في حين لا يزال موقع (حريات) محجوبا داخل السودان ، أنكرت تهاني عبدالله عطية وزيرة العلوم والاتصالات حجب أي موقع سياسي معارض لحكومتها . وفي تأكيد على الكيفية التي تدار بها الأمور في البلاد بعد سقوط دولة القانون ، قالت الوزيرة في تصريحات صحفية أمس الأول ، ان هذا الأمر لا يأخذ منها مجرد رفع سماعة التلفون وإصدار أوامر الإغلاق : (ممكن بي تلفون مني أوقف الواتساب وكل التطبيقات على الانترنت ). وأقرت بان حجب هذه المواقع يأتي بتوجيه من جهاز الأمن أو (جهات العليا) – لم تسمها – في إشارة لرئاسة الجمهورية . وإعترفت بعدم جدوى حجب المواقع ، قائلة (ان قفل المواقع لا يخدم الغرض لكون الحجب يتم داخل السودان فقط بينما تظل تلك المواقع تعمل في خارج الحدود). وفي تأكيد على كذب الوزير وحكومتها فان موقع صحيفة (حريات) لا زال محجوبا داخل السودان منذ 25 يونيو 2012 وحتى هذه اللحظة . وسبق وحجبت السلطات في الخرطوم عددا من المواقع على رأسها (حريات) ، (الراكوبة) و(سودانيز أون لاين) 25 يونيو 2012م عقب تفجر انتفاضة 17 يونيو . وقال مدير تحرير صحيفة (حريات) رداً على تصريح الوزيرة : ( ان تصريحاتها تعبر تماماً عن الأوضاع الحالية في البلاد ، حيث يمكن حجب المواقع وإغلاق الصحف برفع سماعة الهاتف). وأضاف ( في حين يقوم جهاز أمن النظام بمصادرة الصحف ويمنع توزيعها كما حدث بالأمس مع صحف الأيام و الصحافة وألوان ، ويطارد الصحفيين/ت ويمنعهم من الكتابة ، ويوزع قائمة (الخطوط الحمراء) على الصحف ، لا يزال البعض يتوهم ويحلم ب (وثبة) للحريات من عمر البشير راعي الفساد وقامع الحريات الأول في البلاد ). وقال خبير بتقنية المعلومات ل (حريات) اليوم ، ان حديث الوزيرة يوضح عدم إلمامها بتقنية المعلومات وبشؤون وظيفتها ، قائلاً ( ان سياسة الحجب عفا عليها الزمن ، ليس لأن المواقع تقرأ بالخارج مهما حجبت بالداخل كما قالت الوزيرة ، بل لأن سياسة الحجب نفسها أصبحت غير فعالة ، فالحجب لا يحجب ، وصاحب الموقع المحجوب وبسهولة يمكنه إنشاء موقع على (الفيسبوك) ينزل به ما تم حجبه وبالتالي يستطيع الوصول لأكبر عدد من القراء) . وأضاف ( ثم ان البرامج التي تفتح جميع المواقع المحجوبة أصبحت في متناول يد الجميع ، إضافة إلى ان تقنية الهواتف الذكية تتيح الدخول من خلالها الدخول لكل المواقع المحجوبة، بدون إنزال أي برامج ). وكان جهاز الأمن سبق وأوقف سبق صحيف (رأي الشعب) ، (الميدان) ، (التيار) و(الجريدة) عن الصدور ، كما ظل يصادر الصحف الأخرى . كما منع عدداً من الكتاب من الكتابة في الصحف ، أبرزهم البروفسير الطيب زين العابدين ، والأساتذة حيدر المكاشفي ، د. زهير السراج ، فايز السليك ، أبوذر علي الأمين ، رشا عوض ، خالد فضل ، عثمان شبونة والطاهر أبوجوهرة. ورغم أساليب جهاز الأمن المتعددة في التحكم والسيطرة ، من الإستدعاءات وتقديم الكتاب والصحفيين للمحاكم ، والتحكم في السجل الصحفي ، وإختراق المجال الصحفي بالعناصر الأمنية والمرتشين والهتيفة ، وإستخدام رؤساء التحرير المتعاونين كرقباء ، وتوظيف الضرائب والإعلانات كوسائل أمنية ، رغم ذلك فشل جهاز الأمن في السيطرة الكاملة على الصحف الورقية ، فاعاد فرض الرقابة القبلية مرة أخرى . ووفرت الصحافة الالكترونية بديلاً ومتنفساً. وحاولت أجهزة الإنقاذ منذ زمن السيطرة عليها ، فكونت كتيبة للتخريب الالكتروني أسمتها ( الجهاد الالكتروني) ، ووفرت لها ميزانية مفتوحة ، وحاولت عناصر هذه المجموعة إغراق المواقع بالتفاهات والبذاءات ونشر الدعاية السوداء عن المعارضين ، كما إعتدت بالتخريب عدة مرات على المواقع الديمقراطية والمعارضة ، ولما فشلت أساليبهم هذه ، وفي ظل الهبة الشعبية المتصاعدة ، ونشر المواقع الالكترونية لأخبارها ودعوتها إلى تصعيدها وأخبار تقدم قوات الجبهة الثورية ، ، ونشر أخبار الغلاء والفساد والإنتهاكات والإعتداءات ، لجأت سلطات حكومة المؤتمر الوطني إلى سلاحها الأخير الحجب ، وهو وكما قال الخبير التقني سلاح عقيم عفا عليه الزمن . ويؤكد حجب (حريات) ومصادرة الصحف ومطاردة الصحفيين/ت فشل دعاية المؤتمر الوطني وعجزها عن مواجهة الفكر الديمقراطي . والحكومات التي تؤسس سلطتها على القمع بصورة أساسية ، حكومات آفلة ، لأن القمع أقل وسائل الحكم مرونة وديمومة.