كمال كرار تدفع 10 جنيهات إلي متحصل النفايات ، والشارع مملوء بالقاذورات ، وقد يعطيك إيصالاً وقد لا يعطيك ، ويذهب والخازوق معلق فيك . وقد تدخل العشرة جنيه خزنة المحلية وقد لا تدخل ، لكنها إن دخلت ستضاف إلي رسوم أخري سلبت منك في شكل جبايات ودمغات وحركات ورشوات . وسيجري صرف بعض الأموال علي شراء عربات السدنة ، ومصاريف الوقود ، وأجور السواقين وتكاليف العفريتة وغيار الزيت . والبعض الآخر سيصرف علي تأثيث المكاتب ، وتجديد البوهية ، وتركيب البوابات الإلكترونية ، وشراء الأطباق الفضائية وشاشات البلازما . وسيصرف أيضاً علي الحوافز والنثريات ، والعوازيم ، والفواتح والمراحيم وكل مناسبات التنابلة وهنالك المال الذي يخصص للسفر والترفيه خارج السودان ، بالنقد الأجنبي ، أو لرحلات العلاج حتي لو كان ( نزلة) برد كما أن هنالك نثريات الضيافة ، لزوم القيافة ، فالمسؤول ( يموت) في عصير الجوافة هذه منصرفات الأموال الموجودة في الخزن الصغيرة ، أما منصرفات الخزن الكبيرة ، فهي المخصصة لشراء المخططات السكنية ، والمنتجعات النهرية ، وناطحات السحاب ، وتأسيس الشركات وتعدد الزوجات . وما فاض من الأموال بعد ذلك ، يخرج بشيك معتمد إلي حسابات السدنة في ماليزيا البعيدة ، وقطر ( الشديدة) وبينما تدور قروشك علي ما يهم السدنة والتنابلة ، فإن ولدك ينطرد من المدرسة لأنه لم يدفع خمسة جنيه ، وبنتك تحرم من الشهادة الجامعية لأنها لم تدفع الرسوم والبالغة 100 جنيه ، وولد أخوك لا يعالج في المستشفي الحكومي إلا إذا دفع القروش ، وكل ما تدفعه يدخل ( الكروش) . وكلما تدفع قرشاً ، يطالبك السدنة بجنيه ، وإن دفعت الجنيه ، طالبوك بعشرة وإن دفعتها كتب عليك أن تدفع 100 ، دون أن تحصل علي أي خدمة حكومية مقابل ما تدفع من مال . لو امتنع الناس عن دفع الجبايات ، لانقطعت السيولة عن السدنة ، وشهواتهم وأمنهم ( وبمبانهم) . وللتذكير فإن عائدات الكهرباء البالغة بحسب أرقام السدنة أكثر من 5 مليار جنيه لا تدخل الميزانية ، ولا تدخل عائدات الذهب لأي خدمة حكومية . وللتذكير فإن الحد الأدني للأجور 425 جنيه ، والحد الأدني لماهية أي سادن 80 ألف جنيه بخلاف الرشوات التي تسمي تسهيلات . وكل ماهية سادن يمكن أن تعين 160 خريجاً جامعياً بمرتب شهري قدره 500 جنيه ، أو تبني فصلين دراسة لتعليم 100 تلميذ لا يجدون مدرسة في أقاصي شرق السودان . وماهية أي سادن ، تعالج 80 فقيراً من أمراض سوء التغذية والسل والملاريا والتايفود . أما كيف يتخلص الناس من السدنة ، فالإجابة في سوق ( المقاقيش) ، الكائن في شارع أبريل عند تقاطع سبتمبر والحرافيش