[email protected] لماذا نظل أسرى للماضي باعتبار أنه يمثل العصر الذهبي لحياتنا، فالمواطن العادي يرى أن نظام عبود أفضل من فترة حكم النميري، وأن نظام نميري أفضل من الإنقاذ وأن الانقاذ ستكون أفضل مما سيأتي في رحم الغيب.. هل إشادتنا بالماضي وتقديسه هو تعبير عن يأسنا من الحاضر والمستقبل؟!. يمثل الجانب الاقتصادي المعادلة الصعبة في نظام الإنقاذ لا يمكن إنكار انجازات تمت ومشاريع زراعية ضخمة قامت في فترات مختلفة كمشروع الجزيرة والمناقل - الرهد - حلفاالجديدة - مشاريع النيل الأبيض الزراعية.. الخ.. صناعة السكر والنسيج، السدود التي قامت، تعلية خزان الروصيرص، سد مروي، مشاريع رصف الطرق، وإقامة الكباري، وربط القطر بشبكة طرق مسفلتة شمالاً وغرباً وشرقاً.. لكن رغم تلك المشاريع العملاقة إلا أن التضخم والغلاء يسحقان المواطن فلا يشعر بأثر تلك المشروعات على حياته.. في بداية عهد الانقاذ انعدمت السلع تماماً فلم يكن باستطاعة المواطن الحصول عليها.. الآن تتوفر السلع في الاسواق ولكن المواطن يتفرج عليها إذ أن إمكانياته المادية لا تسمح له بشراء الكثير من السلع المعروضة في الاسواق لإرتفاع أسعارها مقارنة بدخله المتواضع.. شمل التدهور المرافق الخدمية الحكومية في مجال التعليم والصحة وغيرها مما دفع بالمواطن بالاتجاه الى المدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة والتي تدهورت خدماتها أيضاً رغم الرسوم العالية التي تفرضها على متلقي تلك الخدمات.. تتبنى الحكومة سياسة (تحرير الأسعار) التي تعتمد على آلية السوق في العرض والطلب فتحافظ الأسعار على ثباتها.. ولكنها تزيد إذا قلّ العرض وزاد الطلب.. ولكن الحكومة وقعت في فخ التضخم وإرتفاع أسعار الدولار مما أدى الى إرتفاع أسعار السلع بصورة جنونية فأصبح المواطن غير قادر حتى على تلبية إحتياجاته الضرورية. رغم ذلك فإن تدخل الحكومة في تحديد الاسعار يعني الدخول في دوامة السوق السوداء كما كان يحدث سابقاً.. ارتفعت أعداد الجامعات الحكومية والخاصة وأصبح خريجو الجامعات بالآلاف ولكن دون وجود فرص عمل لهم، صاحب هذا الكم الهائل في أعداد الخرجين تدهور في مستوياتهم مع هجرة الأساتذة الى الخارج. انتشر الفقر بصورة كبيرة وشهدت العاصمة هجرات من الولايات بمعدلات عالية.. وما لم تتبنى الحكومة سياسة تنمية متوازنه تعطي أهمية خاصة للأطراف فإن الهجرة الى العاصمة لن تتوقف ما لم يمتد ظل التنمية الزراعية والصناعة والخدمات للأطراف. تذخر البلاد بإمكانيات هائلة من أراضي زراعية - ثروة مائية- بترول - معادن - ثروة حيوانية - وسمكية - غابية.. كوادر مؤهلة تهرب للخارج.. خريجو كليات الزراعة يبحثون عن العمل وتتسول الحكومة لاستثمار أراضيها وتضيع ملايين الأفدنة من هؤلاء الخريجين وكان يمكن بمساعدة الحكومة أن يقوموا بزراعتها.. تعطل الجهوية إنطلاقة إقامة المزيد من السدود بحجة المحافظة على أراضي الجدود وتضيع فرص تغير حياة هؤلاء الرافضين للأحسن. تحتاج الإنقاذ الى (روح جديدة) للإستفادةمن كل الإمكانيات الموجودة بالبلاد فهل تملك الإنقاذ تلك الروح للدفع بعجلة التنمية الإقتصادية والإجتماعية بالبلاد أم أن الصراع السياسي على السلطة سيعطل مسيرة التنمية الى الأمام رغم مرور حوالي ربع قرن من حكم الإنقاذ؟!.