يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    حزب الأمة القومي: يجب الإسراع في تنفيذ ما اتفق عليه بين كباشي والحلو    دول عربية تؤيد قوة حفظ سلام دولية بغزة والضفة    تشاد : مخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف خلال العملية الانتخابية"    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    الفنانة نانسي عجاج صاحبة المبادئ سقطت في تناقض أخلاقي فظيع    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    جبريل ومناوي واردول في القاهرة    وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    الأمم المتحدة: آلاف اللاجئين السودانيين مازالو يعبرون الحدود يومياً    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقصة الذئاب و معركة كسر العظم الصامتة فى الخرطوم – حملة المشعل الاخوانى والعسكر
نشر في حريات يوم 07 - 11 - 2014

الاخبار والتسريبات التى تناولت المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطنى وما قبلها اجتماع مجلس الشورى لاختيار رئيس الحزب ومرشحا لرئاسة الجمهورية و التى فاز فيها البشيربما يزيد قليلا عن نصف الاصوات ‘ اتت من كل حدب وصوب….معظمها اكدت على وجود الصراع الكبير بين تيارين فى المؤتمر الوطنى , تيار ينادى بالتغيير الشامل وعلى مستوى كافة الاشخاص والمناصب ابتداء من راس الدولة والحزب , وبين راى اخر وهو الذى فاز و يرى ضرورة استمرار الدست القيادى الحالى كما هو ومنحه مزيدا من الصلاحيات التى تتطلب تعديل دستوريا وذلك لطبيعة المرحلة الحرجة ومواجهة التحديات التى الجسيمة كما ورد فى التبريرات ..
هذا الذى جرى وسيجرى فى المرحلة القادمة يحتاج لتفكيك فيثاغورثي لكثرة تشابكه وتقعيداته حزبيا‘ محليا ‘اقليميا ودوليا وسيحاول هذا المقال الخوض فى هذه النلافيف املا ان يفتح اخرون نوافذ اكثر اضاءة وعمقا وادق قراءة للواقع مما سيذهب اليه المقال ..فالذى يجرى حاليا هو اخطر مراحل صراعات النظام على الوطن وكيانا دولة .
طبيعة واطراف الصراع الداخلى :
اعتاد الخطاب الاعلامى الرسمى والمعارض خلال الفترة الماضية على تفسير صراع التيارين فى المؤتمر الوطنى على انه صراع بين مراكز قوى يقود احدها نائب رئيس الجمهورية السابق على عثمان محمد طه والذى شغل منصب الامين العام للحركة الاسلامية حتى العام 2012 ‘ وبين مساعد الرئيس السابق وامين القطاع السياسى للمؤتمر الوطنى السابق ايضا ‘ نافع على نافع ‘ واعتاد ذلك الخطاب ايضا على تصوير الرئيس عمر البشير على انه صمام الامان ومحور اجماع الفريقين‘ وان الذى يزجى نار الخلاف بينهما هو ان كلا من الرجلين قد بنى لنفسه قواعد من النفوذ والاتباع‘ ويطمع كلاهما فى وراثة كرسى الرئاسة من بعد ان تنتهى مرحلة البشير .
الا ان الامر فى تقديرى لم يكن خاليا من طرف ثالث حرص على حماية نفسه من التناول الاعلامى ‘ وان الصورة الكاملة للصراع رغم التداخلات و(الدغمسة) لم تغب عن الكثيرين من كتاب الراى والسياسة رغما عن غيابها القسرى عن الاعلام .
فيما يتعلق بالرجلين قادة الصراع المعلن فلكل منهما خلفيتهما وبصمتها فى التنظيم والتى يتقاصر دونها الاخرون من قيادات التنظيم ..فالمحامى السابق على عثمان محمد طه هو من تولى رئاسة الكتلة البرلمانية للجبهة الاسلامية القومية ابان فترة الديمقراطية الثالثة ‘ وهو المسئول التنفيذى الاول فى تنظيم الجبهة الاسلامية عن تنفيذ انقلاب يونيو 1989‘ و صاحب العقلية التى صبغت النظام بمنهجها واسلوبها خصوصا بعد تمكنه من ابعاد عراب الاسلام السياسى فى السودان د.حسن الترابى‘ فيما عرف بالمفاصلة فى العام 1998 , وهو ايضا من قاد مفاوضات نيفاشا الماراثونية التى أدت لاتفاقية السلام الشامل‘ حتى عُدَ عند الكثيرين صانع سياسيات النظام و رجله الاول ‘ لجمعه بين قيادة التنظيم السياسية ومقاليد العمل الامنى على اعلى مستوياته . الرجل الاخر هو الاستاذ الجامعى نافع على نافع والذى اتى من خلفية مختلفة ‘ فهو سليل حاضنة التنظيم الامنية والذى تلقى تدريبه الامنى –الاستخباراتى فى ايران ويعتبر من اقسى القيادات الامنية طوال عهد الانقاذ ‘ حيث ارتبط اسمه بانشاء المعتقلات التى عرفت بيوت الاشباح و تنفيذ حملات التعذيب والاغتيال التى طالت معارضى النظام ‘ كما ساهم بقدر كبير فى تأسيس البنية الامنية للنظام من مليشيات وافراد.
صعود نافع الصاروخى تنظيميا تلى المفاصلة فاصبح المسئول الأمنى امينا عاما للقطاع السياسى‘ ومساعدا دائما لرئيس الجمهورية ‘ومنافحا شرسا باسم الحزب والنظام ‘ الأمر الذى سخر منه الترابى حين قال عندما خرج من السجن ( بعد خروجي من السجن وجدت نافع اصبح سياسيا) ‘ ولا شك ان ذات الرأي يضمره الكثيرون من القيادات السياسية الذين ظلوا داخل اروقة النظام .هذا الصعود لم يكن مجانيا ولم يكن صدفة فللرجل القبيح طموحاته الذاتية ‘ والتى تم استخدامها بذكاء من قبل الطرف الثالث معسكر الرئيس (الجناح العسكرى للتنظيم ) ‘ والذى ظل طوال عهد النظام يتحسس موقع خطواته كيف لا وهم على علم ودراية باصل لعبة الشطرنج الاخوانية ‘ والتى اطاحت قتلا وتفجيرااو تجميدا واقالة بالعديد من رفقاء السلاح منفذى انقلاب يونيو المشئوم ‘ بعد انتهاء دور هم المرسوم . كما ان ذلك المعسكر يعلم جيدا ويدرك مخططات التنظيم ونواياه فى تحميلهم وزر تجربة الحكم الاسلامية بكل جرائمها وفسادها وفشلها الصارخ ‘ ويعلم ايضا إنً أوان تنفيذ ذلك المخطط قد بدا يطرق الابواب بشدة‘ خصوصا وان رأس الزعيم مطلوب للمحكمة الدولية . هذا الفريق رغم انه قد ظل بعيدا عن التناول الا انه يعرف جيدا تلك المعادلة ‘ فعمل من جهته فى الداخل على عدة اتجاهات :
اولهما استغلال الصراع فى اضعاف معسكرى الرجلين القويين على عثمان محمد طه ونافع على نافع ‘ خصوصا الرجل الاقوى على عثمان فقد اطلقت يد المعسكر المناوئ له بإلقاء اللوم عليه واتهامه بالتفريط فى الثوابت فى اتفاق نيفاشا ‘ تلى ذلك ازاحته من مقعد الامين العام للحركة الاسلامية وأُوتى بالزبير محمد الحسن امينا عاما ‘ الذى هو بالاضافة لما اتصف به من محدودية امكاناياته لمنصب كهذا ‘ اتى مكبلا بملفات فساد مهول اثناء توليه وزراة المالية ‘الامر الذى يجعل منه مجرد مطية لنائب الامين العام للحركة الفريق بكرى حسن صالح ‘ رفيق البشير الاقرب والرجل الممسك بكتير الملفات العسكرية والاستخباراتية . نفس الدور الذى لعبه مساعد الرئيس نافع ضد النائب الاول على عثمان تم استغلاله ضده‘ فقد اصابته السهام الاولى عند توقيعه اتفاقا مع زعيم الجبهة الثورية فيما عرف باتفاق نافع –عقار ‘ ذلك الاتفاق الذى اطاح به البشير . تلى ذلك ازاحة الرجلين معا بحجة وحدة التنظيم وتفكيك مراكز القوى ‘ وبرر الامر فى العلن على انه نهج سياسى جديد يدعو للتجديد ومنح الفرصة الشباب ‘ فاختير بكرى نائبا للرئيس ‘ وحل المثقف البراغماتى محدود الطموحات والتاريخ فى الحركة الاسلامية بروفيسير غندور مكان نافع على نافع .
وثانيها :اعادة ما انقطع من حبال مع جناح الترابى (المؤتمر الشعبى ) ليشكل مرتكزا اخرا لمعسكر الرئيس . فقد قاد البشير الحوار بنفسه مع الترابى و الذى كانت نتيجته انعقاد مؤتمر الحوار الوطنى الذى اصبح الشعبى عرابه وسمساره فى الساحة السياسية
ثالثهما : تعميق ارتباط النظام بالطرق الصوفية وما يشكله ذلك من دعم شعبى ودينى للنظام من قبل اتباعها وكافة الناس الذين يجدون ان الاسلام المتصوف اقرب الى معتقدهم وواقعهم من اسلام الاخوان المسلمين .
رابعها :تسويق صورة البشير على انه رجل المرحلة الاقرب للتفاوض والوصول لحلول سياسية مع كافة الفرقاء السياسين والاصلح لقيادة حكومة انتقالية تتبنى التغيير والمصالحة السياسية ‘ مع الاستدلال بتجربة الحزب الاتحادى الديمقراطى الاصل بالمشاركة الكاملة ومشاركة نجل الامام الصادق المهدى.
التداخلات الخارجية :
لا يحتاج الحصار والعزلة الدولية التى يعيشها النظام الى كثير من التدليل عليها فالاخبار تؤكد ذلك وعلى صعيد يومى ‘ خصوصا بعد سقوط تجربة اخوان مصر ‘ وهذا ليس محور المقال . لكن الضربة اتت هذه المرة من قلب التنظيم العالمى للاخوان المسلمون الذى اعلن ما كان يقال خفاءا : تخليه الكامل عن نظام البشير ‘ مؤكدا امراً طالما ظللنا نردده الا وهو ان التنظيم االعالمى للاخوان المسلمين ‘ واتباعهم من الحركة الاسلامية فى السودان‘ يسعون الى تحميل وزر التجربة الفاشلة وجرائمها بالكامل لنظام عمر البشير منفصلا عن الحركة الاسلامية . تجلى التخلى ذلك فى الرسالة المقتوحة من احمد الريسونى نائب الشيخ يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين الى الرئيس البشير‘ ومطالبته بالتنحى عن السلطة سلما ‘ واصفا اياه بالدكتاتور الانقلابى فاقد الشرعية ‘الذى انقلب على نظام حكم ديمقراطى لا غبار على شرعيته‘ مشيراً الى اعتماده على الجيش والاجهزة الامنية المتلسطة للبقاء فى السلطة ‘ واضعا اياه ضمن القائمة السوداء لاسوأ رؤوساء المنطقة كالقذافى والاسدات ومبارك ‘ واصفا محاولات النظام لاكتساب الشرعية عن طريق اللجوء للانتخابات بانها امور نعرف نتانتها وانها مجرد حجة سخيفة ومبتذلة ‘ داعيا اياه الى التخلى عن السلطة (أحسن ما تتقرب به إلى ربك، وتخدم به دينك ووطنك، وأفضل ما تهديه للأمة الإسلامية وللحركة الإسلامية، هو أن تتنحى عن الحكم راضيّاً مرضيّاً).
الله الله ماذا ترك الشيخ احمد الريسونى لاى معارض أن يقول فى النظام ؟ لماذااصبحت ثورة الانقاذ انقلابا غير شرعيا وصُنًف البشير ضمن القائمة السوداء التى تمارس الالاعيب القذرة والمبتذلة للاحتفاظ بسلطة قهرية وقمعية ؟
من البديهيات القطعية ان التنظيم على دراية بكل تفاصيل واوضاع فرعه فى الخرطوم ‘ وعلى اضطلاع مباشر ودقيق بمجريات الصراع الداخلى فى الحزب والنظام . وقبل كل ذلك ومن المسلمات ايضاً انهم يعرفون جيداً ان المركب الحاكم بمجله هو ابنا شرعيا للتنظيم ‘ بل انه الفرع الوحيد للتنظيم فى العالم الاسلامى الذى اتيحت له فرصة ممارسة الحكم المطلق لمدة ربع قرن من الزمان‘ لذا تلقى دعمهم المطلق طيلة عهده. فلماذا الان ؟ هنا تاتى الاجابة محملة بالتقاطعات المتشابكة بين الصراع الداخلى والواقع الاقليمى ‘ و تتلخص فى ابتعاد الرئيس البشير عن أجندة التنظيم على مستويين: فخارجيا وفيما يتعلق بمصر ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسى خطط التنظيم لزعزعة استقرار نظام السيسى وافشاله وقد مهد للامر باقامة البنية التحتية من خلال السودان – راجع المقال السابق فى الراكوبة بعنوان (الاسرار المعلنة والخفايا لعملية الوثبة … دور قطر والتنظيم الدولى للاخوان المسلمين فى الجحيم القادم الى وادى النيل ) الا ان البشير قد اختط نهجا مخالفا بالتقرب من سيسى مصر وما زيارته الاخير لمصر الا اول الاشارات التى ستليها خطوات اكثر مخالفة لتخطيط التنظيم ..ويبدو للعيان ايضا ان هنالك ضغوطا مصرية واقليمية على البشير فيما يتعلق بمجريات الصراع الليبى الداخلى فسرعان ما بادرت الخرطوم الى استقبال رئيس الحكومة الليبية عبد الله الثنى بعد زيارة البشير للقاهرة .وعلى صعيد داخلى : اتاحت الصراعات التى لم تتوقف يوما بين رجالات الاسلام السياسى لجناج البشير فرصة ذهبية لاضعاف كل الاطراف الاخرى‘ واكمال سيطرته على مفاصل النظام والحزب‘ باستبعاد عرابى التنظيم العالمى من ذوى الوثن الثقيل ‘ فالصراع الاول ابعد الترابى فى 1998 والصراع الحالى اتاح ابعاد اللاعبين الاساسيين ‘ على ونافع ومعظم القادة العسكريين والامنيين غير الموثوق فى ولائهم . ليحل مكانهما منظمومة امنية عسكرية تدين بالولاء العسكرى للبشير اكثر من ولائها للتنظيم والحركة الاسلامية – ولعل اوضح تجليات مدى سيطرة هذا الجناح قائمة الاسماء التى وردت فى الوثيقة المسربة للاجتماع القيادى الشهير والتى نشرها بروفسير اريك ريفيز -( الفطنة وحدها تشير الى من سرب الوثيقة ) - ذلك الاجتماع الذى تناول استراتيجات سياسية وامنية عليا للنظام ..فطبيعة المجتمعين توضوح سيطرة هذه المنظومة الامنية العسكرية على قلب النظام ..ففى ذلك الاجتماع كان المتواجدون اربعة عشر شخصا ‘ عشرة منهم يحملون رسميا رتبةالفريق . بل ان تلك المنظمومة تسللت الى قلب الحركة الاسلامية فى شخص نائب الرئيس بكرى حسن صالح . و هنالك امر اخر يدركه جناح البشير ويدركه ايضا اسلاميو الخرطوم والتنظيم العالمى وهو فقدان الحركة الاسلامية للتاثير السياسى والدينى والاخلاقى على الشارع وانعدام الدعم الشعبى لها بصورة غير مسبوقة ..فتراكم الفشل والقمع والحروب الموت والفقر جعل منها مجرد حزب حاكم متسلط معزول عن الشعب يعتمد فى بقائه فى السلطة على قبضة العسكر واجهزة الامن . فاصبح لك طرف معادلته الخاصة .
المعادلة لجناح البشير (العسكرى – الامنى ) فى غاية البساطة : لم التمسك بقيادات هشة فاسدة لا تستطيع توفير اى قدر مؤثر من الدعم الشعبى ‘ ومنبوذة اقليميا و تعمل بكل ما لديها على تحميله كامل ارث تجربة الانقاذ ‘ فى حين ان ابواب المساومات المحلية والدولية مشرعة امامه بعيدا عن اى وصاية من قادة الاسلام السياسى التقليديين .اما معادلة اسلاميي التنظيم العالمى فى المؤتمر الوطنى فتتلخص فى محاولة ازاحة البشير عن طريق المنادة بالتجديد وتفريخ قيادات جديدة وتغير كل الاوجه القديمة بما فيها قادة الدعوة للتغيير انفسهم . نسف جناج البشير ذلك المسار تماما ..فاستبق المؤتمر العام بانعقاد مجلس الشورى الذى اختار البشير مرشحا اوحد للحزب رغما عن عدم دستورية ذلك .والقى على عثمان ثقله الى جانب الجناح الرابح ‘ فانجزت العملية بنجاح ‘ وهنا انتفض ضمير نائب القرضاوى وتبنى خطاب اعنف معارضى النظام ‘ولكن رسالة الرجل حملت كل سمات الخطاب الاخوانى الانتقائى الخبيث ‘ فقد لخص الخلل فى راس النظام ولم يشر الى منظومة الفساد التى ولدت من رحم الاسلام السياسى ولا الى حروب الابادة الجماعية ولا الى الفشل المنهجى العميق لحركة الاسلام السياسى فى ادارة دولة حكموها لمدة ربع قرن فاورثوها الفقر والموت والتشرذم والانفصال .
رسالة الرجل الثانى فى قيادة الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين تطابقت داخليا مع تصريحات القيادى البارز امين حسن عمر‘ احد ابرز قيادى التيار الذى يتبنى التغيير ‘ فقد اوضح فى الحوار الذى اوقفت من اجله صحيفة الصيحة من الصدور ‘ ونشره على صفحته فى الفيسبوك صاحب الحوار الصحفى بالجريدة يوسف الجلال ‘ ان هنالك لوبى وجماعة ضغط بقيادة على عثمان محمد طه مارست الاكراه (المعنوى) على مجلس الشورى لتبنى ترشيح البشير كمرشح وحيدٍ للحزب ‘ وابان ان هنالك تيارا عريضا داخل المؤتمر الوطنى يعارض هذه الخطوة ولا يراها صائبة. الا ان اخطر ما قاله امين حسن عمر و بجلاء وصراحة يحسد عليها نيه هذا التيار فى ازاحة كامل المنظومة العسكرية الامنية والسيطرة عليها بازاحة راس تلك المنظومة تامل قوله فى فى نفس الحوار:(الاتجاه الذي أمثله هو تبني التغيير الشامل، ونحن نعتقد أن التغيير بصورة فاعلة لن يتم إلا إذا شمل الرئاسة، لأن رئاسة الحزب هي رئاسة الدولة، ورئاسة الدولة ليست شخصاً، وإنما بنية وهيكل، ومهما قيل إن هناك مؤسسات رسمية تطرح فيها القضايا، فإنني أقول إن هناك مؤسسة غير رسمية مخفية لها فعالية المؤسسات الرسمية في التأثير. ولا يوجد إنسان يأتي ليملي على الرئيس، لكن الرئيس بشر يؤثر عليه الناس الذين يقربهم، أو الذين يقتربون منه. وهؤلاء لن يتم تغييرهم إلا إذا تم تغيير الرئاسة، لأنه معلوم أن البنية القيادية غير الرسمية لا يمكن تفكيكها إلا بتغيير القيادة. وهذا هو رأيي بصراحة ودون مواربة، ولكن إذا خالفني غالبية الناس في هذا الرأي فسوف أقبل برأي الأغلبية، ليس من باب التسليم، بل من باب إعادة فحص رأي وأقولها لك بصدق إنني أعدت فحص رأيي مرارًا وتكراراً ولم أتيقن بأنني مخطئ في ما قدرّت، ولا أزال أقدّر أنه لابد من الإصلاح ليس فقط في الحزب، بل في الحياة السياسية كلها. ولكي نقوم بهذا الدور لابد من مبادرات أقوى من مما كنا نخطط). انتهى الاقتباس ولا اعتراف اصرح واوضح من ذلك القول فى تبيان طبيعة الصراع وحجمه ومساراته المقبلة‘ من هنا يمكن تفسير الانشقاقات من جسم المؤتمر المتدثرة برداء التجديد او غياب الممارسة الديمقراطية ‘ ومن هنا ايضا يمكن تفسير الانشقاقات اللتى ستلى المؤتمر .ومن هنا يجب قراءة تحركات النظام المحلية تجاه الفرقاء المحلين او الاقليمية بما فيه الاتفاق العسكرى الموقع اخيرا مع قطر . كيف سيحسم هذا الصراع ؟ لا احد يدرى فزئبقية التنظيم وحربايئته بلا انتهاء.لكن المؤكد انه الى ان تنتهى رقصة الذئاب تلك والتى امتدت لربع قرن سيظل الوطن ينزف بشرا وارضا وكرامة .فهل ينتبه من يهمهم الامر واعنى جميع الناس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.