[email protected] الصاغ محمود أبوبكر شاعر صه يا كنار بداية نهنيء الشعب السوداني بحلول عيد الاستقلال المجيد، ونغتنم هذه المناسبة لنسلط الضوء على جنود مجهولين كان لهم دور أساسي واسهام واضح في نيل السودان لاستقلاله. فعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية أعلن الحلفاء ومن ضمنهم بريطانيا التي كان السودان تابعاً لها )تحت رعاية وزارة الخارجية البريطانية(، أعلنت هذه الدول أن الشعوب التي تشارك معها في القتال ضد هتلر وموسليني واليابان )دول المحور( سوف ت مُنح حق تقرير المصير. وكانت هذه فرصة لفصيل مناضل من الشباب السوداني الذى كان يتحين الفرص لتعلم السلاح والإنتظام فى العمل العسكري، فإذا أوفت بريطانيا وغادرت البلاد فهذا هو المطلوب وإذا لم توف بوعدها تكون تلك الجماعة المسلحة قد تدربت وحملت السلاح وبعد ذلك تنحو إلى أخذ الاستقلال عن طريق العمل العسكري. فانخرط عدد من أبناء السودان متطوعين للذهاب للحرب حتى ينال السودان حق تقرير المصير ومن ثَم الاستقلال. ومن أوائل الذين تطوعوا للذهاب إلى الحرب، الشاعر الصاغ محمود أبوبكر الملقب بالنسر، وكان وقتها يعمل سكرتيراً لمدير عام السكة الحديد البريطاني في عطبره، فاستقال للتطوع من وظيفته التي كانت وظيفة كبيرة آنذاك، وقد التقى الشاعر بعد تطوعه للذهاب إلى الحرب بصديقه نقيب المحامين الأسبق الأستاذ عقيل أحمد عقيل وأخبره بقصة تطوعه، فما كان من عقيل إلا أن داعب الشاعر محمود أبوبكر بقصيدة مقللاً من صدقية الإنجليز في الوفاء بوعدهم، ومطلع القصيدة: يا نسر دع عنك أوهاماً تجئ بها فإنها محض إغراء وتكذيب وهنا جادت قريحة الشاعر محمود أبوبكر بقصيدة )صه يا كنار( الشهيرة رداً على صديقه عقيل والتي أصبحت رمزاً وشعاراً لاستقلال السودان وأصبحت }مارسييز{ الحركة الوطنية، وصادف أن التقى الشاعر في القطار المسافر إلى حلفا، بالموسيقار اسماعيل عبدالمعين الذي كان مسافراً إلى مصر فقام بتلحين القصيدة التي مطلعها: صهَ يا كنار وضع يمينك في يدي ودعِ المزاح لذي الطلاقة والدد صه غير مأمورٍ وهات هواتناً د يِ مَاً تهش على أَصِيد الأغيد لقد حارب محمود أبوبكر من أجل السودان بسيفه وقلمه، وهناك عدد من الضباط والجنود الذين تطوعوا لقتال الطليان والألمان ونذكر من الذين حاربوا في كرن اللواء محمد نصر عثمان واللواء أحمد أبوبكر الذي كان قائداً للقوات الخاصة المكونة من قبائل البجا ثم قائدا للقيادة الشرقية في القضارف. وهو والد طارق أحمد أبوبكر، ومن الجنود الذين تطوعوا في الشرق تكونت الفرقة الشرقية التي كان قوامها من قبيلتي البني عامر والحباب والذين جعلوا الشوتال )السكين المعقوفة( شعاراً لفرقتهم، وقد أبلوا بلاءً حسناً في المعارك التي خاضوها ضد الطليان خاصة عائدين(. إن الاستقلال لم يأت به الساسة الذين أعلنوه من داخل البرلمان ولكنه جاء بجهود ودماء جنود مجهولين هؤلاء بعض منهم. من مجلة سنار وهذا عنوان موقعها www.sinnar.net/agm قصيدة صَهْ يا كنارُ صَهْ يا كنارُ وضعْ يمينكَ في يدي ودعِ المزاحَ لذي الطلاقةِ والددِ صه غيرَ مأمورٍ وهاتِ هواتناً دِيَماً تهشّ على أَصِيد الأغيد فإذا صغرتَ فكنْ وضيئاً نَيّراً مثلَ اليراعةِ في الظلام الأسود فإذا وجدتَ من الفكاك بوادراً فابذلْ حياتَكَ غيرَ مغلولِ اليد فإذا ادّخرتَ إلى الصباح بسالةً فاعلمْ بأن اليومَ أنسبُ من غد واسبقْ رفاقَكَ للقيود فإنني آمنتُ أنْ لا حرَّ غيرُ مُقيَّد وأملأْ فؤادَكَ بالرجاء فإنها «بلقيسُ» جاء بها ذهابُ الهدهد فإذا تبدّد شملُ قومكَ فاجْمَعنْ فإذا أبَوْا فاضربْ بعزمة مُفرَد فالبندقيةُ في بدادِ بيوتها طلعتْ بمجدٍ ليس بالمتبدّد صه يا كنارُ فما فؤادي في يدي طوراً أضلُّ وتارةً قد أهتدي وأرى العواذلَ حين يملكني الظما فأموت من ظمأٍ أمامَ المورد وأرود أرجاءَ البيانِ دواجياً فأضيق من آنائه بالشُّرَّد أنا يا كنارُ مع الكواكبِ ساهدٌ أسري بخفق وميضها المتعدّد وعرفتُ أخلاقَ النجومِ، فكوكبٌ يهبُ البيانَ وكوكبٌ لا يهتدي وكويكبٌ جمُّ الحياءِ وكوكبٌ يعصي الصباحَ بضوئه المتمرّد إن كنتَ تستهدي النجومَ فتهتدي فانشدْ رضايَ كما نشدتَ وجَدِّد أو كنتَ لستَ تطيق لومةَ لائمٍ فأنا الملومُ على عتاب الفرقد صه يا كنارُ، وبعضُ صمتِكَ موجِعٌ قلبي ومُوردِيَ الردى ومخلّدي أرأيتَ لولا أنْ شدوتَ لما سرتْ بي سارياتُكَ والسُّرى لم يُحمَد حتى يُثوِّبَ للكماة مُثَوِّبٌ ليذيبَ تاموري ويحصب موقدي أنا لا أخاف من المنون وريبِها ما دام عزمي يا كنارُ مُهنَّدي سأذود عن وطني وأهلك دونَهُ في الهالكين فيا ملائكةُ اشهدي.