[email protected] *الحديث عن الفقر دائماً ما يتحول من مشكلة اجتماعية الى أجندة سياسية تستخدمها الاحزاب السياسية والمؤسسات ضد الحكومات في كل دول العالم حتى أن بعض دول العالم الكبرى والدائنين في نادي باريس شككوا (سياسيا) في استرتيجية السودان لمكافحة الفقر حتى يكون عقبة في طريق إعفاء ديون السودان، حيث أن صندوق النقد اشترط تطبيق استراتيجية دائمة لمكافحة الفقر كشرط لإعفاء ديون السودان المتزايدة والتي وصلت الى 46 مليار دولار ستفقر الأجيال الحالية والقادمة إن لم تحل. *سعت الدولة لعمل استراتيجية لمكافحة الفقر وبعد أن شرعت الجهات المختصة في العام 2004م في وضع هذه الاستراتيجية اصطدمت بعدم وجود مسوحات توضح حجم الفقر، فكان أن رفضت هذه الاستراتيجية على كل الاصعدة بسبب غياب المسوحات للبيانات الأساسية للسكان، حيث تأخر هذا الاجراء لمدة خمس سنوات كاملة الى أن تم المسح السكاني لمعرفة خط الفقر في السودان في العام 2009م وهو بالمناسبة أول استبيان من نوعه منذ 30 عاماً، إذ أن آخر مسح تم في العام 1978 ورغم أنه جرى قبل انفصال الجنوب إلاّ أنه حدّد نسبة الفقر في الشمال ب46 % من المواطنين تحت خط الفقر (والشمال) مقصود به السودان الحالي إذ جرى مسح موازي بالجنوب وطبعاً هذه النسبة مرشحة للزياده في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية . ٭ عموماً خط الفقر مصطلح عالمي محدد بمقدرة الأسرة أو الفرد على توفير دولار واحد في اليوم والقياس الذي تم في العام 2009 كان سعر الدولار 3,80 جنيه، وهذا يعني أن أي شخص لايملك هذا المبلغ يعتبر تحت خط الفقر وهذا يقود لسؤال مباشر كم تبلغ النسبة الآن في ظل المتغيرات الاقتصادية وصعود سعر الدولار الى حوالي 8 جنيهات في السوق الموازي، الاجابه على هذا السؤال سيحددها مسح البيانات الذي سينطلق في مايو من العام 2015م عن طريق مشروع بناء القدرات في مجال خفض الفقر والحكم الرشيد التابع لوزارة المالية بالتعاون مع الجهاز المركزي للاحصاء، ويستمر هذا المسح لمدة عام كامل ربما لمزيد من التجويد وإعطاء بيانات أكثر واقعية عن مسح 2009م الذي يتشكك البعض في نتائجه لكنها معتمدة من قبل الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي وكل المؤسسات الاقليمة التي تقدم مشاريعها وبرامجها في السودان على هذا الاساس. *بالإضافه للجزئية المرتبطة بإعفاء ديون السودان بعد وضع برامج لمكافحة الفقر نجد أن مسح البيانات الأساسية للسكان وقياس معدل الفقر يحدد للدولة بصورة قاطعة المؤشرات المهمة لوضع برامج مناسبة لمكافحة الفقر على المستوى القصير والطويل، فمثلاً المسوحات الأخيرة أوضحت أن العاصمة الخرطوم هي الأقل نسبة فقر 26 %، وجاءت جنوب دارفور في المركز الاخير لولايات السودان الأكثر فقراً فضلاً عن العديد من المعلومات التفصلية الاخرى لمختلف الانشطة والتفاصيل موجودة في مجلدين باللغة العربية والانجليزية بوزارة المالية. *المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية الكبيرة التي شهدتها البلاد في السنوات الاخير من انفصال الجنوب وتأثيرات الحرب على الوضع الاجتماعي، بالإضافة للمتغير الابرز ، الوضع الاقتصادي تحتم على المسؤولين في الدولة عمل مسح آخر ستبدأ الاستعدادت له مبكراً من خلال ورشة تعقد السبت القادم بقاعة الصداقه لمناقشة كيفية إجراء المسح القادم وتقيم المسح الأخير في 2009م بما يمثل خارطة طريق شاملة للأسس التي سيتم على ضوئها إجراء المسح السكاني للبيانات الأساسية للأسر في 2015م بما يمكن الدولة من وضع خطط مناسبة لمكافحة الفقر، والمهم في الموضوع هو الشفافية المطلقة لأن البيانات تستخدم للأجيال القادمة حتى لو تغيرت الحكومة، لأن تنفيذ مثل هذه المشاريع يحتاج لميزانية ضخمة لا تقدر عليها دولة كالسودان دون دعم مالي من المؤسسات الاقليمة والدولية ذات الصلة .