[email protected] للكاتب الفرنسي جان جاك روسو أحد فلاسفة الثورة الفرنسية نظرية مشهورة في نشأة الحكومة ضمنها في كتابه (العقد الإجتماعي) فهو يرى أن الناس كانوا أحراراً في بداية حياتهم لا تقيدهم أية سلطة، لكنهم إختاروا بمحض إرادتهم أن يتنازلوا عن جزء من حريتهم لحكومة يختارونها مقابل أن تقوم هذه الحكومة بتوفير الحماية لهم، فهناك (عقد إجتماعي) بين الحكومة والشعب يتم تفويضها للحكم بموجب هذا العقد فالشعب هو الذي يختار الحكومة بإرادته ويمكنها أن تذهب أيضاً وبإرادته. اعتبرت هذه النظرية ثورة فكرية في حينما إذ كان ملوك أوروبا يستمدون سلطاتهم مما كان يعرف (بالحق الإلهي للملوك) وفقاً لمعتقداتهم، فالملك هو ظل الله على الأرض سلطات مطلقة وهو يختلف عن الشعب لديه تفويض الهي للحكم لا يعارضه أحد ولا يناقشه أحد فهو خليفة الله في الأرض. عندما قامت الثورة الفرنسية (9871) في القرن الثامن عشر فإن الشعب الفرنسي قد تأثر بأفكار كتاب وأدباء عرفوا في التاريخ وبفلاسفة الثورة أمثال فولتير - روسو - ومونتسكيو أول من تحدث عن فصل السلطات في الدولة، فالحاكم في كتابه الشهير (روح القوانين) لديه فقط السلطة التنفيذية وتشاركه فيها الحكومة بوزرائها، أما السلطة التشريعية فهي سلطة نواب الشعب وللقضاء السلطة القضائية المستقلة عن سلطة الملك. ونحن في القرن الحادي والعشرين لا زلنا نتخبط في نظريات الحكم فما حسمه الشعب الفرنسي قبل ثلاث قرون لا زال يثير لدينا الكثير من الجدل ففي العالم الثالث لازال رؤساء الجمهورية (يكبرون كيمانهم) فهم يسعون وفق دستور تعرضه الطغمة الحاكمة على الشعب إعطاء الرئيس سلطات فوق العادة تذكرنا بملوك فرنسا ولويس الرابع عشر الذي قال (أنا الدولة - والدولة أنا) نحن في العالم الثالث لازلنا نعيش ويعيش حكامنا بعقلية القرن الثامن عشر بل والسادس عشر نعاني من رؤسائنا الآن مثلما كان يعاني الفرنسيون قبل ثلاثة قرون من ملوكهم، صحيح أن بعض هؤلاء الروساء يأتي بعضهم عن طريق (الإنتخابات) ولكنها معروف سلفاً نتيجتها تشرف عليها وزارات الداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات والتي تستطيع ويمكنها أن تجعل من (الفسيخ شربات) في بريطانيا مثلاً حكمت رئيسة الوزراء (مارجريت تاتشر) الملقبة (بالمرأة الحديدية) لثلاث دورات لأن حزبها حزب المحافظين حاز على الأغلبية والتي تمكنه من حكم البلاد ورغم أن تاتشر حققت نصراً عسكرياً على الارجنتين في حرب جزر الفوكلاند إلا أن ذلك لم يشفع لها فجاءت الانتخابات الأخيرة في غير صالح حزبها فتكونت حكومة جديدة من حزب العمال، فالشعب البريطاني هو الذي يختار حكومته وما على الملكة سوى الموافقة على إرادة البريطانيين في إختيار حكومتهم، فالملكة عندهم تملك ولاتحكم هي رمز للتاج البريطاني توقع على القوانين التي تجيزها الحكومة دون أن يكون لديها إعتراض ما على تلك القوانين. في دول العالم الثالث لاتوجد آلية حرة لإختيار الرؤساء منهم يأتون عن طريق الانقلابات العسكرية أو عن طريق (الديمقراطيات الشكلية) التي تأتي بهم الى السلطة ولعشرات السنين لا يحول بينهم والحكم إلا الموت أو الثورات العنيفة التي تندلع في بلدانهم عندما تضيق الشعوب بهم وبأخطائهم وبفسادهم وفساد أحزابهم وأقاربهم هذه الثورات العنيفة تقضي على الأخضر واليابس يضطر الرؤساء حينها الى الفرار بجلدهم من شعوبهم ومن يتمتع من هؤلاء الرؤساء بالغباء الشديد فإنه يفقد حياته أو يفقد حريته بعد أن يتم القبض عليه ليعيش في السجن بقية عمره.