[email protected] (المهندس محمود احمد محمد الحسن استضيفه اليوم ، قلم ملئ بالحياة والحيوية ..هذا رايي فمارايكم؟) كمينة طوب مذياع،بصوت عالى،يشعل الحماس هنا،تنقلب تردداته،تبعا ،لساعات اليوم ،لم يطفئ منذ زمن ،ولا يقل اهمية فى هذا المكان ،عن الدقيق والبصل ،المبقى على الحياة.يعرف الجميع هنا ،جميع القنوات،ويعرفون به،التوقيت لبداية اليوم وللراحة والصلاة. الكل يعرف ان ،الحاج عبدالسميع ،يترك ،عنده المذياع ليلا ،لينام ،ويستيغظ ،على صوت المقرئ ،الشيخ الزين ،يجد راحته فى استماعه لتلاوته ،ويعتزم زيارته ،ما ان سنحت له الفرصة لذلك ، هو ،فى السبعين من عمره ،هو الاكبرسنا فى هذا المكان،قد صارعته الحياة،وبان ذلك فى تقاسيم وجه،المصقول ،بالرهق والتعب ، عمل سائق وابور ،فى السكة حديد ،لعمره الافتراضى،وانتقل ليعمل هنا ،بعد ان احيل للمعاش، تعلم الكثير ،من،مهنته السابقة،اجاد،الاحترام،للزمن، يوقظ الجميع هنا ،بصوت الاذان ،ويمر عليهم ، لينبهم بصلاة الفجر .. الخير نازل، يا اولادى ،لا ياخدكم الشيطان. الصبح حاضر،والعمل عبادة. يستيقظ الجميع ،هنا،باستثناء ،القليل ، وما ان يتم اداء الفريضة ،حتى ،يرتجل ،حاج عبدالسميع ،حديته الدينى الناصح ،ويختتمه،بالدعاء ،لعامة المسلمين.يحكى ان حاج عبدالسميع،كان متاثرا ، بمضوى صالح ،وهو كان مدير اقليم للسكة حديد ، فحاول تقمص شخصه ،وشكله ،فى مهنته الجديده هذه ، لعمره الاخر هذا .. يلازم المذياع فى اول الظهيرة ، اسماعيل شمعون، يترك جانب منه، يستمع لبرنامج ‘ميلاد الاغنيات' ،يشعل فيه الحماس،ويطفئ الرهق .فحين يسمع ،إسماعيل شمعون ،وردى ،يردد عبرالمذياع .. بنحب من بلدنا *ما بره البلدسودانية تهوى عاشق ود بلد*فى عيونا المفاتن شئ ما ليهو حد . يبدأ ،شمعون ،التحليق ،لرحلة،تصل الى ما يقارب الالف كيلو متر ،ليجدها ،تسمع ،وردى،ايضا،فاطمة اب جاهين،وهى تبتسم ايضا،بخجل ،وتوارى ابتسامتها ،من ،محاسن ،و نور ، حتى لا يلقبانها ‘بالمجنونة' هم لا يدرون ،ان طيفه،قد وصل ،من ذلك المكان القصى،تعلم،تماما،انه ينصت للحن،فى ضفة المذياع الاخرى،وتكاد ،ترى،ابتسامته،الممزوجة،بالامل،ورائحة الطين،والعرق لايفارق جبينة، تنزل معه خطوة نحو الامل،الحلم .هى تعلم،انه ،يضرب الطين،من اجل ،ان يعود غانما اليها. عمر الملقب ب'الشبلى' ينصت للمذياع ،ايضا ، يعمل بجد ،ينتهض ساعده ،عاليا ،يضرب الطين، يذهب عائده مباشرة لاسرته،ويرسلون اليه دعواتهم ،وفخرهم به ،هكذا يصنع الكفاح الرجال ، ارصفائه ،يتدلون خلف شرفات الطفولة،والاهتمام،ينامون تحت تأثير الرهق ،من لعب البلى استيشن،وينام ،عمر،بعد ان اسهرته يده، بتتطاول الحشرات الزاحفة . المكان هنا ،يقع فى الضفة الغربية للنيل ،يعتمد العمل هنا ،على ،الساعد البشرى،والماء ،والروث. تفترش الشمس المكان،صباحا،وتبدأ التوهج ، ولعلها تكون اكثر صفائا ،فى هذا المكان،المجاور للنيل ،تسمع اصوات ،طلمبات الديزل ،المستعملة،لغرض الزراعة،فى شرق النيل وغربه ،ولعل صوتها قد خلق تماذجا،مع السكون،البعض،يتابع الايقاع،ويربطة باغنية. صباحا، يكون الصوت عاليا،فخيما ،يرتبط ،لاحمد السلامى ، بصوت فنانه المخضرم،خضر بشير .وفى نفس التوقيت ،يدندن، ود المجذوب بايقاع عبدالعزيز محمد داؤود.. حبيبى غاب ،فى موضع الجمال بلاقية ،الليلة غاب .. فى موضع الجمال بلاقيه. وتتمايل اطرافه ،مع ،دندته،المضروبة،مع ،صوت،محرك الديزل .حقا، يدور المحرك،وكل يدندن على هواه . الجميع تربطهم ببعضهم،صلات وطيدة، يعرفون،اسماء،معشوقات،بعضهم البعض،ويتسامرن، على ضوء القمر ،ليحكى احدهم،بطولة عشقه،او مظلمة هواه، او خلافه،مع شخوص،من عشيرته. باستثناء ،الحاج،عبدالسميع،الذى يفضل النوم باكرا،ولا يحب قصص الغرام هذه ، يحكى ،احمد السلامى،وهو يرتبط مع ،الخاج عبدالسميع ،بنسب مباشر،وصلة قرابة غير مباشرة، ان حاج عبدالسميع ،قد عشق فى صباه، عشقا،عميقا ،بات يسهر عليه،ويحرص عليه،الى ان دنى،من ان يتوج ،بالزواج ،ولكن القدر تدخل ، وقطف معشقوته،بعد ،ان تعرضت لداء ،الكلى ،ومن يومها ،وحزنه،لا يفارق ابتسامته،يضحك لثوانى،ويواصل احزانه ، اربعين، خريفا،وجرحه،لم يجف ، تزوج بعد، وفاتها، بعشر اعوام.استطاعت ،حسنة،زوجته،ان تخرجه من دوامته،قليلا ، احترمها لثلاثين عام،لم يرفع صوته عليها ، لم يكن يبخل عليها بشئ ،لكنه ،لم يحبها !!، يبادلها الكلمات ،ويسطنع انها من الدواخل ،هو يعلم ،انه من الصعب ان يحب بعد تلك ،و هى ايضا تدرى ذلك ، لكنها احبته ،واخلاصه،ووفائه،لسذاجته،لم يعلم حتى اللحظة ،لما وسمت ابنتيهما ب ‘اخلاص' و'وفاء' ،تيمنا بعاطفته تجاه ،تلك الراحلة، كان لا يعاندها ،يجعلها ،تفعل،ما تراه مناسبا.. فى المساء،يسمع ،المذياع ،بصوت واضح،الكل ،يمدد جسده،بعد صلاة المغرب، عند الثامنة يحرص ‘ود القطينة' ان يكون على مقربة من المذياع ،ليتابع ‘حقيبة الفن' ،يحفظ اغانى الحقيبة،ويدندن،مع مصطفى سيد احمد ، ويطرب للجابرى ،وتنهمر دموعه بسماع .. مرات اقول اديهو كلمة تزعلو ، علشان اشوف خدو الحنين الدمعة جارية تبللو . سيد الاسم ،محبوبى ،وقتين يبتسم،الدنيا يا ناس تنهزم،الفرحة تملاها وتزعرد فينا والكون ينقسم.. كان حنينا،كالامهات،يحزنه ،القليل،يفرحة القليل ، اوفر من دخله حتى الان ، خمسمائة جنية ، يعدهم ،فى ،شروق اليوم ،واصيله، يعتزم ،ان ،يشترى بهم،ثلاجة،ماركة'كولدير' لاسرته .. السواحلى الدرويش، لا يقل اهمية عن شخوص الكمينة هذه، نحيف الجسد ،تبدو عليه،علامات ،تقدم السن،والمرض، يلقب ب'الدرويش' و ب ‘المتحزم' احيانا اخرى، الدرويش لحديثه المتواصل السريع ، عن ما يدور بالكون ،والحياة، يتحدث تارة عن فشل الفلاسفة ،لكشف طلاسم الكون،بلباقة،لاتقل عن لباقة سياسى مرموق، وفجأة ،يحض، الى ،الحديث،عن ما سمعه ،من خلف الجدران ،عن وجود خلاف بين ،مصطفى ، وزوجته، وصفعه لها ، بالالم ،حسيا، ومعنويا،ويتوغل فى حديثه ويسهب فيه، وفجأة،يحدثك،عن زواج القصر،و التحليل الدينى،من منظوره الشخصى،ومنظور ،هيئة علماء الدولة، واختلافه معهم،وانت تصغى بكل حواسك،لما يعتريه ،فيه،هذا الكهل،من ثقافة ثاقبة ،وتوازن منقطع النظير ،وتدمن الاندهاش ،حين يصمت لبرهة ويبدأ يردد بلحن ورقص اغنية .. ما قال بجى ما لو ما جاء؟؟ سبعة جات ،مالو ما جاء؟ تسعة جات ، مالو ما جاء؟ امكن مات ، الولد دا!! ما قال بجى ،مالو ما جاء!! يدهشك ،بطريقة دورانه،و ودوما يختتم حديثه ،و يعلن رحيله لمكان اخر بمقولته التى سمى على اثرها ‘المتحزم' ( المتحزم بالايام …. عريان ) م.محمود احمد محمد الحسن