شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    ضربات جوية مُوجعة في 5 مناطق بدارفور    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقدم فواصل من الرقص الهستيري على أنغام أغنية الظار السودانية (البخور طلقو لي لولا) وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية ترقص وتتمايل داخل سيارتها على أنغام الفنان الراحل ود الأمين: (وداعاً يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الدوري الخيار الامثل    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين (حنين) و(قارفي) والطريق الطويل نحو الحرية والتحرر (الحلقة الأولى)
نشر في الصيحة يوم 27 - 05 - 2022


نحن مَن سنحرر أنفسنا من العبودية الفكرية
لأنه في الوقت الذي يسعى فيه البعض
لتحرير الأجساد..
نحن فقط مَن نحرر عقولنا..
(ماركوس قارفي)
ليست هناك شخصية في التاريخ الحديث تركت أثراً عميقاً في نضالات الأفارقة في الدياسبورا أو في القارة الأم مثلما فعل ماركوس قارفي أحد آباء الأفريكانية المفوهين. تأثيره يمتد في عُمق جذور نضالات السود بأمريكا في القرن الماضي ويتمثل في تنظيمات مثل أمة الإسلام وحركة الحقوق المدنية وفي شخصيات مثل مالكوم اكس ولويس فاراكان ومارتن لوثر كينج وغيرهم. كذلك امتدّ تأثير قارفي الى داخل القارة الأفريقية وترك أثره في شخصيات مثل نامدي ازيكيوي رئيس وزراء نيجيريا الأسبق وباتريس لوممبا رئيس وزراء الكنغو وكوامي نكروما رئيس غانا وقد حاول الأخير النأي بنفسه من أفكاره لاحقا، بسبب الهجوم الإعلامي وحملات الاغتيال الشخصي الهائلة التي وجهت الى قارفي رئيس حركة تطوير الزنوج (يونيا). ولعله لا يوجد شخص أو تنظيم تعرّض لما تعرّضت له الحركة القارفية من استهداف منظم من الدولة الأمريكية العميقة ووكالتها الأمنية، ذلك الاستهداف المنظم تركز على شخص المؤسس قارفي، الذي سجن ونُفي الى موطنه جامايكا. لكن الإرث الذي تركه سيظل خالداً في سفر التاريخ والنضال الأفريقي للتحرر من الاستعمار الأجنبي.
ماركوس قارفي أو موسى الأسود الذي كان يناضل من أجل تحرير السود من أمريكا أرض العبودية وإعادتهم الى أفريقيا، كان يؤمن أن التحرير الجسدي لابد أن يبدأ بالتحرر الفكري والاقتصادي والاعتزاز والفخر بالذات الأفريقية، ولذا عمل في بدايات القرن الماضي في صحيفة (الآفريكان تايمز) التي كان يرأسها ويصدرها من لندن أحد آباء الآفريكانية السوداني الأصل الذي تجاهله وأسقطه التاريخ السوداني والأفريقي جهلاً أو عمداً (محمد علي دوسة). لاحقاً أصدر قارفي صحيفة (عالم الزنوج) التي كانت تصدر في أمريكا وتوزع في أنحاء العالم، بتوزيع يبلغ 200 ألف نسخة أسبوعياً، وكانت مهتمة بنشر أفكار القومية الأفريقية وقضاياها، مثل النضال ضد الاستعمار الغربي وتحرير الأفارقة من الاستعمار العقلي، والفخر بالذات والتاريخ الأفريقي المجيد، ووحدة القارة الأفريقية وعودة أفارقة الشتات الى القارة والنهضة الاقتصادية والسياسية للأفارقة. وقد لجأت السلطات الاستعمارية في عدة دول الى حظرها من الدخول في مُستعمراتها مثلما فعلت السُّلطات البريطانية في كينيا، وحذت بلجيكا حذوها، بل جعلت عقوبة الإعدام لمن يتجرأ على امتلاك وتوزيع وقراءة الصحيفة.
خطورة قارفي أنه لم يكتف بالتنظير والتفكير، بل قارن ذلك بالعمل والتطبيق مثل (حنين) بالضبط. وذلك ما فطنت له الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية، فعمدت الى زرع الخونة من أبناء جلدته السود حوله، فكان أقرب الناس إليه مثل سائقه الخاص وغيره هم من تجسّسوا عليه وقدموا الشهادات والوثائق التي أدت الى سجنه في قضية (خطوط النجم الأسود البحرية) والتي كان يهدف من ورائها الى تنفيذ مشروع العودة الى أفريقيا عبر الأطلنطي.
الخيانة التي تعرض لها قارفي ظلت قضية مهمة عبر عنها الراستافاريون اتباع حركة الراستافاري في كثيرٍ من أغنياتهم وكللوا صاحبها بالعار والفضيحة.
وقد أشار إليها بوب مارلي في أغنية (أشياء كثيرة تقال) في ألبوم (الخروج – اكسودوس) حين يقول:
لن ننسى أبداً
كيف أنهم باعوا ماركوس قارفي
من أجل حفنة من الرز..
في التراث الجامايكي الأفريقي يدمغ الشخص الخائن لقضيته باسم (باك أو وايا) كوصمة عار، فلذا باتت هي الاسم والنموذج للخائن أو الخونة الذي باعوا قارفي بثمن بخس، مثلما تغنى بذلك (بيرنينق سبير) الرمح الملتهب حين قال:-
أين (باك او وايا) الخائن الذي خان ماركوس قارفي
حيث لا مكان له في الوجود..
بل إن تابي دايموند قائد فرقة (ذا مايتي دايموندز) الذي اُغتيل في جامايكا أواخر شهر مارس الماضي، ذهب أبعد من هذا ودعا لهم بالهلاك بالنار.. حيث يقول:
إنهم يبغضون ماركوس قارفي
كانوا يبغضونه الى حد خيانته..
إخوته هم من خانوه وباعوه..
من أجل حفنة من الرز والفاصوليا..
إن الخونة من أمثال (باك أو وايا)
يجب أن يُهلكوا في النار..
الدولة العميقة في أمريكا شنّت حرباً ضروساً على قارفي الذي جُوبه بهجوم ضار حتى من رموز سوداء مثل (دبليو إي دي بواس)، الذي قاد مع قيادات أخرى من (المنظمة الوطنية لتطوير الملونين) حملة ترحيل قارفي من الولايات المتحدة الأمريكية، وحرضت الحكومة الأمريكية على القيام بهذه الخطوة.
أياً ما كان فقد رحل الرجل الى موطنه جامايكا عبر مؤامرة شاركت فيها جهات كثيرة، ضمّت سوداً وبيضاً وملونين من عليّة القوم وأدناهم شأناً من بينهم أولئك الذين كان يقاتل من أجل تغيير حياتهم نحو الأفضل.
وقد غادر قارفي جامايكا الى لندن التي توفي فيها معدماً، مقهوراً، وحيداً ومديوناً، وذلك بعد سنوات عديدة من النضال الثوري في منظمة تطوير الزنوج، بعضوية يقال إنها بلغت 6 ملايين شخص، ونجحت في حملة واحدة من جمع مليون دولار أمريكي في ذلك الوقت، وأقامت شركات ومؤسسات لتوظيف السُّود وتحسين مُستوياتهم المعيشية.
اندثرت الحركة القارفية برحيل المؤسس لكن أفكار ومفاهيم قارفي ظلّت مؤثرة في قيادات حركات التحرُّر والنضال في أفريقيا ودول الشتات، وفي حركات البعث والنهضة والعودة الى أفريقيا والجذور الأفريقية، ووحدة أفريقيا، التي تُوِّجت بتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية والتي تحوّلت فيما بعد لتصبح الاتحاد الأفريقي تحقيقاً لرؤى وأفكار قارفي والذي لا يقف تأثيره عند هذا الحد، بل إن تأثير الحركة القارفية امتدّ ليضع حجر الأساس لغالب الإعلام الأفريقية، فهي التي اخترعت علم البان افريكانيزم أو حركة عموم أفريقيا الذي يتكوّن من اللون الأحمر والأسود والأخضر، وذلك في رد على الأغنية العنصرية (كل الأعراق لديها علم ما عدا الكوونز- السود). حتى الدول الأفريقية التي استخدمت ألوان عَلم إثيوبيا في أعلامها كان ذلك بتأثير مباشر من أفكار ماركوس قارفي، غانا مثلاً استوحت علمها من ألوان علم إثيوبيا المكون من اللون الأخضر والأصفر والأحمر مع تغيير في موضع الألوان مع إضافة نجمة سوداء كرمزية ترمز إلى شركة (النجم الأسود البحرية) التي أسسها قارفي لتنفيذ مشروع حركة العودة الى أفريقيا. على كل فكل تلك الألوان ترمز الى الفخر والكرامة والمجد الأفريقي التليد، والى الاعتداد بأرض الآباء والجدود والأسلاف، والى المستقبل المُشرق لأفريقيا، والى الاعتماد على الذات والنضال والكفاح الثوري من أجل الحرية والعدالة والمُساواة من أجل أفريقيا والأفارقة في القارة وفي الشتات
يتبع…
* قيادي بحركة العدل والمساواة السودانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.