٭ الجزء الثالث من مذكرات الرائد معاش زين العابدين محمد أحمد عبد القادر خصصه للحديث عن الضباط الأحرار والطريق إلى السلطة.. كتب «في جبيت كان قائد المدرسة بالانابة هو القائمقام جعفر محمد نميري وكان معي في هذه الدورة الحتمية من الضباط الأحرار اليوزباشي أبو القاسم محمد ابراهيم، اليوزباشي مامون عوض أبو زيد وهناك كنا نجتمع أربعتنا عدة مرات في الأسبوع لنفكر بصوت مسموع نيابة عن التنظيم ونخطط لنخرج بتصور متكامل نرفعه للتنظيم عند عودتنا للخرطوم بعد نهاية الدورة حول كيفية الاستيلاء على السلطة.. ليس حباً في السلطة ولكن باعتبار ان ذلك هو المخرج الوحيد للبلاد من النفق الذي زجتها فيه الأحزاب». ٭ انتهت الدورة في منتصف عام 1968 وعدنا إلى الخرطوم وعلى الفور تمت الدعوة لاجتماع وفي الهامش «عقد الاجتماع بمنزل ابن عمتي وزوج شقيقتي عثمان علي ابراهيم صاحب شركة الطابع السوداني الكائن بشارع 49 بحي العمارات وكان صاحب المنزل وقتها يقضي اجازة مع عائلته بالقاهرة ولا يقيم أحد في منزله الذي يقع في مكان آمن» في ذلك الاجتماع طرح نميري وجهة النظر التي تبلورت لدينا في جبيت وكان من بين الحضور الرائد أبو القاسم هاشم «كان سكرتيراً للتنظيم» والمقدم بابكر النور والرائد الرشيد أبو شامة والنقيب محبوب ابراهيم «طلقه» والرائد خالد حسن عباس واتغيب أبو القاسم محمد ابراهيم والنقيب عبد المنعم محمد أحمد وشخصي وآخرون. ٭ رحب الحضور بالافكار التي تم طرحها وشرعوا في تقييم الموقف والاعداد لعمل جاد يستهدف سعي الضباط الأحرار للاستيلاء على السلطة. ٭ وفي الاعداد لساعة الصفر وتقييم الموقف وفي الاجتماع الذي عقد في الأسبوع الثالث من ابريل 1969 بمنزل الرائد عبد المنعم محمد أحمد «الهاموش» بحي السجانة وكان يضم أربعة وعشرين ضابطاً. كتب صاحب المذكرات «مع احتدام المناقشات تبين ان الاجتماع سينقسم وان الانقسام لن يكون في صالح التنفيذ وكانت حجة الشيوعيين هي «عدم نضوج الأزمة الثورية وعدم كفاية القوات وامكانية ضرب التنظيم ضربة فاضحة اذا ما تم اكتشاف الحركة.. وكانت حجة نميري ان لدينا فرصة لن تتكرر إلا في العام القادم وان الضباط الذين لديهم قوات جاهزة للتحرك هم الرائد خالد حسن عباس قائد معسكر المدرعات والنقيب أبو القاسم محمد ابراهيم والرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر قائدي بلوكي المظلات.. وانه ليس مطلوباً من الأسلحة الأخرى تحريك قوات وكل ما هو مطلوب منهم هو تأمين أسلحتهم.. مجرد تأمين «دي صعبة».. عندما لم يجد نميري قبولاً طلب التصويت برفع الأيدي فوقف «18» ضابطاً مع التأجيل وستة ضباط فقط مع التنفيذ العاجل. الضباط الستة هم «جعفر محمد نميري، خالد حسن عباس، أبو القاسم محمد ابراهيم، مامون عوض أبوزيد، زين العابدين محمد أحمد عبد القادر، فاروق عثمان حمد الله» ورفع الاجتماع وسط مشاعر متباينة. البعض شعروا بخيبة الأمل والكثرة شعروا بأن التنظيم قد منح نفسه فرصة لضمان تنفيذ أفضل في المستقبل. ٭ خرجنا نحن الستة الذين رأينا ضرورة التنفيذ العاجل من الاجتماع في حالة حزن شديد وفي بالنا صف الضباط الذين ساندونا ويتلهفون لساعة الصفر وكان معنا من المظلات الجاويش محمد ابراهيم والأمباشي عبد الله الدخري والجاويش محمد عمر السنجة ومن المدرعات الجاويش عبد الله خير الله والبنجاويش عبد الله البدري.. اتفقنا نحن الستة ان نذهب لمنزل السيد عبد الرحيم النعيم بكراوي «حطب» خال الرائد مامون عوض أبو زيد» في حي ود ارو بأم درمان للتداول في الأمر وبعد أخذ ورد ونقاش ساخن تخللته مشاعر الحسرة والتلويح بقبضات الأيدي والتشنج قررنا بالاجماع أن نقوم بالتنفيذ وتحريك قواتنا والاستيلاء على السلطة.. رضى تنظيم الضباط الأحرار أو لم يرض واتفقنا أنه من الناحية الأخلاقية حتى لا يتحمل التنظيم مسؤولية ما نقوم به إذا فشلنا لابد أن نعلن انسلاخنا عنه وتم تكليف الرائد أبو القاسم هاشم باعتباره سكرتيراً للتنظيم لاجتماع عاجل تعلن فيه استقالتنا أو قل انسلاخنا من التنظيم. أواصل مع تحياتي وشكري