اندثرت الكثير من طقوس الزواج عند الحلفاويين في السودان بعد انتقالهم من منطقتهم القديمة التي غمرتها مياه السد العالي في ستينيات القرن الماضي، ولم تعد "سيرة العريس" حالياً تقصد النهر أولاً قبل الذهاب لاستلام العروس. وانتهى أيضاً ما يسمونه بلغتهم النوبية "الهاليس" وهو عبارة عن ديوان كبير يبنى أو يصان خصيصاً للعادة. ومن العادات التي انتهت بفعل المياه أن أهل العروس كانوا يستضيفون العريس وأصحابه وجيرانه وذويه لسبعة أيام متتالية يقومون خلالها بتقديم الخدمات من فطور وعشاء مع ليالٍ مستمرة من الطرب ينظمها شبان وشابات المنطقة. وبدل عادة "الهاليس"، انضم الحلفاويون إلى زواج المدن التقليدي القائم على ما يسمى بشهر العسل، على غير ما كان سابقاً إذ يجهز لهما مكان خاص يحتضنهما ويلم شملهما وسط فرحة كبيرة من الأهل. عادات لا تزال سائدة لكن مع ذلك كله، احتفظ الحلفاويون ببعض العادات القديمة التي ما زالوا يتبعونها في موطنهم الجديد بشرق البلاد. وتبدأ رحلة الزواج هناك بإعلان خطبة الصبي عندما يبلغ الحادية عشرة من عمره، فتقوم أسرته بالتقدم لأهل الطفلة التي لم يتجاوز سنها السبع أو الثماني سنوات حتى تكون زوجاً له في المستقبل. وتعد الفتاة عندهم خطاً أحمر لا يمكن أن يقترب منها آخر لطلب يدها أو إقامة علاقة حب معها، وينشأ العريس والعروس في قرية واحدة وتنتهي رحلة لهوهم وهم أطفال إلى الزواج. وتنطلق أولى محطات الزواج بسد المال وهو احتفال صغير يقام عند تقديم المهر، و"الشيلا"، والأخيرة عادة سودانية عبارة عن ملابس يقدمها العريس هدية لعروسه لتكون بعدها في كامل زينتها. زيت هندي بأرجل العريس وفي الخطوة التالية تقام حنة للعريس وسط حضور كثيف من أقاربه وقلة من أهل العروس، تقوم خلالها الفتيات حالياً والنساء في السابق بوضع زيت هندي في أرجل العريس ويديه ومن ثم الحنة بصورة ذات طقوس معينة. وتبدأ بعد ذلك مباشرة مسيرة الغناء والطرب حتى صباح اليوم التالي. ومن عادات الحلفاويين في الرقص أن يصطف النساء بجانب والرجال في جانب آخر في شكل متواز ويبدأ كل منهم في التمايل إلى الأمام والخلف حيث تكون المسافة بينهما متباعدة. وبعد الانتهاء من الرقص تقوم النساء بطقوس عادة "الجرتق" التي تنتشر عند كثير من القبائل في السودان بوضع المحلب والصندل والزيت على رأس العريس بعدها يتكالب شباب الحي على لمس رأسه وتحسس الزيت وشمه على اعتقاد أن ذلك يسهل لهم إكمال نصف دينهم. حفل جرتق العروسين " الأغنية الحلفاوية كانت في السابق لا تعرف الآلات الموسيقية الحديثة، وكان الاعتماد فقط على الطار وهو آلة سودانية مصنوعة من الجلد مقرونة بالمدائح النبوية "وتنتقل مراسم الزواج بعد ذلك إلى بيت العروس حيث يقام الحفل الكبير هناك. وبعد نهاية الحفل مباشرة يتجمع الحضور في جرتق العروسين معاً وأثناء ذلك يتم توزيع الحلوى ورش الحضور بأي عطر سوداني لنشر الفرحة وسطهم. وتنتهي العادة بوداع العريس والعروس اللذين يكونان في العادة متأهبين للسفر لإحدى المدن، وفي الغالب إلى الخرطوم أو إلى خارج السودان. وفي السابق كانت الأغنية الحلفاوية لا تعرف الآلات الموسيقية الحديثة، وكان الاعتماد فقط على "الطار"، وهو آلة سودانية مصنوعة من الجلد مقرونة بالمدائح النبوية. غير أنها في الآونة الأخيرة وجدت قبولاً في المنطقة من قبل الشباب، الأمر الذي قابله بعض أعيان المنطقة بنوع من الاستهجان.