ظاهرة إجتماعية جديدة بدأت تطل برأسها فى مجتمعنا هذه الأيام ، وهى وقوف الأهل الى جانب أبناءهم حتى وإن كانوا على خطأ ومحاولتهم التستر على هذه الأخطاء مما ينتج عن ذلك توهم الأبناء بأنهم على صواب رغم أن الخطأ فى معظم الأحيان يكون بيناً ، والأخطر من ذلك أن هذه الظاهرة قضت تماماً على مفهوم الأسرة الممتدة وهى تعاون الجميع فى التربية وتقويم الأبناء وبفعل الظروف الإقتصادية صارت كل أسرة تعيش بمفردها ولم يعد للأقارب سلطة التدخل فى تقويم الخطأ لأن معظم الأسر تحاول التستر على أخطاء ابنائها وإظهارهم فى أحسن صورة عملاً بمبدأ ( انا لا اكذب ولكن اتجمل ) وهذا التجمل فى حقيقة الأمر مجرد كذبة كبيرة يطلقها الكبار ويصدقها الصغار . مادعانى لهذا القول العديد من المواقف التى تمر بنا يومياً يحاول فيها الكبار أن يزينو أخطاء أبناءهم ويرفعون من شأنهم دون محاسبتهم مما يجعل هؤلاء الأبناء فوق مستوى المحاسبة او النقد وبالتالى لايسمحون لأى شخص بالتدخل فى حياتهم وتقديم النصح لهم .. لذلك أصبح الأعمام والعمات والخيلان والخالات مجرد ديكور فى الأسرة او( تممومة جرتق ) كما يقولون وأصبحوا فى موقف المتفرج بحيث لا يستطيع احدهم ان يقول ( البغلة فى الإبريق ) والذى يتجرأ و ( يفتح خشمو ) يوصف بأنه حاسد او حاقد او أنه لايفهم شيئاً . ومما يزيد الأمر سوءاً إنحياز الأسرة لأبناءها دون معرفة حجم الخطأ والنتائج المترتبة عليه ، فهناك أخطاء لايتجاوز ضررها مرتكبوها الى غيرهم ، وهناك اخطاء تمتد آثارها الى الغير بحيث يمكن أن تتسبب فى قطيعة بين الأسر ، وامامى عدة نماذج لقطيعة وقعت بين أسر لم يكن يخطر ببالهم أن تحدث بينهم فى يوم من الأيام مجرد مناقشة ناهيك عن القطيعة ، لأنهم نشأوا فى بيت .. رضعوا من ذات الثدى وشربوا من إناء واحد واكلوا فى صحن واحد .. لكن جاء ابناء اللفية الثانية ليضربوا بالقيم النبيلة والأخلاق الفاضلة والعادات والتقاليد عرض الحائط لتصبح لغتهم هى السائدة وقراراتهم هى الصائبة ، اصبح جيل الإنترنت والفيس بوك سبباً فى العديد من الخلافات الأسرية . والسؤال الذى أطرحه ويطرح نفسه لماذا ينصاع الكبار لقرارت الصغار ، رغم أن العكس هو الذى يجب أن يكون .. هل للظروف الإقتصادية دخل فى ذلك .. فالمعروف أن ( من لايملك قوته لايملك قراره ) وهذا الجيل بالتأكيد يملك المقومات الإقتصادية وبالتالى يملك قراره .. لكن أين إحترام الكبار وخبراتهم .. أين قيم ديننا الحنيف وامثالنا السودانية الأصلية التى تربينا على احترام الكبير ورأيه ( الماعندو كبيريشتريلو كبير)، إن فقدنا ترابطنا الأسرى فكيف سنحافظ على نسيجنا الإجتماعى .. كيف سنحافظ على ماتبقى من السودان ، إن الجيل الحالى تأثر كثيراً بمخرجات العولمة وأخشى أنه صار فاقداً للهوية .. والكبار تقع المسؤلية ( فكلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته ) يجب أن يقوم الكبار بدورهم كاملاً تجاه أبنائهم يشجعونهم عند المصاعب ويثنون عليهم عند النجاح ويوبخونهم عند الخطأ ، يجب أن يواجهوا بأخطائهم مهما عظمت ويجب أن يحاسبو عليها حتى لايكررونها مرة أخرى ، فليس العيب أن نخطئ ولكن العيب أن نستمر فى الخطأ . نبض الورد عندما ينفرط العقد تصعب إعادته