بينما تنهمك عضوية حزب المؤتمر الوطني الحاكم في بناء تنظيم لها في المملكة المتحدة قبل سنوات قليلة، كانت الحرب تستعر في دارفور، وأعداد كبيرة من أبناء الإقليم قد حصلوا على لجوء سياسي في بريطانيا، وشكلوا جبهة معارضة وصفها المراقبون ب(الشرسة) والقوية هناك، تكتل معهم بعض من قدامى المعارضين اليساريين من بقية أقاليم السودان، كانت عضوية المؤتمر الوطني تخطط لإعلان فرعية الحزب في المملكة المتحدة تزامنا مع زيارة مسؤول سوداني رفيع هو نائب رئيس الحزب ومساعد رئيس الجمهورية آنذاك د. نافع علي نافع، وفي ذات الوقت تتهيأ المعارضة باستقبال حافل للضيف الفخيم، ولكن سارعت صحيفة (عرب تايمز) بنقل أخبار تفيد أن المعارضة السودانية في بريطانيا تسعى إلى ملاحقة مسؤولين زائرين قضائياً، وقالت الصحيفة: «سارعت منظمات سودانية معارضة تتخذ من بريطانيا مقرا لها إلى اتخاذ بعض الإجراءات القانونية لتحريك دعوى قضائية عاجلة في مواجهة قيادات حكومية تزور لندن بتهم انتهاكات حقوق الإنسان»، إلى ذلك شهد المقر الذي يعقد فيه المؤتمر التأسيسي لفرع الحزب في لندن مسيرة لمجموعات من أفراد الجالية للاحتجاج على عقد المؤتمر وللمطالبة بإلقاء القبض على المسؤولين السودانيين المشاركين، وحسب (عرب تايمز) وزعت مجموعات المعارضة السودانية بيانا انتقدت فيه بشدة النظام الحاكم في السودان، ووقع على البيان ممثلو 15 حزبا ومنظمة مدنية سودانية من بينها أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي والأمة وحركة العدل والمساواة والمؤتمر الشعبي ورابطة أبناء دارفور ومؤسسة المجتمع المدني والتجمع النقابي وتنظيم أسر شهداء رمضان، واتحاد أبناء دارفور في المملكة المتحدة وأيرلندا، والمؤتمر القومي للمرأة السودانية والمشروع المدني السوداني والمجموعة السودانية لحقوق المرأة ومنظمة أمهات السلام ومجموعة قانونيي دارفور والتحالف الديمقراطي السوداني. وصل د. نافع العاصمة البريطانية وبينما يلقي محاضرة في مقر السفارة السودانية، حاول «قاسم الطيب» وهو شاب سوداني معارض قذفه بكرسي وعبارات غاضبة ضد النظام، وتكرر ذات المشهد مع الشاعر التجاني حاج موسى عند زيارته إلى (لندن) بسبب قصيدة ألفها على خلفية أحداث أم درمان في العام 2008م، وصف فيها متمردي حركة العدل والمساواة ب (المرتزقة)، وعند زيارته إلى بريطانيا تعرض للضرب المبرح من قبل شباب حانقين من إقليم دارفور. إضافة إلى القضية الشهيرة التي هزت أرجاء المملكة المتحدة وانتقلت إلى السودان، وتتعلق بفتاة تعمل بمنزل الصحفي والدبلوماسي بسفارة السودان في بريطانيا عبد المحمود نورالدائم الكرنكي، اتهمه معارض سوداني شهير باسترقاقها، مما آثار ضجة كبيرة اهتمت بها أوساط حقوقية بريطانية. ومن الملاحظ أن معارضي بريطانيا لهم السبق دائما في كل الأحداث السياسية السودانية، فهم أول جالية سودانية في الخارج تسير تظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي، وإكثر من أيدوا وساندوا أحداث سبتمبر الماضي، وأول من دعوا إلى تكوين جبهة معارضة خارجية واسعة النطاق في أوروبا. أحد الناشطين في بريطانيا أكد أن الجالية السودانية هناك تقدر بحوالي 45 ألف فرد من أشرس الجاليات في اوروبا، وأن ناشطيها أكثر تنظيما ودراية، ولهم منافذ معلومات كبيرة ونافذة، حيث يمتلكون قوائم رصد لكل ما يجري في السودان عامة وخاصة، إضافة إلى أن الجيل الثاني منهم بدأوا في التغلغل في الحياة العامة البريطانية وتحدث الإنجليزية- لغة أم- والتسلل إلى منابر السلطة عبر المنظمات الشبابية محاولين تشكيل الرأي العام البريطاني وفقا لرؤية المعارضة السودانية هناك، بينما تمثل الحركات الدارفورية الأغلبية في الآونة الأخيرة، ويعدّ كثير من المعارضين بريطانيا متكأ وملجأ لهم. قالت الصحفية السودانية المقيمة في بريطانيا هنادي عثمان في إفادتها ل (الوطن): الجالية السودانية في بريطانيا تعدّ من أكبر الجاليات في أوروبا ويتمركز المعارضون في مدينة لندن نظرا لكثافة الجالية هناك وهذا بالإضافة إلى اهتمام كافة السودانيين هنا بما يجري في السودان، ورغم كثافة الجالية إلا أنها مترابطة جدا خاصة في تبادل المعلومات، فما أن تصل معلومة عن عزم مسؤول حكومي زيارة لندن، ينتشر الخبر انتشارا واسعا في كل الأطياف السياسية في أقصر مدة، وتعدّ الجالية السودانية الأكثر شراسة نسبة لوجود المعارضين بكثافة بمختلف توجهاتهم وأحزابهم وحركاتهم وكذلك التنسيق فيما بينهم في كافة الأمور التي تحدث في السودان، أي هنا في لندن يوجد تحالف سياسي كبير يحوي في داخله كافة التنظيمات السياسية والحركات المسلحة ويجتمعون وينظمون أنفسهم تجاه كل ما يحدث في السودان بتنظيم التظاهرات المناوئة للنظام وإقامة الندوات لتبصير الجالية تجاه كل ما يحدث في السودان، وأيضا توصيل القضية إلى الجهات الرسمية الحكومية والمنظمات الفاعلة أيضا والمهتمة بالشأن السوداني؛ لذلك يعدّ أي مسؤول حكومي زائر هدفا بالنسبة لهم.