بسم الله الرحمن الرحيم الاخوة الحضور الكريم: نحمد الله كثيرا ان جعل الحياة رحلة قصيرة عبر واحةٍ خضراء هي الدنيا ليجتازها الانسان نحو حياة ابدية سرمدية في الدار الآخرة. ونحمده على حكمته وقدرته حيث جعل الموت والحياة عبرة وابتلاء لحسن العمل والعاقل من تزود بعمل صالح وترك بين الناس سيرة حسنة وعلى مسامع الدنيا دويا طيبا. ثم من بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ضيوفنا الكرام مع كامل التقدير والاحترام لكل المقامات والالقاب والرتب والسلام عليكم اهل مودتي اخوتي وعشيرتي وابنائي وبناتي من اهل الهلال. سلام على جمعكم الكريم ومجلسكم العامر في بيت الهلال الكبير وداره الام. ثم من بعد: سلام قولا من رب رحيم على هذه الدار العامرة بأهلها الزاخرة بتاريخها والحافلة بارثها والحاشدة بماضيها والشاهدة بحاضرها والواعدة بمستقبلها ان شاء الله. التحية والتجلة لمن لا زالوا يقطنونها ويعمرونها اطال الله اعمارهم والرحمة والمغفرة لمن غادروها الي الخلود والبقاء ومنهم من نحتفي بذكراه اليوم. وها نحن نجتمع ليس احياء لذكراه كما يقال لان ذكراه حية بين الجوانح والصدور وانما نلتقي في كل عام كما تعودنا لنستلهم من ذكراه الخالدة الدروس والعبر ولنتزود من تاريخه باعظم السير, ولنسترجع من الماضي روائع تلك الايام الغرر وتلك الاحاديث الدرر. واخص بتحيتي هذه الدار لانها كانت وما زالت وستظل باذن الله الملاذ الآمن والحصن الحاني والنبع الصافي والظل الظليل الذي نتفيأه كلما اشتد بنا هجير او تعثر المسير وستظل منهلنا العذب الروي كلما دعتنا الضرورة للتزود من فكر الطيب وحكمته وعلمه وحنكته واسلوبه المتفرد في فنون الادارة في شتى ضروبها مثل ادارة الرجال وادارة المال وفلسفة ادارة الوقت التي كان يجيدها الطيب قديما بينما عرفها الناس حديثا. الاخوة الحضور الكريم: لقد وقفت اكثر من مرة هذا الموقف وفي هذه المناسبة وغيرها مع اختلاف في ظروف الزمان والمكان وقد اقمنا هذه المناسبة ذات مرة وفي نفس هذا المكان فقد كان مجتمع الهلال آنذاك يعيش انقساما خطيرا حيث سماء الهلال ملبدة بغيوم تنذر بخطر داهم وشر قادم ولكن وكما ظللت اردد قد كان للمكان سره وسحره وكان للتاريخ قوله ودوره وللروح الهلالية وسمها ورسمها المتفرد ولا زلت اذكر الجلسة التي اعقبت ختام ليلة التأبين حيث كان معنا سعادة اللواء احمد عطا المنان ولفيف من الاخوة والابناء من اعلام الهلال واقلامه وقد جمعنا صالون الدار ودارت بيننا احاديث الروح الهلالية والهوى الهلالي العذب وقد اتت الجلسة اكلها والحمد لله ولا اود الاطالة في السرد حتى لا انكأ جراحا اراها قد اندملت بحمد الله. الاخوة الكرام ايها الحضور الانيق: ان اسعد اللحظات عندي هي اللحظات التي تجمعني باهلي في الهلال ودوما هي اللحظات التي تؤكد تميزنا وتفردنا نحن بحمد الله ذرية بعضها من بعض تتكافأ دماؤها ويسعي بذمتها ادناها ولله الفضل والمنة. ايها الاخوة لقد فرغنا بالامس القريب من ليلة استعدنا فيها ذكريات الراحل عبد المجيد منصور يرحمه الله واسترجعنا في تلك الليلة كثيرا من مناقب الرجل ومزاياه وها نحن اليوم في رحاب زعيم امة الهلال وقائد ركبها وحادي دربها وآصرة بناة نهضتها الطيب عبد الله محمد علي يرحمه الله هذا الفطن الذكي الرزين وكما قلت في تأبين قاهر الظلام ان هذه المناسبات يجب ان لا تقتصر على الخطب والاشعار بل يجب ان تتعدى ذلك بان نضع تجارب هؤلاء الافذاذ نصب اعيننا لنستفيد منها الدروس ونستلهم العبر ونحفظ التاريخ والمآثر لاجيال قادمة. الجمع الكريم والحضور الوسيم: لابد لي وقبل ان ابرح مكاني هذا ان اتوجه بالتحية والشكر والتقدير لمجلس الهلال الموقر بقيادة ربانه الاخ اشرف سيد احمد حسين الذي ابدى براعة وشجاعة ونجاعة في تحمل المسؤولية والقيام باعباء التكليف حيث لم يدخر جهدا ولا مالا الا وقدمه قربانا للهلال وان كنا ننشد مصلحة الهلال حقا دعونا نمنحه القوة والدافعية لانزال برامجه الطموحة الى ارض الواقع الهلالي ولعلي اهمس في اذن الرجل مناديا ومؤكدا على توسيع مواعين الشوري وفتح نوافذ المشاركة لكل من رغب باخلاص وحسن نية بعيدا عن اصحاب المصالح الذاتية والذي عناهم القائل من صلى وصام لامر كان يقصده فاذا انقضي الامر لا صلى ولا صام ودعونا نحشد الجهود ونوثق العهود بين اهل الهلال من اجل النهضة والبناء ولعلي استشهد هنا بحكمة بشار بن برد التي تحدث بها الزمان وسار بها الركبان حيث يقول في امر الشوري: اذا بلغ الرأي المشورة فاستعن برأي نصيح او نصيحة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فان الخوافي قوة للقوادم الاخوة الكرام الافاضل: ما زلت اكرر في كل لقاء باني اشعر بسعادة غامرة كلما اجتمع شمل اهل الهلال على صعيد واحد وكلمة سواء لان اجتماع الصف ووحدة الهدف ومضاء العزيمة هي اعلى واغلى ما يتمناه محارب قديم مثلي قدم من الجهد ما وسعه ثم تولى ينظر لهلاله بعين الرضا والحب وهو يتمنى له الرفعة والتقدم كما انني اسعد كثيرا وتهتز جوانحي وتهتف وتكبر دواخلي وانا ارى فتية الروابط التشجيعية المختلفة وهم يبتكرون احدث الوسائل ويرسلون لابطالهم اعظم الرسائل تشجيعا ومؤازرة وعندما انظر لمتوسط اعمار هؤلاء الفتية تبلغ بي الغبطة مداها والطمأنينة منتهاها على مستقبل الهلال الذي تحرسه هذه الاجيال وان كان لي من وصية لهؤلاء الشباب واعلم ان معظمهم من طلاب الجامعات والمراحل السنية مادون الجامعة فان وصيتي لهم الاهتمام بالدراسة والسعي الجاد في سبيل العلوم والمعارف لانها اقصر السبل لخدمة انفسهم واسرهم وهلالهم. اما الاخوة والاخوات في الاعلام الهلالي فانني اقول في حقهم باختصار وباشارات يفهمها اللبيب واحسب انهم كذلك اقول لهم ان القلم الذي بايديكم اقسم به المولى من فوق سبع سماوات وقال ابو الفتح البستي: اذا اقسم الابطال يوما بسيفهم وعدوه مما يكسب المجد والكرم كفي قلم الكتاب عزا ورفعة مدى الدهر ان الله اقسم بالقلم واخيرا اخوتي دعوني اعود مجددا لذكري الطيب الطيبة وسيرته العطرة ذلكم الالمعي العبقري الذي ظل بيننا يمثل اصلا راسخا في الكرم وفرعا شامخا في المكارم ولعلي لا اجد عزاءً ابلغ ولا وصفا اصدق ومعنىً اعمق يستحقه الا قول الشاعر الذي يقول: الا يا موت ويحك لم تراع حتوفا للدروس ولا اليراع تركت الكتب باكية بكاء يشيب الطفل في عهد الرضاع ولم تخش الفضائل والمعالي وطول السعي في خير المساعي ولم يمنعك مما رمت نثر ولا شعر ولا حسن ابتداع فيا شمس المحامد غبت عنا وخلفت البكاء لكل ناع ويا خير الرجال بلا خلافٍ وقدوتنا بلا ادني نزاع والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الذكرى التاسعة لرحيل الطيب عبد الله زعيم امة الهلال المنشية السبت 27 فبراير 2016