الدفاع عن أوطانهم بدلاً من الإحتماء في أحضان «ماما أمريكا» والتي لن تحميهم وتدافع عنهم بل تحمي وتدافع عن مصالحها ومصالح ربيبتها اسرائيل..