توصلت بعثة الآثار السويسرية بالتعاون مع هيئة الآثار السودانية لاكتشاف مدينة أثرية كاملة في شمال السودان بنيت على طراز معماري متفرد لا يوجد له مثيل في حضارات حوض النيل التي تم اكتشافها من قبل. وقال رئيس فريق التنقيب عن آثار كرمة بروفيسور شارلي بوني، في تصريح لوكالة السودان للأنباء، إن المدينة تقع في منطقة "دوكي غيل" على بعد كيلو متر واحد من منطقة الدفوفة الأثرية وكانت عاصمة لمملكة كرمة النوبية، فقد بلغت مساحة القصر في هذه المدينة 50×55 متراً، وهو الأكبر بين جميع القصور التي اكتشفها في مناطق الآثار النوبية وله بابان ضخمان وشيِّد على أكثر من 500 عمود ويوجد بداخله مقعدان يعتقد أنهما للملك والملكة. أسلوب معماري مختلف وأضاف أن أهمية هذا الاكتشاف تكمن في أن الاكتشافات السابقة كانت أشبه بالأسلوب المعماري الفرعوني الذي يعتمد على المثلثات والمربعات، أما مدينة دوكي غيل فقد ظهر فيها الأسلوب النوبي الدائري لأول مرة، حيث تبقت آثاره واضحة في المعابد النوبية التي لم يحطمها الجيش الفرعوني الغازي خوفاً من الآلهة النوبية بينما قام بتدمير القصور فظهرت هذه الفوارق جنباً إلى جنب لأول مرة. وعبر بروفيسور بوني عن سعادته بهذا الاكتشاف قائلاً "هذا الاكتشاف أسعدني كثيراً فقد كنت أسعى لفهم الحضارة النوبية السودانية كحضارة أصيلة، لكنها لم تجد ترويجاً مثل الحضارة الفرعونية في مصر". يشار إلى أن البروفيسور بوني سويسري الجنسية قضى قرابة خمسين عاماً في التنقيب عن آثار الحضارة النوبية بالسودان ويعود له الفضل في العثور على أدلة واضحة على وجود حضارة أصيلة في كرمة وجميع معروضات متحف حضارة كرمة الذي افتتحه الرئيس البشير عام 2008 من ثمار اكتشافاته.