لم يكن حسين خضر عبدالله يملك قوت يومه في ذلكم الصباح وهو يسير نحو عمله ليعود بما يستطيع أن يسد به رمق أسرته، وبرغم علمي بظروفه الا أنني لا اسميه فقيرا لأن الموقف يدل على غنى كبير ، وقناعة بالنفس لا تحدها حدود. وحسين الذي يتقاضي مرتب بسيط من وزارة العدل التي يعمل سائقا ، يعطينا درسا عن الأمانة ربما تعلمه من أسرته التي تسكن سنار.. أو ربما تشبّع به من تفاصيل قناعات شخصية موقنة في الله -جل وعلا -وايمان به وبتعاليمه . وأصل الحكاية.. أن السائق البسيط وجد بطاقة تعبئة رصيد تابعة لاحدى الشركات على الأرض ، والبطاقة التي يبدوأن صاحبها فقدها أو سقطت منه سهوا في زحمة السوق العربي، قبل أن يكشط شريط أرقام التعبئة تنتظر فقط هاتف لتمده بفئة مالية يستطيع من خلالها التواصل مع من يريد. والبطاقة وجدها حسين، وبكل هدوء وثقة ودون تردد أو التفات بعد أن تأكد أنها غير مكشوطة ذهب الى أول رجل شرطة قابله وحدثه بأمر البطاقة. الشرطي وجهه أنّ السبيل الوحيد لاعادة البطاقة هو وضعها في أقرب بنك ثواب أو عمل خير. وللمرة الثانية حسين لم يتردد وغادر برفقة الشرطي ليضعا المبلغ في.... ولن أفصح عن المكان حتى لا أضيع أجر السائق. وبغض النظر عن قيمة البطاقة فإن القيمة الحقيقية تكمن في معادلة ظرف السائق الحياتي وحوجته مقابل أمانته وإيمانه ، وسائق وزارة العدل البسيط أرسى أولى أساسيات العدل وهو يضرب مثلاً لكل المنتمين لهذه الوزارة في الأمانة والصدق وأخلاق السودانيين. بكل هدوء شكرًا لحسين ، ولسنار ، ولأخلاق البلد.