* كعادته قدم مؤتمر دبي الرياضي العديد من المواضيع المفيدة في عالم كرة القدم واتاح فرصة للكثيرين للتعرف عن قرب على كيفية ادارة كرة القدم في العالم المتقدم ورغم ان المؤتمر حفل بالعديد من النشاطات والفقرات الشيقة ولكنني اعتقد ان افضل ما قدم فيه هو المحاضرة القيمة من الامين العام للاتحاد الاوربي (جياني انفانتينو) التي شرح فيها بالارقام الفوائد العظيمة التي تحققت من تطبيق سياسة (اللعب النظيف ماليا) وتقوم هذه الفكرة ببساطة على ضرورة ان يصرف النادي في حدود امكانياته الحقيقية من دخل المباريات وحقوق التلفزة والرعاية وان يبتعد نهائيا عن الصرف البذخي خصوصا في تسجيلات اللاعبين .. وقال انفانتينو ان الارقام تتحدث عن تراجع كبير في مديونيات الاندية بعد ان التزمت الى حد مقبول بالصرف في حدود امكانياتها بعد تطبيق عقوبات شديدة على الاندية التي دخلت في ديون بسبب الصرف الزائد عن حدود الامكانيات حيث تراجعت الديون من( سبعة وخمسين مليون يورو الى تسعة ملايين يورو) خلال الثلاثة مواسم الاخيرة وهو ما يعني تقليل الخسائر الى 36% واضاف قائلا ان نجاح تطبيق هذه الزيادة ظهر في قدرة الاندية على زيادة مرتبات اللاعبين وفي نفس الوقت تقليل الديون .. وتقوم قواعد اللعب المالي النظيف كما ذكرنا على ضرورة التزام الاندية بالصرف في حدود امكانياتها فقط والا تعرضت لعقوبات قاسية .. * وللأسف الشديد فاننا في السودان نسير في الاتجاه المعاكس تماما الا من اصوات هنا وهناك تنادي بثورة في مجال اقتصاديات الاندية ولكنها تتعرض لحرب عنيفه من الكثيرين خصوصا من الاعلام الموالي لرجال المال الذين يتصرفون في الاندية السودانية بصورة غريبة ! * كرة القدم السودانية تقوم الآن على فكرة الدعم المباشر من رجال المال والاعمال او من الدولة نفسها برعاية غريبة مثل رعاية الامن الوطني للخرطوم او الجيش للاهلي او دعم حكام الولايات لانديتهم ولا شك فان هذا الدعم يفيد الاندية على المدى القصير او يخلق جوا جميلا من التنافس ولكنه على المدى الطويل يضر بكرة القدم السودانية ايما ضرر ! فنحن نعيش في فكرة خاطئة تحدث عنها الاتحاد الاوربي وسعي لايقافها وهي الصرف اكثر من امكانيات النادي والذي يقود في النهاية الى تكبيل النادي بالديون وتراجعه لدرجة اختفاء اندية كبيرة من خارطة الكرة العالمية ! * واذا نظرنا للتسجيلات في الدوري الممتاز في المواسم الاخيرة نخرج بهذه الحقيقة التي لا تقبل الجدال واذا اردنا الامثلة فيمكن ان نتحدث عن الديون المتراكمة على نادي الهلال من رؤساء سابقين وديون رئيس المريخ الكثيرة على ناديه وتحكم صلاح ادريس في الاهلي شندي دون ان يعرف احد مصير هذا النادي او كيفية ادارة الاموال فيه بجانب المصير غير المعروف للخرطوم الوطني واندية الولايات اذا تراجعت الدولة عن الصرف ولنضرب مثلا بما حدث لهلال كادوقلي الذي كان يعتمد على الوالي احمد هارون وعندما انتقل الي ولاية اخرى كاد النادي ان يهبط من الدوري الممتاز وننظر لنيل الحصاحيصا الذي فقد مصادر دخله بتوقف كبار داعميه عن الدعم بعد ان فقدوا مناصبهم في الدولة والتي كانت تتيح لهم فرصة دعم النادي .. * وبعيدا عن الاندية فهناك الارقام غير الحقيقية لرعاية الدوري الممتاز مثل رعاية شركة (سوداني) وهي شركة مملوكة تقريبا للدولة ونفس الامر ينطبق علي النقل التلفزيوني الذي كان يحتكره التلفزيون السوداني باوامر الدولة وهو ما جعله يفشل في الالتزام بعقود كبيرة لا تتناسب وما يدره عليه نقل الدوري من اموال لان الفكرة في الاساس ليست اقتصادية ! * نقول اذا كانت الكرة الاوربية تعيش في ازمة الصرف الزائد وتحاربه فاننا نعيش في ازمة الفكرة الاقتصادية كلها للاندية السودانية ولانحاربها الا باصوات قليلة هنا وهناك وللاسف نحارب هذه الاصوات باصوات عالية ونطالب من يفكر ان يصمت من اجل الذي يدفع !!!!