بكري الصائغ.. [email protected] 1- ***- في هدوء شديد مرت اليوم الأثنين 22 أبريل الحالي ذكري خمسة شهور علي محاولة التخطيط لانقلاب عسكري بقيادة الفريق أول صلاح عبدالله قوش ومعه 12 آخرين بينهم بعض كبار المسؤوليين بالقوات المسلحة وقوات الأمن. والتي انتهت وكانها اصلآ مابدأت، ولا كانت هناك خطة لتغيير النظام!!، ورجع المنفذون لبيوتهم….”وتوتة توتة…خلصت الحدوتة”- كما يقولون اهلنا المصريون!!، وهي “الحدوتة” التي دخلت التاريخ العسكري السوداني كاغرب محاولة انقلاب في تاريخ البلاد !! 2- ***- وتمر غدآ الثلاثاء 23 أبريل الحالي الذكري ال23 عامآ علي المحاولة الانقلابية التي قاموا بها الضباط في يوم 23 ابريل- رمضان من عام 1990 والتي قادها عبد القادر الكدرو وخالد الزين وآخرون، وفشلت المحاولة بعد سويعات من قيامها لانها افتقرت الي ابسط مقومات وابجديات الانقلابات، فلا كان هناك تنسيق مابين القيادات العسكرية ، ولا كان هناك ايضآ اتفاقآ مجمعآ عليه من قبل كل الضباط والقواد في الخرطوم ، وتم اعتقال الضباط ال28 الذين قاموا بها بكل سهولة وبلا مقاومة تذكر، وتم إعدامهم جميعهم وعددهم 28 ضابطا من رتبة لواء إلى ملازم أول وسجن آخرون في اقصر محاكمات افتقرت الي ابسط المبادئ القانونية والانسانية. 3- ***- وهناك قصة معروفة وقعت للعميد عمر البشير – وقتها- ولها علاقة بمحاولة انقلاب ابريل 1990، وقام العميد عصام الدين ميرغني (أبوغسان)- شقيق الشهيد البطل العقيد الركن عصمت ميرغني بتسجيلها في كتابه: ( الجيش السوداني والسياسة )، وساقوم بنقل ماورد حول هذه الواقعة تمامآ كما وردت، بثت من قبل من قبل عشرات المواقع الألكترونية، والتي تحكي كيف هرب عمر البشير وفل مهرولآ من قصره في يوم 23 ابريل- رمضان الي (العيلون) واختبأ هناك عند صديقه الطيب (النص) خوفآ من الاعتقال علي ايدي قادة الضباط الذين قاموا بمحاولة للانقلاب علي نظامه!!…. 4- ***- في إحدى أمسيات شهر أبريل 1990 وفي عشية عيد الفطر المبارك، قام النظام باعتقال عدد من الضباط العاملين وبعض المتقاعدين من القوات المسلحة، ووجهت لهم تهمة التآمر للقيام بانقلاب عسكري للإطاحة بالنظام. اعتقل بعضهم من منازلهم وبعضهم كان رهن الاعتقال التحفظي، وتم نقلهم جميعا إلى السجن العسكري بمدينة أمدرمان. تكتم النظام على المعتقلين ومكان احتجازهم وطبيعة التهم الموجهة إليهم، واخضعوا لتحقيق عاجل قام به ضباط في القوات المسلحة، وقدموا إلى محاكمة عسكرية ميدانية لم تتح لهم فيها فرصة الدفاع عن أنفسهم أو توكيل محامين للقيام بذلك، وتسربت أنباء عن تعرضهم لأبشع أنواع التعذيب لانتزاع اعترافاتهم. ويروى أن المحاكمة التي ترأسها ضابط يدعى «الخنجر» لم تستمر سوى فترة لم تتجاوز ساعة واحدة. فوجئ الجمهور بنبأ عبر أجهزة الأعلام خلص في جملة واحدة أن الضباط المعنيين قد اتهموا بتدبير محاولة لقلب نظام الحكم، وقدموا لمحاكمة عسكرية أدانتهم، وحكمت على ثمانية وعشرين منهم بالإعدام، وأن السلطة المؤيدة، رئيس مجلس قيادة الثورة، قد صدق على الأحكام، وأن الحكم قد نفذ بحقهم رميا بالرصاص، وتم دفن الجثث! *'**- أعلنت التهم والمحاكمة والأحكام وتأييدها وتنفيذها هكذا، في خبر واحد. وقع الخبر كالصاعقة على جميع أبناء الشعب السوداني، ناهيك عن أسر وزوجات وأبناء أولئك الضباط. وظل النظام حتى اليوم يرفض أن يوضح لذوي الضحايا حتى أماكن دفن جثثهم، ويستمر في قمع مواكب أسر الشهداء حين خروجهم في كل ذكرى سنوية في مواكب تطالب بمعرفة أماكن قبور ذويهم. ويستمر النظام في تعريض تلك الأسر لبطش قوات الأمن كل عام، وتفريقهم بالقوة وتقديمهم للمحاكمة أمام محاكم النظام العام وتعريضهم لعقوبات الجلد والغرامة.(1) ***- من الثابت أن المسئولية كاملة تقع على عاتق الجبهة الإسلامية القومية الحاكمة في السودان.. تقع على قياداتها العليا في المكتب التنفيذي ومجلس الشورى والمجلس الأربعيني.. وعلى أجهزة أمنها التي نفذت تلك الجريمة الشنعاء.. ***- نحن هنا بصدد وضع لائحة اتهام ابتدائية سنورد فيها الأسماء والوقائع، سنتدرج حسب تسلسل الأحداث، وما وضح من مسئوليات مباشرة وغير مباشرة في أحداث «مذبحة أبريل».. هذه اللائحة الابتدائية قد تكون أقل دقة مما سيصل له أي تحقيق قضائي مستقبلاً.. قطعاً أن المسئولية المباشرة في كل ما جرى تقع على عاتق قيادة الجبهة الإسلامية التي أصدرت الأمر بتصفية المتهمين منذ بداية فشل عملية أبريل.. اتخذت ذلك القرار الدموي بمفهوم تحقيق عنصر الردع العنيف والصدمة القصوى لوقف أي محاولات مستقبلية تستهدف استقرار واستمرار النظام.. لائحة الاتهام الابتدائية: ***- يقف الدكتور حسن عبدالله الترابي على رأس قائمة الاتهام. في العام 1990 كان هو السيد والشيخ الآمر والمسيطر تماما على كل شاردة وواردة في قرارات النظام الحاكم، وقطعاً قد أصدر الأمر السيادي بتنفيذ تلك المذبحة النكراء.. وإن لم يفعل، فقد سكت بعد حدوثها. ***- يأتي في تسلسل قائمة الادعاء علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجبهة الإسلامية القومية، والمسئول عن القوات المسلحة منذ قبل انقلاب 30 يونيو 1989، وكان هو المسئول التنفيذي عن كل خطط النظام، وتطهير القوات المسلحة من كل العناصر المناوئة، وتطعيمها بكوادر التنظيم المتيسرة «تأميناً للثورة» والمشروع الحضاري المزعوم.. ***- أما رئيس النظام، الفريق عمر حسن أحمد البشير، فهو كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة تقع عليه مسئولية تحقيق العدالة والالتزام بالقانون العسكري واللوائح في كل قضايا القوات المسلحة. وهذا ما لم يحدث طوال مراحل إجراءات التحقيق مع ضباط «حركة أبريل» وحتى تنفيذ أحكام الإعدام، ومن غرائب الأمور أن القائد العام للقوات المسلحة قام بالهروب إلى العيلفون عند بدء التحركات ليختبئ في منزل عضو الجبهة الإسلامية «الطيب النص».. ترك كل مسئولياته القيادية ليديرها ضباط أصاغر، ولم يعد إلا في اليوم التالي.. بعد فشل المحاولة!! كما أنه لم يتدخل بأي شكل كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة.. لم تتدخل قيادة القوات المسلحة بدءًا برئيس هيئة الأركان ونوابه.. لم يكن هنالك أي دور لفرع القضاء العسكري المناط به التحقيق القضائي وصياغة لوائح الاتهام في أي جريمة تقع داخل القوات المسلحة.. أما الأدهى والأمر، فهو أن رئيس النظام لم يكن يعلم عن تنفيذ أحكام الإعدام حتى صباح اليوم التالي، ***- حين دلف إليه حوالي الساعة التاسعة صباحاً من يوم الثلاثاء 24 أبريل 1990 العقيد عبد الرحيم محمد حسين والرائد إبراهيم شمس الدين في مكتبه بالقيادة العامة، وهما يحملان نسخة من قرارات الإعدام ليوقع عليها بصفته رأساً للدولة (كما ينص القانون العسكري)، ويقول أحد الشهود أن الرائد إبراهيم شمس الدين قال للفريق عمر البشير حينما تردد في التوقيع بالحرف الواحد: «يا سيادتك وقِّعْ.. الناس ديل نِحْنا أعدمناهم خلاص».. ***- فوضع الفريق الذي يُحكَمُ ولا يَحكُم يديه على رأسه للحظات، ثم تناول القلم وهو مطأطئ الرأس، وقام بمهر قرارات الإعدام التي تم تنفيذها بالفعل قبل ست ساعات مضت على أقل تقدير!! هنالك مسئوليات مباشرة تقع على عاتق كل قيادات الجبهة الإسلامية في اتخاذ القرار وتنفيذ «مذبحة أبريل».. ***- يقف في قائمة الاتهام العديد منهم.. لكن على رأسهم ولا شك، يأتي الدكتور نافع على نافع، رئيس أجهزة الأمن الذي باشرت وحداته التنفيذية الاعتقالات الابتدائية، والتحقيق مع المعتقلين وتعذيبهم.. وكانت كل الكوادر التي قامت بفرض الحراسات، وتجهيز ساحة الإعدام، بما في ذلك وحدة إطلاق النار، ال“Firing Squad" التي يقودها الرائد محمد الحاج، تتبع لأمرته مباشرة. ***- للدلالة على تورط كل قيادات الجبهة الإسلامية في جريمة ومذبحة «أبريل/رمضان»، نورد حادثة موثقة لها شهود.. فقد اتصل مساء ذلك اليوم أحد قيادات جهاز الأمن هاتفياً بالسيد أحمد سليمان المحامي في منزله بحضور شاهد تلك الواقعة.. لم يدرِ الشاهد هوية المتحدث على الطرف الآخر من الخط، لكنه عرف أن الحديث يدور عن محاولة الانقلاب العسكري التي جرت صباح ذلك اليوم (الاثنين 23 أبريل).. سمع الشاهد أحمد سليمان وهو يقول بوضوح تام لمحدثه قبل أن ينهي المكالمة: «أحسَنْ ليكُم تَنْتَهُوا مِنَّهُمْ كُلَّهُم الليلة دِي.. لو إنتَظَرْتُوا بِيهُم الصباح، تَجِيكُم الأجاويد والوَاسطات من جُوه وبَرَّه!!» 5- المصدر: مجزرة 28 رمضان 1990م حتي لا ننسي شهداء القوات المسلحة- http://www.sudanforum.net/showthread.php? t=93361 المصدر: من كتاب الجيش السوداني والسياسة- العميد عصام الدين ميرغني (أبوغسان) – 2002-