حثت فرنسا الدول الافريقية الثلاثاء على بذل جهود منسقة للتصدي للتهديد المتنامي للإسلاميين في صحراء جنوب ليبيا، وذلك بعد نحو أكثر من سنتين على مساهمتها البارزة في حرب الحلف الاطلسي للقضاء على نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وماتزال ليبيا تعاني من آثار هذه الحرب التي أدخلتها في فوضى سياسية أضعفت قدرة سلطاتها الجديدة على مراقبة حدودها الصحراوية المترامية أمام جحافل المقاتلين المتشددين الهاربين من "معركة" مالي ضد القوات الفرنسية هنا. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال زيارة للنيجر حيث هاجم انتحاريون منجما لليورانيوم تديره شركة فرنسية الاسبوع الماضي إن هناك علامات على أن جنوب ليبيا الذي يفتقر للقانون بدأ يتحول إلى ملاذ آمن للجماعات المتشددة في منطقة الصحراء الكبرى. وأضاف فابيوس بعد اجتماع مع رئيس النيجر محمد ايسوفو "يتعين علينا فيما يبدو أن نبذل جهدا خاصا بشأن جنوب ليبيا وهو ما تريده ليبيا أيضا.. تحدثنا بشأن المبادرات التي يمكن للدول المجاورة القيام بها بالتنسيق مع ليبيا." وأنهت حملة عسكرية بقيادة فرنسا استغرقت خمسة أشهر سيطرة الاسلاميين على ثلثي مالي من ناحية الشمال واسفرت عن مقتل مئات المقاتلين المرتبطين بالقاعدة ودفعت آخرين للفرار الى الدول المجاورة. وتقول النيجر إن الاسلاميين الذين نفذوا الهجوم المزدوج يوم الخميس على منجم تابع لشركة اريفا وثكنة عسكرية واسفرا عن مقتل 25 شخصا عبروا الحدود من ليبيا. وتنفي طرابلس ذلك. وقال فابيوس الذي يزور مالي الثلاثاء إن الجهود اللازمة للتصدي للمشكلة في جنوب ليبيا ستحتاج الى دعم تونسوالجزائر وتشاد ومالي ومصر. وأضاف "نظرا لأن جزءا كبيرا من ليبيا مثلما يقال دائما يمكن أن يشكل ملاذا للجماعات الارهابية فيتعين على كل هذه الدول أن تعمل معا"، مضيفا ان فرنسا ستساعدها "بكثير من العزم والتضامن". وأصبحت ليبيا طريقا لتهريب الاسلحة لمتشددي القاعدة في منطقة الصحراء الكبرى منذ سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي في 2011. ولم تسلم كبرى المدن الليبية مثل بنغازي والعاصمة طرابلس، من هجمات قاتلة ضد بعثات الولاياتالمتحدةوفرنسا نفسها، وجهت فيها اصابع الاتهام إلى متشددين إسلاميين باتت سطوة مليشياتهم المسلحة بارزة للعيان في اغلب المدن الليبية، كما يقول مراقبون. وتقول مصادر أمنية إن القائد المخضرم بالقاعدة مختار بلمختار حصل على أسلحة ليبية، وإن مقاتليه استخدموا المنطقة كطريق للمرور قبل عملية احتجاز رهائن في محطة للغاز في الجزائر في يناير/كانون الثاني. وتكافح طرابلس للسيطرة على الجماعات المسلحة التي ساعدت في الاطاحة بالقذافي وترفض الآن إلقاء أسلحتها. وكان البرلمان الليبي أعلن الجنوب منطقة عسكرية في ديسمبر/كانون الاول لكن حراسة الحدود لا تزال مهمة مضنية بالنسبة للقوات الليبية الضعيفة. واعلن بلمختار وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا مسؤوليتهما معا عن الهجمات التي وقعت الاسبوع الماضي في النيجر. وكانت الحركة جزءا من تحالف المتشددين الذي سيطر على شمال مالي العام 2012. وتسحب فرنسا تدريجيا قواتها البالغ قوامها اربعة الاف جندي التي نشرتها في مالي لكنها ستبقي ألف جندي هناك بعد ديسمبر/كانون الأول كقوة للرد السريع للتصدي لأي تهديد من جانب الإسلاميين. وستسلم العمليات الأمنية الدورية لمهمة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة من المزمع أن تضم 12 الف فرد.