جاء السودان كثالث أكثر الدول فساداً في العالم لعام 2014 ، بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية المنشور أمس 3 ديسمبر . ومن أجل تحديد تصنيفها السنوي تستند منظمة الشفافية الدولية الى معطيات تجمعها (13) مؤسسة دولية بينها البنك الدولي والبنوك الآسيوية والافريقية للتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي. وكشف التقرير أن السودان لم يبرح المراكز الأخيرة في السنوات الماضية، منافسا للصومال وأفغانستان اللتين لا تتوفر بهما أي أنظمة ثابتة، إضافة لكوريا الشمالية. وكشف بان السودان لم يتغير موقعه بين الدول الأكثر فسادا، بل تدهور أكثر في العام الحالي 2014، مقارنة بتقرير عام 2013. وحذرت منظمة الشفافية الدولية من ان الفساد لا يؤدي فقط إلى حجب حقوق الإنسان الأساسية عن المواطنين الفقراء ، بل يهيئ أيضاً لمشكلات في الحوكمة ولانعدام الاستقرار. وذكرت ان ( إن الاقتصادات سريعة النمو التي ترفض حكوماتها التحلي بالشفافية وتتسامح مع الفساد، تهيئ لثقافة الإفلات من العقاب التي ينتعش في ظلها الفساد). وشددت على ان الدول المتصدرة للمؤشر يجب أن تكافح الفساد عالمياً. وقال خوزيه أوغاز رئيس الشفافية الدولية : ( يُظهر مؤشر مدركات الفساد 2014 أن النمو الاقتصادي يتقوض وأن جهود وقف الفساد تتراجع عندما يسيء القادة وكبار المسؤولين استخدام الأموال العامة لتحقيق مكاسب شخصية). وأضاف : ( يقوم المسؤولون الفاسدون بتهريب أموال تم تحصيلها بطرق غير مشروعة إلى حيث الأمان في شركات خارج أراضي دولهم مع الإفلات التام من العقاب) . وقال: ( يجب على الدول التي حلّت في قاع المؤشر أن تتبنى إجراءات جذرية لمكافحة الفساد من أجل تحقيق مصلحة شعوبها. ويجب على الدول في قمة المؤشر أن تعمل على ضمان عدم تصدير الممارسات الفاسدة إلى الدول ذات معدلات التنمية المتدنية). وبحسب تقرير المنظمة لعام 2014 الصادر أمس 3 ديسمبر والذي شمل (175) دولة ، فان أفضل البلدان في العالم على التوالي ، هي : الدنمارك (29) نقطة من (100) نقطة ، ثم نيوزيلندا (91) نقطة ، فنلندا (89) ، السويد (87) ثم النرويج في المركز الخامس ب (86) نقطة . وأكثر البلدان فساداً في العالم على التوالي هي : الصومالوكوريا الشمالية في المركز الأخير ب (8) نقاط ، ثم السودان (11) نقطة ، أفغانستان (12) نقطة وجنوب السودان ب (15) نقطة . هذا وسبق وإحتل السودان المركز الرابع في تقرير عام 2013 بعد الصومال ، كوريا الشماليةوأفغانستان . والفساد في السودان فساد مؤسسي وشامل يرتبط بكون السلطة الحاكمة سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة . وبكونها ترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . ويجد فساد الانقاذ الحماية من رئيس النظام الذى يشكل مع اسرته اهم مراكز الفساد ، كما يتغطى بالشعارات الاسلامية ، ولذا خلاف ارتباطه بالمؤسسات ذات الصبغة الاسلامية كالاوقاف والزكاة والحج والعمرة ، فانه كذلك فاق فساد جميع الانظمة في تاريخ السودان الحديث ، وذلك ما تؤكده تقارير منظمة الشفافية العالمية وشهادات اسلاميين مختلفين. وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد الى منظومة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما أسوأ من الشياطين !.