اغتيل محمد البراهمي النائب في المجلس الوطني التأسيسي الخميس، ليكون بذلك ثالث اغتيال سياسي في تونس في أقل من عام والثاني في ستة اشهر. وأكد مسؤول بوزارة الداخلية التونسية ووكالة تونس افريقيا للأنباء وعدد من وسائل الإعلام التونسية نبأ وفاة البراهمي الأمين العام للتيار الشعبي. وتوفي البراهمي (58 عاما) المعارض لحزب النهضة الاسلامي الحاكم، في مستشفى محمود الماطري بمحافظة أريانة المتاخمة لتونس العاصمة، والذي نقل اليه متأثرا بجراحه بعد إصابته ب18 طلقا ناريا في بيته بضاحية حي الغزالة القريبة. والقتيل نائب بالمجلس الوطني التأسيسي عن محافظة سيدي بوزيد التي اندلعت منها شرارة الاحتجاجات في تونس التي تحولت فيما بعد إلى ما يعرف بالربيع العربي. واتهمت شقيقة الراحل حركة النهضة الاسلامية الحاكمة باغتياله. وقالت شهيبة البراهمي (50 عاما) "حركة النهضة هي التي قتلت أخي… منذ اغتيال (المعارض اليساري) شكري بلعيد (في السادس من شباط/فبراير) كان لنا احساس بان محمد سيلقى نفس المصير". وأضافت وهي في حالة انفعال شديد "لا نريد بعد اليوم ان يعيش معنا أصحاب اللحى (اسلاميون)". وقال محسن النابتي القيادي في حزب "التيار الشعبي" الذي فقد منسقه العام ومؤسسه محمد البراهمي إن حزبه سيتعامل مع الوضع في بلاده على اساس أن تونس واقعة تحت احتلال التيار العالمي للإخوان المسلمين، الأمر الذي يستوجب مقاومته. ويأتي تصريح النابتي وهو الناطق الرسمي باسم الحزب الجديد ذي الخلفية القومية الناصرية في سياق ردود الأفعال الغاضبة في تونس وفي العالم المنددة بجريمة الاغتيال النكراء. وأكد النابتي أن البراهمي وهو أب لخمسة اطفال اغتيل بوابل من الطلقات أمام زوجته واطفاله". وفي تطور سريع ومتلاحق لأزمة اغتيال البراهمي، دعت الجبهة الشعبية بتونس في بيان لها إلى عصيان مدني سلمي وإضراب عام في كافة ربوع البلاد حتى إسقاط الائتلاف الحاكم. وقالت الجبهة في بيانها: "من منطلق مسؤوليتنا التاريخية ندعو الشعب التونسي بمختلف أطيافه وكافة القوى الحية لإنقاذ البلاد، واسترجاع الثورة إلى مسارها الحقيقي، وغلق الباب أمام أي فتنة الموت والخراب". كما دعت الجبهة في بيانها جميع القوى الوطنية إلى الدخول مباشرة في مشاورات لتشكيل حكومة إنقاذ وطني لتسيير أمور البلاد، ولإجراء انتخابات حرة وشفافة لمناخ سياسي سلمي خالٍ من العنف والإرهاب. ورثت الجبهة قياديها الراحل البراهمي، حيث قالت: "طالت يد الغدر الرمز محمد البراهمي، وهي نفس الطريقة التي اغتيل بها القيادي الراحل شكري بلعيد"، وأنحت باللائمة على الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة، مشيرة إلى أن سياسة الائتلاف تدفع البلاد نحو الانهيار، بفعل انتهاجه سياسية معادية للعشب التونسي، وذلك حسب زعم الجبهة. وتجوب العديد من المدن التونسية من الشمال إلى الجنوب، مسيرات شعبية للمطالبة بإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي، كما يتظاهر مئات التونسيين أمام مقر الاتحاد العام للشغل تنديداً باغتيال البراهمي، فيما أفادت مصادر محلية بأن قوات الأمن التونسية أطلقت قنابل مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة. وبحسب تلك المصادر، فإن قوات الأمن أغلقت الطرق في محاولة منها لمحاصرة المحتجين بشارع بورقيبة، فضلاً عن دخول بعض المتظاهرين في اعتصام أمام وزارة الداخلية. كما تدور في الوقت الراهن اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في سيدي بوزيد، استخدمت فيها غازات مسيلة للدموع، كما نجم عن تلك الاشتباكات حرائق في بعض شوارع المدينة. وفي السياق ذاته، أطلق الأمن أيضاً الرصاص في الهواء، واستخدم القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين في قفصة. وتعقيباً على ذلك، قال محمود غزن، عضو تيار المستقبل من أجل الدولة المدنية، إن المستقبل السياسي للبلاد تحيط به هالة من الغموض، وهناك حالة من الغليان بالشارع التونسي. وأضاف خلال مداخلة مع قناة "العربية": "أعتقد أن المؤسسة العسكرية وقوات الأمن ستنحاز للمتظاهرين في تونس، حيث لا خيار لديهم سوى الانضمام إلى الجماهير، وأن سقوط الحكومة مسألة وقت"، وكشف القيادي بتيار المستقبل أن الراحل محمد البراهمي كشف له أنه تعرض لضغوط من حركة النهضة للانسحاب من الجبهة الشعبية، ولفت أن شرعية النهضة وهمية. وعلى صعيد الحراك السياسي داخل تونس، أعلن 3 نواب من المعارضة استقالتهم من المجلس التأسيسي، احتجاجاً على اغتيال البراهمي، فيما تشير الأنباء الأخرى إلى أن أحزاب المعارضة مجتمعة لإعلان استقالة جماعية من المجلس التأسيسي.