[email protected] وأنا أتجول في سوق مطرح في العاصمة العمانية مسقط استوقفني محل لبيع الطواقي أعجبتني أحداها فقد كانت بديعة الصنع يبدو أن من صنعتها قد بذلت فيها مجهوداً جباراً في حياكتها باليد كان سعر هذه الطاقية فقط ثلاثين ريالاً عمانياً هذا المبلغ يساوي 002 ريال سعودي أي ما يعادل 5 آلاف جنيه. الآن اندثرت هذه الحرفة فقد غزت الطواقي الصينية الصنع اسواقنا وهي زهيدة الثمن. مع إندثار مهنة صناعة الطواقي والمناديل المطرزة التي كانت تقوم بها الفتيات برزت مهنة جديدة وهي تبادل لبس الطواقي فأنت تأخذ طاقية زيد لتضعها في رأس عمرو فهذا يأخذ طاقية هذا ليضعها في رأس هذا وهكذا فأنت تكتشف أنك تلبس طاقية غيرك وغيرك يلبس طاقية غيره وانت تفقد في هذه العملية طاقيتك ولا تدري بالضبط من يلبسها ويمكن في مثل هذا السوق أن تفقد رأسك وليس طاقيتك. إنها عملية تبادل لبس الطواقي التي أصبح البعض يجيدها ويتكسب منها لكن هذه العملية محفوفة بالمخاطر فقد ترمي بك في الحبس الى حين السداد. ٭ سائقو الدرداقات والركشات: أصبحت الجامعات الحكومية والخاصة تقوم بتخريج الآلاف دون أن يجدوا العمل المناسب لمؤهلاتهم بات الباعة المتجولون من حملة المؤهلات العلمية بل أنك تجد العطالة بين خريجي كليات الطب رغم حوجة البلد الماسة لخدماتهم لا اتصور طالب تصرف عليه أسرته لفترة 61 عاماً أو تزيد حتى تخرجه من الجامعة ثم تظل تصرف عليه بعد تخرجه. يضطر هذا الخريج في نهاية المطاف أن يعمل في درداقة أو ركشة بدلاً من جلوسه تحت ظل شجرة إنها مهن جديدة لخريجي الجامعات أخشى في نهاية الأمر أن يكون لها إمتحان شفوي وتحريري لإختيار الناجحين من هؤلاء الخريجين لمزاولتها ولا عزاء لمن لم يسعدهم الحظ في الإختيار لماذا لا تعدل الجامعات من برامجها وفقاً لاحتياجات سوق العمل؟ ٭ السماسرة طردت جبايات الحكومة والمحليات التجار من مزاولة أعمالهم فهم يدفعون إيجار العقار - الضرائب - الزكاة - الرخصة - العتب - رسوم النفايات - الدفاع المدني وأية رسوم أخرى الكل هنا يطالب بحقه وفوراً، وجد التجار أنهم يفقدون أموالهم بسبب تلك الجبايات المتعددة مع كساد السوق ومع متطلبات الحياة التي لاترحم.. هكذا خرج التجار من السوق وتركوا عملية البيع والشراء واتجهوا للسمسرة فأنت هنا تسمسر في كل شيء مقابل أي شيء ولا تخسر شيء كما أن الجبايات بمختلف مسمياتها لا تعرف عنك شيء . ٭ أمراء الحج: يؤدي الآلاف فريضة الحج كل عام أغلب هؤلاء الحجيج يدفع لهم أولادهم من المغتربين تكلفة رسوم الحج من النادر أن تجد حاجاً يقيم في السودان باستطاعته تدبير رسوم الحج التي تزيد كل عام أصبحت الوزارات المختلفة تتكسب من الحاج فأنت تدفع لوزارة الداخلية ما لا طاقة لك به لاستخراج أوراقك الثبوتية كما تدفع لوزارة الصحة وللشؤون الدينية التي تفرض عليك الاتاوات لسفر كادر مترهل من الداريين وأمراء الحج وهم يؤدون الشعيرة مجاناً بل وتدفع لهم الوزارة مكافآت بالريال السعودي ولعشرات السنين كل عام كل ذلك من جيب الحاج المسكين والمغلوب على أمره هل يعتبر هذا الحج من وجهة النظر الدينية مقبولاً أن تأخذ وزارة الشؤون الدينية من أموال الغلابة للحج بها غيرهم وكل عام إنه احتكار جديد أشبه باحتكار السلطة والثروة ويأخذ بعداً دينياً لماذا لاتقوم وزارة الشؤون الدينية في برامجها وكتاباتها والمساجد المنتشرة في جميع البلاد بتبصير الناس بمناسك الحج؟ أم أن الأمر هنا هو أشبه بالكهانة أو اللغة الهيروغليفية يتم إحتكارها ويتكسب من ورائها فئة قليلة من الناس من أجل المزيد من جمع الأموال والثراء على حساب الحجاج.