الجميع يعرف أن الحسد من الأمراض النفسية التي يعاني منها كثير من الناس بالمجتمعات، فمنه تتولد العداوة فهو سبب كل قطيعة ومنتج كل وحشة وقاطع كل رحم بين الأقرباء، يكمن في الصدر كمون النار في الحجر والحسد أول خطيئة ظهرت في السموات وأول معصية حديث في الأرض، فعصى ربه فقال «خلقتني من نار وخلقته من طين» فلعنه وجعله ابليساً وأما في الأرض فأبناء آدم حيث قتل أحدهما أخاه فعصى ربه بالحسد «طوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين». الحسد أسرع في الدين من النار في الحطب اليابس ، وما أتى المحسود من حاسد إلا من قبل فضل الله عنده ونعمه عليه، قال تعالى:( أم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله فقد أتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكاً عظيماً) والحسد عقيد الكفر وحليف الباطل ضد الحق فقد ذم الله أهل الكتاب به فقال (ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم) ويعرف عن نابليون كان ذو نظرة حسد ثاقبة فقد عرف عنه انه إذا ثبت نظره على خصمه يسبب له متاعب كبيرة وإذا نظر بنظرته الحاسدة إلى شئ حطم ذلك الشئ ، ولم يكن بياض عينيه ابيضاً بل كان لوناً صفراوياً وقال تعالى (ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله شئ إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وانه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون). ولقد قال المفسرون إن الحاجة التي كانت في نفس يعقوب انه خاف على أولاده من العين أن دخلوا من باب واحد وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «العين حق ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فأغسلوا» رواه مسلم. إن الحاسد هو الذي تشتد محنته لإزالة نعمة الغير إليه ولا يألو جهداً في ذلك، ولو تمكن من ذلك بالحيل أو إنزال التنكيل ورسم صورة باهتة أو نقل الأقاويل وتزيف الحقائق ثم تكسير المجاديف وهو يعتبر من أشد أمراض القلوب قال تعالى( حسداً من عند أنفسهم) فالحاسد عدو نفسه وهو الذي يخسر في الدنيا فقد قال أهل العلم إن الحاسد يشعل ناراً لا يكتوي إلا هو أنظر حولك ستجد الأغلبيه حسادك، قال صلى الله عليه وسلم «إياكم والحسد فان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب» فالمجتمع اليوم أصبح يحتاج لعملية إسعاف من أراد الاصلاح فيه زجر وتكالب عليه القريب والبعيد ، ومن فسق وكذب نال الرضا والإستحسان وانهالت عليه التبريكات نحن في زمن استحل بعضاً من الناس الحرام منهم من يضحك على البسطاء ويبيعهم السلعة بأضعاف ثمنها ومن يبيح الرشوة، ويقول إنها لابد منها للوصول إلى مصلحتي ومن يتاجر بالمخدرات ومن يخدع في الكيل ويسرق في الميزان حتى سائقي بعض الحافلات والكماسرة يأكلون أموال الناس بالباطل، يستغفلون الناس ولا يسترجعون ما تبقى من الباقي، ومنهم من يذهب إلى بيت الله مأكله حرام وغزي بالحرام، أي زمان هذا الذي نحن فيه إن اسأت فانك أكرم الناس وأحسنهم مودة وأقربهم هيبة، تمكن الشيطان من الناس فشغلهم بالدنيا عن الدين وهداهم إلى عذاب السعير فأستعن بالله وأسأله الرزق الحلال الطيب وحسن الختام. إلا أن الصلاة على الرسول شفاء للقلوب من الغليل فصل عليه إن الله يصلي عليه ولا تكون بالبخيل والله المستعان