شَهِدَت محليات ولاية الخرطوم أمس وأمس الأول، عمليات تتريس للشوارع في وجه المواطنين من قِبل بعض الشباب والصبية، في أعقاب إعلان الحكومة زيادة أسعار الوقود. التظاهر والتعبير السلمي للجماهير حقٌ كفله القانون وكفلته المواثيق الدستورية، والحرية هي امتلاك الفرد لزمام أمره واستقلال فكره ورأيه ونمط حياته وخياراته دون إكراه أو أذى للآخرين.. ومعلومٌ أن للحرية حدودا كعدم إلحاق الأذى بالغير والممتلكات العامة، وما يحدث من إغلاق للشوارع هو تعدٍ على حقوق الغير، والمتضرر الأول والأخير هو المواطن وليست الحكومة، فهي غائبة تماماً عن حسم الفوضى والتفلتات، وقد كافح الشعب السوداني لانتزاعها ونالها بهزيمة الديكتاتورية الإنقاذية المبادة والتي يجب عليه المحافظة عليها. والافراط الذي يحدث الآن تحت مسمى الحرية، سينعكس سلباً على كل القطاعات السياسية والاجتماعية. وكما ورد في مواقع التواصل الاجتماعي أن بعض مدن ولاية الخرطوم قد شهدت أعمال نهب وسلب وتعدٍ على سيارات المواطنين والتجاوز الكبير للنظم والقوانين، وقد يتفق معي قادة الشرطة الغائبة أمس عن مسرح الأحداث على ضرورة القانون والنظام لأنه أساس السلامة. فليعلم قادة القوى السياسية والمجموعات التي تقوم بإغلاق الطرق، أنه لا يمكن التمتُّع بالحرية ما لم يكن هنالك قانونٌ يحميها ويضع لها حدوداً، وما يحدث من حرق اللساتك في الطريق العام من غير التلوث البيئي، أيضاً هو تعدٍ على حقوق الغير، وتقتضى العدالة أن يتمتّع مستخدم الطريق بنفس القدر الذي يُطالب به المتظاهر أو الترس، وهذا من واجب الشرطة القيام به، وإذا كثر غياب الشرطة عن مواقع تتريس الطرق نتوقّع مظاهر وترس ضد الشرطة، لأنّ الشرطة واحدة من الهيئات التنفيذية في أي حكومة وتختص بتحقيق الأمن في المجتمع، والبوليس لا يختلف عن أي هيئة تنفيذية أخرى تلبي حاجيات المواطنين الأساسية كالصحة والكهرباء والوقود، وفي السابق كانت توظف الشرطة لصالح النظام السياسي. أما في عهد الثورة والتغيير، فهي تعمل من منظور خدمي بحيث تحقق الأمن والاستقرار في إطار حماية الحريات وممارسة الشعب لحقوقه في سيادة القانون واحترام المواثيق وهو امرٌ في غاية الأهمية. عموماً.. المتاريس ضررها أكبر في كل المناحي، والمواطنون والشرطة مطلوبٌ منهم العمل الوقائي لحفظ ممتلكات المواطنين وإيقاف اختطاف الهواتف وتهشيم السيارات، ووزير الداخلية الحالي كان مديرا عاما للشرطة، مطلوبٌ منه تبديد المخاوف السائدة بين المواطنين ومتابعة البلاغات ونشر الشرطة في الشوارع وإشراك المواطنين في حفظ الأمن، وبغير الشرطة لا تستقيم الأمور، والدنيا تصبح غابة، القوي يأكل الضعيف. ومن خلال مروري بعدد من شوارع الخرطوم من نواحي عفراء، السوق المركزي، شارع الستين وغيرها، مطلوبٌ تواجد شرطي لإزالة المتاريس التي هي ضد المواطن. والتحية لقوات الشرطة العين الساهرة التي قدمت آلاف الشهداء والجرحى والمعاقين من أجل الوطن والمواطن، وما زالت تقدم الكثير من أجل وطن ينعم بالأمن والاستقرار.