الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    عثمان ميرغني يكتب: معركة خطرة وشيكة في السودان    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفث: قتل عمال الإغاثة أمرا غير معقول    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة "محمد عبدالفتاح البرهان"    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة "محمد" عبدالفتاح البرهان في تركيا    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طه إبراهيم : لن ينجو السودان من الإنهيار مالم يتخلص من تجار الدين
نشر في حريات يوم 15 - 01 - 2015

لن ينجو السودان من الإنهيار مالم يتخلص من تجار الدين والحروب وائمة الفساد وسياسات التمكين
طه إبراهيم
لقد أدت سياسات تجار الدين والحروب وائمة الفساد وسياسات التمكين إلى إفقار وتجويع الشعب السوداني واذلاله وتحطيم كرامته وإنهيار تماسكه الإجتماعي ، يكفي أن تتجول في الأسواق حيث يمكنك أن ترى معظم الناس قد فقدوا القدره على شراء أكثر من حبتين من الطماطم شبه الفاسدة لان ثمنها أقل ، وبصلة صغيرة الحجم ، ولعلك قرات كيف صار في غرب السودان أن الناس يبيعون زيت الطعام بالحقنة ، ويقسمون البصلة إلى شرائح لان الناس لا يستطيعون شراء بصلة كاملة ، وأعرف أن الملايين تبيت (القوى) وإن الأطفال لم يعودوا يعرفون طعم اللبن ولا رائحة الإفطار ، وهناك الملايين الذين صار دخلهم لا يساوي ثمن ساندويتش صغير ، وهناك الملايين الذين يعيشون في بيوت القش والكرتون في صحارى النزوح واللجوء ، وهناك الهاربون من الحروب الهائمون على وجوههم بلا مأوي وبلا طعام ولا ماء ، ورغم كل هذه الأهوال يستمر تجار الدين وائمة الفساد (مكنكشين) في المال ومستمرين في التمكين غير عابئين بكل هذه الفواجع والمواجع والمحن .
لقد رأيت بعيني رجالا ونساء يبكون في الصيدليات لان كل ما بيد الواحد منهم من مال لا يكفي لشراء شريط من حبوب الضغط أو السكري ، لقد صار توجها ثابتا عندما تطلب شراء علبة دواء بها عدد من الشرائط أن يسالك الصيدلي هل تريد شريط واحد او اثنين فلم تعد الغالبية تستطيع شراء علبة كاملة ، وإذا نظرت إلى الشوارع المؤدية إلى الأحياء الطرفية في العاصمة المثلثة فإنك سترى المئات يزحفون بارجلهم في طريقهم إلى بيوتهم لأنهم لا يملكون اجرة المواصلات أو أنهم فضلوا الإحتفاظ بها لشراء بضعة أرغفه لاطفالهم الجياع .
لقد عجزت عن معرفة كيف تدبر هذه الملايين إمورها لتبقى حتى الآن على قيد الحياة، وأصدقكم القول أنني كنت إعتبر نفسي من ذوي الدخول العالية فإذا بهذا الدخل العالي تتناقص قيمته يومياً حتى صار لا يغطي نفقة إسبوع واحد من الشهر .
أيها الناس إن السودان في خطر لا حدود له ، وإذا لم يتمكن السودانيون من التخلص من تجار الدين والحروب وأئمة الفساد وسياسات التمكين والإفقار فإن هذه الجموع الجائعة حتما ستنفجر وتحرق الأخضر واليابس ، وتتهاوى دولة السودان وينفرط عقدها.
كيف يعمل تجار الدين ورؤوس الفساد وتجار الحروب
يجدر بي في البداية أن أحدد المقصود بتجار الدين في هذا المقال ، فتجار الدين ليسوا هم رجال الدين بل هم الذين يتاجرون بالدين، ومنهم من هم أصلاً ليسوا برجال دين، إنهم اولئك الذين يشوهون وعي الناس ، ويصرفون نظرهم عن الأسباب الحقيقية لمآسيهم وعن الطرق الناجعه للخلاص من هذه المآسي، انهم يعملون ليل نهار على تنويم الناس ودفعهم للقبول بحالهم أو دفعهم للمناداة بحلول وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع ، تجار الدين الذين تحالفوا مع أقرانهم تجار الحروب وقاموا بإفساد السياسة الخارجية للسودان مما أدى إلى مهالك إقتصادية مدمره ، وعزله إقليمية ودولية خانقه ، أما رءوس الفساد فلن أتحدث عنهم لأنكم تعرفونهم ، أما تجار الحروب فإنهم اولئك الذين ظلوا يعوقون الوصول إلى سلام في السودان وذلك بتحريضهم على رفض تقديم أي تنازلات لانهم يعرفون أن السلام لو تحقق فستبور تجارتهم ولن يجدوا موقعاً يقفون فيه .
ويجدر أن نشير هنا بأن تجار الدين ومندوبي رءوس الفساد وتجار الحرب ينتشرون في كل مكان فقد تجدهم في بعض مواقع السلطة كما نجدهم بين فقهاء الدين ، وبين الصحفيين وكتاب الأعمدة أو المقالات الراتبة وبين فقهاء البنوك ، وبعضهم من قادة الأحزاب السياسية ، ومنهم أساتذه في الجامعات ، وكثير منهم يحتل مواقع خطيره في الإعلام المرئي والمسموع .
ابدأ حديثي عن تجار الدين برجل لا يعتبر قطعا تاجر دين ولكنه وبحسن نيه يعد أكثر الفقهاء سخاء في تزويد تجار الدين بالحجج التي يستخدمونها لتحقيق أغراضهم إنه السيد/ الأمين الحاج محمد أحمد رئيس الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان ورئيس رابطة علماء المسلمين فقد كتب مقالاً بصحيفة السوداني يوم 18/4 جاء فيه( مشكلة السودان لا ولن يحلها حوار وطني ولا غيره وإنما الرجوع إلى شرع الله المصفي) ويتبرع الأخ الأمين الحاج بإقتراح الحلول المستقاه من شرع الله التي تعالج قضايا السودان فيقول (بأن الحل يكمن في الحكم بالسويه ، والعدل في القضية ، وعدم الخوض في مال الله ، والقضاء على الرشوة ، والنصح لله ورسوله ولائمة المسلمين ، ورفع المعاناه عن العامة ، وحماية حقوق غير المسلمين (أهل الذمة) كتبها هكذا (أهل الذمة)وعند تناوله للكيفية والوسائل التي تتحقق بها هذه الحلول التي إقترحها إذا به يقول لأطراف الحوار (فإنتم والله في خطر عظيم إن لم تدعوا كل الذي تخوضون فيه وترجعون إلى كتاب الله ، ورحم الله مالكا القائل (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)).
إذن ، الشرع الذي يطالب بتطبيقه هذا العالم هو الشرع الذي كان مطبقا قبل ألف واربعمائة عام ، وهو يتصور إن تطبيقه سيحل كل معضلات السودان في القرن الحادي والعشرين ، فهو سيؤدي إلى إشباع الجوعى ، وشفاء المرضى ، ووقف الحروب الأهلية والقبلية ، وتعود للعمل والإنتاج كل المشاريع والمرافق التي دمرت ، وتدور عجلة المصانع التي توقفت ، وسيجد كل العاطلين أعمالاً ذات دخول مجزيه إلى آخر ما يمكن أن يقال في هذا الصدد .
السيد/ الامين الحاج مثله مثل كل الخطباء الذين يتحدثون في الشئون الدينية يرسلون الحلول دون بيان من المسئول عن تنفيذها ، فالقول بأن الحلول هي الحكم بالسويه أو العدل في القضية الخ …يضلل الناس ويصرف أنظارهم عن السؤال الأهم والاساسي الذي يتعلق بهوية وطبيعة النظام السياسي الذي سينفذ هذه الحلول وكيف يتم إختياره ، هم أصلا يسعون إلى صرف إنظار الناس عن البحث عن الحكم الراشد ،الحكم الديمقراطي الذي يقوم على سلطات ثلاثة مستقلة عن بعضها ، السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية ، لان الامام عندهم هو صاحب السلطات الثلاثة وإن الشرائع موضوعة سلفا وليس للبشر الحق في وضع التشريعات حسب فهمهم للشريعة وهو فهم سنبين أنه لا علاقة له بشرع الله .
هل قرأتم كلمة واحدة في حلول السيد الأمين الحاج عن كفالة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي صارت تشكل معيار صلاحية أي حكم في هذا الزمان ، والسبب أنهم ينكرون ويرفضون هذه الحقوق والحريات ولعل اشارته لحماية حقوق أهل الذمة اراد بها التأكيد على رفضهم لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية لان نظام أهل الذمة هو أخطر نظام ينتهك أقدس حقوق الإنسان وهو الحق في المساواة دون تمييز بسبب الدين أو العقيدة، وهو تأكيد بأنهم لن يعطوا أهل الذمة أي حقوق سياسية ، فاهل الذمة عندهم لا يحق لهم الإشتراك في إختيار حكام المسلمين ائمة كانوا او قاده أو قضاه الخ … كما لا يحق للذمي أن ينتمي إلى جيش الدولة الإسلامية لان عقيدة الجيش الإسلامي ليست هي حماية الوطن أو الأرض أو الشعب بل هي نشر الدين الإسلامي وحمايته من الأعداء ، ونشر الدين يتم بالجهاد بالسيف ، وهنا نتساءل كيف امتلأت خزائن بيت مال المسلمين للدرجة التي دفعت الخليفة عثمان بن عفان لإصدار أمر بالإمتناع عن جمع الزكاة وقال ان على كل من عليه زكاة أن يعطيها لمن يعرف أنه يستحقها لان بيت مال المسلمين إمتلأ عن آخره وتكدست الأموال فيه رغم إعطاء كل المسلمين حقوقهم التي يستحقونها من بيت المال .
هل تذكرون من أي مصادر جاءت هذه الأموال ؟
أرجو أن لا ينزعج القاريء من طريقة طرح القضية ، وألا يبدأ في تاليف التهم والشبهات إذ بعد المقدمة الطويلة سيأتي ما يثلج صدر المسلم ويجعله يتمسك بإسلامه باشد واقوى مما كان .
إن المصدر الرئيسي الذي يزيد على 70% من الأموال كان عبارة عن غنائم الجهاد بالسيف ، ثم يأتي بعده مصدران هما أصلاً توابع للجهاد بالسيف وأعني بهما الخراج والجزيه ، والخراج اصلا شرعه الخليفة عمر بن الخطاب عندما فتحت العراق عنوه وصار شعبه وأرضه غننيمة لله والمجاهدين ، فرفض الخليفة عمر أن يحول شعبا باكملة إلى أرقاء وقال اتركوهم في أرضهم وافرضوا على الأرض الخراج وعلى رءوس الرجال الجزية – أنظر كتاب الخراج لابي يوسف وقد طبق هذا الحل في كل الفتوحات في اسيا وفي أجزاء من شمال افريقيا .
هذا التصور لمصادر تمويل الدولة تم نسخه وجاء بديل أحسن منه ، فتحريم الغزو دوليا وتحريم الغنائم وخاصة تحويل الناس إلى أرقاء وامتلاكهم مثلهم مثل إمتلاك البهائم وتحريم الجزية وتحريم التمييز بين الناس بسبب الدين أي تحريم تصنيف بعض الناس بأنهم أهل ذمة ، المسلم لابد أن يقول بأن كل هذا التحريم تم بفعل الهي لان المسلم لا يؤمن بأن هذه المحرمات حدثت رغم الإراده الالهية ولهذا فإننا نقول بأن البشر لم يحرموا وإنما الله هو الذي حرم والبشر كانوا أدوات في تجسيد الإرادة الالهية.
العجيب في تجار الدين وبعضهم إشترك في كتابة دستور جبهه الدستور الإسلامي وصاغوا مشروع دستور دولة السودان ، وسجلوا في المادة 26 منه أنه :
1/ لا ولاية للدولة إلا على هذه الأصناف من المال :
أ/ زكاة المال الظاهر والزرع والثمار والأنعام .
ب/ الفيء والعشور.
ج/ الخراج.
د/ الغنائم .
ه/ خمس الركاز.
وأتساءل هل هؤلاء الناس يعيشون في القرن الحادي والعشرين ؟ ويذكرني هذا بمقولة الطيب صالح من أين جاء هؤلاء الذين يتحدثون عن الغنائم والخراج ولعلهم خجلوا من أن يذكروا الجزية فتكرم السيد الأمين الحاج من ذكرها بطريقه غير مباشره عندما ذكر (أهل الذمة) الذين عليهم أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
كيف تبلورت المنظومة الشرعية التي صلح بها الزمان الأول
لقد تبنى فقهاء السلف منطق اللغة والبسوه عباءه وعمامه الدين وسموه علم أصول الفقه .
مصدر المعرفة في اللغة هو النقل وليس العقل ، وصار عند الفقهاء أن مصدر المعرفة هو النقل وليس العقل ، وطبقوا كل ما طبق على اللغة على الفكر القراني والسني سواء في جمعه أو رواته واخذوا بقواعد الجرح والتعديل التي إستخدمت في جمع اللغة وأخذوا العنعنه في جمع الحديث ، واخطر ما أخذوه هو قاعدة إن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوصية السبب وهي قاعدة اصولية في منطق اللغة .
هكذا صارت القاعدة الأم في علم أصول الفقه تقول بأن المعرفة مصدرها النقل من القرآن أو السنة ، أو ما الحقه إئمة الفقه من أحكام إستنبطوها من المصدرين الأساسيين وصارت بذلك من ضمن مصادر المعرفة في الشريعة .
ولا بد للنص الذي يشكل مصدراً للمعرفة أن يكون من النصوص القطعية السند والدلالة ، لان القاعدة الثانية تقول أنه متى ثبتت هذه القطعية تصبح هذه النصوص واجبة التطبيق في كل زمان ومكان حتى قيام الساعة بغض النظر عما إذا كانت صالحة لحل توترات الواقع وصراعاته ومشاكله تطبيقاً لقاعدة العبره بعموم اللفظ وليس بخصوصية السبب .
معيار تطبيق النص هو وسع الإنسان وليس وروده بسند ودلالة قطعية
لقد أثبت في كتابي مساهمة في حل ازمة العقل العربي المسلم اصول بديلة للفقه وللفكر إن نظرية ان معيار تطبيق النص هو وروده بسسند قطعي ودلالة قطعية لا سند لها من القرآن أو السنة ، وما لم يتخلص أهل السنة من هذه النظرية فإنهم لن يتقدموا مطلقا ولن يحلوا أي مشكلة من مشاكل السودان أو الإنسان .
لا نكلف نفسا إلا وسعها (الأنعام 125، الأعراف 42، المؤمنون 63)
المتحدث في الآية أعلاه هو رب العباد ، وقد وردت الآية بصيغة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) البقرة 286 ويجدر بي هنا أن اورد ما قاله ابن كثير في ج 1 ص 608 أنه عندما نزلت الآية قبل الأخيرة من سورة البقرة حدث حسب حديث جابر (ان جبريل قال لرسول الله إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى امتك فسل تعطه ) فسال رسول الله أن يعطي (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها …. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا … ربنا ولا تحملنا مالا طاقه لنا به ).
تصوروا أن الرسول الكريم من بين كل ما يمكن أن يطلبه نبي من ربه أنه إختار أن يطلب إلا يكلف الله امته إلا بقدر طاقتها ، والمؤكد أن الرسول الكريم كان يتحدث عن طاقة المسلمين في القرن السابع الميلادي ، ويطلب من الله الا يكلفهم إلا بقدر وسعهم في الزمن الذي كان يوجد فيه النبي ، والواضح الجلي أن الله إستجاب لدعاء نبيه ولم يكلف المسلمين إلا بمقدار وسعهم في القرن السابع الميلادي .
ويجدر أن نشير هنا إلى أن ائمة السلف لم ينتبهوا إلى هذه القضية ولم يبحثوها لأن كل التكاليف كانت في وسعهم كالجهاد بالسيف أو الرق أو أوضاع المرأة أو مسألة البراء والولاء حيث كان العالم منقسم إلى دار الحرب ودار الإسلام ، واستمرت الأوضاع كما كانت في القرن السابع الميلادي لعدة قرون غطت كل السنوات التي تبلورت فيها الشريعة السلفية .
ما هو التكليف وما هو الوسع ؟
التكاليف هي أوامر إلهية بأن تفعل أو لا تفعل ، والامر بالفعل له درجات في الوجوب ، وكذلك الأمر بالنهي له ذات الدرجات ، والوسع هو القدرة أو الطاقة التي تمكن الإنسان بأن يفعل أو لا يفعل سواء كانت قدرته العقلية أو الجسدية أو الإجتماعية أو الإقتصادية أو الحضارية ، والقرآن في آيات الوسع يقرر بأن الله لا يكلف الإنسان إلا بقدر الطاقة التي لديه والتي تمكنه من تنفيذ التكليف ، فإنسان القرن السابع الميلادي لا يمكن أن يكلف بالصعود إلى القمر أو تسوية جبل بالأرض بقنبلة واحدة وهكذا ، ويجدر هنا أن نثبت حقيقة تاريخية لا يستطيع أي إنسان له عقل أن ينكرها وهي إن وسع الإنسان على الكرة الأرضية ظل في تطور مستمر منذ أن كان يسكن الكهوف وإنتقل إلى ناطحات السحاب ، ومنذ أن كان يسير على قدميه إلى أن ركب الخيل والبغال والحمير والجمال إلى أن ركب الطائرة ، الإنسان الذي لم يكن في وسعه أن يشكل الحديد وكافة المعادن إلا في أدوات بدائية إلى أن إستطاع أن يحول هذه المعادن إلى آلات قاتلة وفاعلة وتستطيع أن تهد الجبال .
طبيعة الوسع وأحكامة في القرآن
القرآن يؤكد أنه لم يات تكليف إلا بقدر وسع المخاطبين ، والوسع في القرآن يشمل الوسع العقلي والجسدي والإقتصادي والإجتماعي والحضاري الخ …
والوسع دائم التغير ، ولهذا يوجب القرآن تغيير التكليف متى تغير الوسع حتى ياتي التكليف الجديد بقدر الوسع الجديد ، فالطفل غير مكلف ، فإذا بلغ سن الرشد يصير مكلفاً، وليس على الضعفاء والمرضى تكليف فإذا قوى الضعيف وشفي المريض صار مكلفاً ، والمجنون غير مكلف فإذا أفاق يصير مكلفاً فإذا عاد اليه جنونه يسقط عنه التكليف ، والذي لا يملك نصاب الزكاة غير مكلف بإخراج الزكاة فإذا إمتلك النصاب يصير مكلفاً ، وإذا فقد النصاب يسقط عنه التكليف .
والقرآن يؤكد أنه يخاطب الناس في القرن السابع الميلادي بجزيرة العرب ، فهو يقول (وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم) النحل(8)(وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس …) النحل(7) .
الواضح أن هذا الخطاب ليس موجها لنا نحن في القرن الحادي والعشرين .
من هم دعاه تطبيق الشريعة السلفية
الآن كل المذاهب السنيه التي تجتهد بإستخدام منطق علم أصول الفقه تنادي بوجوب تطبيق النصوص الواردة بسند قطعي ودلالة قطعية لأن الله قضي بان من لم يحكم بما أنزل الله فإنه من الكافرين أو الظالمين أو الفاسقين. ويأتي الأخوان المسلمون على رأس هؤلاء الدعاة وكل الفرق التي تفرعت منهم وأي فرق إسلامية أخرى تأخذ بذات القاعدة .
الشيء المذهل حقا إن مصالحهم اعمت بصائرهم فلم يبصروا أن آيات الوسع هي ايضا قطعية السند والدلالة ولهذا فإن من لم يحكم بها يكون من الفاسقين ، ومن ثم ينبغي أن يقال بأن التكليف مرتبط بالوسع وجوداً وعدماً وقامة سواء كان التكليف مخاطبا الأفراد أو الجماعات ، وسنتعرف على كيفية ايجاد التكليف البديل متى سقط تكليف بزوال الوسع الذي كان يحمله .
تكليف الجهاد بالسيف وعقيدة البراء والولاء
نحن الآن أمام فقهين نقيضين ، الفقه الأصولي السلفي الذي يعمل بمنطق علم أصول الفقه من آن معيار تطبيق النص هو وروده بسند قطعي ودلالة قطعية ، وفقه الوسع الذي يقول بأن الله سبحانه كلف الناس في القرن السابع الميلادي بقدر وسعهم ، سواء وسعهم العقلي أو الإجتماعي أو الثقافي أو الإقتصادي أو الحضاري أو الإنساني ، وإن القرآن إستوجب تغيير التكليف متى تغير وسع الإنسان وذلك عن طريق إستنباط حكم جديد يتسق ويتوافق ويعبر عن الوسع الجديد ، والآن تعالوا نقارن بين نتائج الفقهين في هذا الزمان .
اولاً : سنتناول تكليف الجهاد بالسيف وعقيدة الولاء والبراء من منظور النظرية السلفية التي تقول بان معيار تطبيق النص هو وروده بسند قطعي ودلالة قطعية ، وإنه متى ثبتت القطعية فإن النص يكون واجب التطبيق في كل زمان ومكان .
في قضية الجهاد بالسيف بدأ القرآن بتحريض المسلمين على قتال من ظلموهم واخرجوهم من ديارهم ، وإن الجهاد يكون لرد العدوان وإنتصارا للمستضعفين ، ولهذا أمر القرآن بأنهم ان جنحوا إلى السلم فليجنح لها ، ثم جاء النص القطعي السند والدلالة في سورة براءه ، وهي التي اسست لمفهوم البراء، وتبدأ بقول السوره (إن الله بريء من المشركين ورسوله) براءه(3) وجاء الأمر (فإذا إنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد.. ) براءه(5)
وجاء قول الرسول الكريم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دمائهم واموالهم ..).
البراء والولاء
إذا كان الله ورسوله قد تبرأوا من المشركين فهل يجوز لاي مسلم أن يتعامل مع هؤلاء المشركين ، ولا بد هنا من الاشارة إلى أن هناك فقهاء في هذا الزمان من أمثال المودودي إلى سيد قطب إعتبروا أن كل المجتمعات الراهنه مجتمعات كافره فيما عدا ملتهم تطبيقا لآيات الحاكمية ، ولهذا إستحلوا دماء المسلمين الذين لا يحكمون بما أنزل الله من وجهه نظرهم بإعتبار أنهم كافرون وهذا الفهم تطبقه القاعدة ، والآن يطبقه الأخوان وبوكوحرام وداعش الخ .. ، وآية السيف تستوجب قتل من لا يؤمن بما أنزل الله حتى لو كانوا من الأباء والأخوان ، فالقرآن يقول (يا ايها الذين أمنوا لا تتخذوا اباءكم واخوانكم اولياء إن إستحبوا الكفر على الإيمان) براءه(23) وكذلك (يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة(51) ويعلق ابن العربي على الآية بقوله (ليبين أن القرب قرب الأديان لا قرب الديار والأبدان ) – أحكام االقرآن لابن العربي ص (895) وهذا يعني أن علاقة البشر لا تقوم على المواطنة أو الأخوه الإنسانية وإنما تقوم فقط على دين الإسلام كما فهمه السلف ، ولهذا فإن أهل الكتاب ليسوا مواطنين في دار الإسلام وإنما هم أهل ذمه .
إذن ، نحن مكلفون بمنطق أصول الفقه بأن نشن الآن حربا لا هواده فيها ولا رحمة ضد كل البشر الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، فإن كانوا أهل كتاب فإننا مأمورون بوقف قتالهم إذا دفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، أما غير الكتابيين فليس لهم خيار فإما القتل أو الإسلام ، وهذه نصوص قطعية السند والدلالة ، وبذلك يكون تطبيق الشريعة السلفية في هذا الزمان هو مصدر الارهاب والقتل ومصادرة حقوق الإنسان في الحياة والحرية ، وهو ايضا بالنظر إلى حال المسلمين الآن فإنها ستعرضهم للابادة من على وجه الأرض لأن المجتمعات الأخرى لها حق الدفاع الذي يخولها قتل المعتدى وهم يملكون الآن كل أسلحة الإبادة الجماعية .
والآن يمكن أن نشير إلى بعض القضايا التي جاءت أحكامها بقدر وسع الناس في القرن السابع
اولاً: الجهاد بالسيف كان تكليفا على قدر قامة وسع المسلمين في القرن السابع الميلادي
والآن دعونا ننظر إلى الجهاد بالسيف من زاوية التكليف بقدر الوسع ، فنلاحظ أنه في القرن السابع كانت جزيرة العرب تسكنها قبائل متعددة كان مصدر رزقها رعى الابل وتجارة القوافل في المدن ، وكانت من أهم السلع التي يتاجر بها الارقاء ، وكان الغزو بين القبائل امراً مشروعاً ، والمنتصر يسترق المهزوم نساءه واطفاله إذ في الغالب يقتل الرجال وتغنم كل الأموال ، وكانوا يتفاخرون بالإنتصارات ضد بعضهم ، فلم تعرف الجزيرة في ذلك الوقت ما يعرف الآن بالقانون الدولى أو بحكم القانون .
كانت الأميه ضاربة أطنابها في رجال ونساء العرب ، وكان من يكتبون يعدون على اصابع اليد الواحدة ، ولم تكن هناك وسائل لنقل الأفكار أو العقائد ، ولم يكن قادة القبائل يسمحون بنشر عقائد أو أفكار تهدد نفوذهم وسيطرتهم على القبائل .
ونتساءل هل في ظل هذه الأوضاع كان يمكن أن ينشر الإسلام بالتبشير وبالإقناع بالتي هي أحسن ؟!
أنظروا إلى نتيجة حوالى عشر سنوات من التبشير السلمي في مكه ؟ بضع رجال ونساء من المستضعفين والأرقاء وقليل من الرجال الأحرارالذين كانوا يعتمدون على حماية عشائرهم من أن يقتلوا أو يعذبوا وكان من بينهم النبي الكريم نفسه .
أنظر إلى العشر سنوات الثانية في المدينة حيث شهر السيف وإنطلقت الغزوات أو المغازي التي ما كان يمكن أن تسمى بقوافل التبشير ؟! هي غزوات تتطابق في أحكامها مع غزوات قبائل العرب اللهم إلا أنه أضيف إلى أهدافها دعوه المراد غزوه إلى الإسلام فإن رفض يهجمون عليه ويهزمونه ويقتلون المقاتله ويسبون النساء والاطفال والأموال وكل الثروات الآخرى غنيمة للمسلمين ، أليس هذا هو وسع ذلك المجتمع؟! ( فريقا تقتلون وتأسرون فريقا واورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطوؤها وكان الله على كل شيء قديراً)الأحزاب (26،27 ) .
هل كان يمكن فعل أي أمر آخر ، أتذكرون المسيحية التي ظلت سنوات طويلة حبيسه اكواخ الفقراء والصيادين ، ولحظة أن أمن بها قيصر الروم وشهر سيفه وأعمله في رقاب الرافضين الإيمان بالمسيحية فإذا بالناس يدخلون في دين الله أفواجا ، لقد كان البشر يعيشون في الزمن الذي كان فيه الناس على دين ملوكهم .
ثانيا: كل التكاليف المرتبطة بمؤسسة الرق جاءت تعبر عن وسع ذلك المجتمع ، وهذا المقال لا يطيق الاسهاب في هذا الأمر ، ومن يريد التفاصيل فليقرأ كتابي مساهمة في حل أزمة العقل العربي المسلم .
ثالثاً: كل العقوبات التي وردت في الشريعة من جلد وقطع وقطع من خلاف ، وصلب مع القتل ورجم بالحجارة جاءت تعبر بدقه متناهية عن وسع المخاطبين بهذه العقوبات ، وسعهم العقلي والإجتماعي والحضاري والإنساني .
رابعاً: كل التكاليف المرتبطة بالمرأة جاءت تعبر عن وسع مجتمع القرن السابع في جزيرة العرب
لقد قلنا بأن التكليف مرتبط بالوسع وجوداً وعدماً وقامة حتى في العبادات . المرأة في القرن السابع أعطيت أو لم تعط من الحقوق إلا بمقدار قامة وسعها الجسماني والعقلي والحربي والإجتماعي ، لقد كانت المرأة في ذلك المجتمع ناقصة عقل لان النضج العقلي ياتي من الإختلاط والإحتكاك الإجتماعي والثقافي والعلمي ، والنساء كن اسيرات في بيوتهن فكيف ينضجن عقليا ، الآن يمكنك أن تشاهد المرأة وهي تقود طائرة حربية محملة بقنبلة نووية يمكن إطلاقها بالضغط على زر صغير فتهلك مدينة بكاملها !! الآن نحن في مجتمعات صارت تحكم بالقانون وصار الرق جريمة ضد الإنسانية ، ولهذا ترى النساء الآن في كل مكان في الأسواق والجامعات والمصانع والمزارع ، وإن إتيح لك أن تشاهد في بلد متقدم العمليات الزراعية في المزارع الكبرى فإنك ستشاهد الشابات في العشرينات من عمرهن يقدن التراكترات والزراعات والحاصدات العملاقة ويجدن هذا العمل أكثر من الرجال .
تعالوا نبحث في القضايا الكبرى المتعلقة بالمرأة ونبدأها بالزواج لأنه محكوم في الشريعة بنصوص قطعية السند والدلالة ومبني على ذات الأسس التي بنى عليها في الجاهلية وهي أن الرجل يبتغي المرأة اما بماله او بسيفه ، فالمال يجلب المرأة اما بشرائها من سوق الرقيق أو بدفع مهرها الذي هو مقابل إستمتاع الرجل بالعضو التناسلي للمرأة ، والقرآن واضح في هذا إذ يسمى المهر اجراً مقابل الإستمتاع (فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة…) النساء (24) والزوجة التي ترفض أن تمكن الرجل من نفسها لا تستحق أن ينفق عليها ، فهذا مقابل ذاك ، وكذلك يحق للزوجة أن تمتنع عن تمكين الرجل من نفسها إذا لم يدفع اجرها (مهرها )عند الزواج أو نفقتها بعد الزواج .
والمرأة إذا حملت بماء الزوج فإن الجنين يكون ملك الزوج إذ يقول القرآن (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ولهذا فإن على الزوج أن يدفع نفقة الحمل والولادة والرضاعة والحضانة الخ … فالقرآن يقول (فإن ارضعن لكم فاتوهن اجورهن …وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) الطلاق (6) .
قضية البقاء في المنزل والنقاب
النصوص القرآنية والأحاديث كلها قطعية السند والدلالة فيما يتعلق بقضية النقاب ، فالأصل في القضية ما ورد في حديث ابن مسعود أن رسول الله قال (أن المرأة عوره فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وإن أقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في عقر دارها) والحديث تطبيق للآية القرانية التي تقول (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)الأحزاب (33) والمرأة ولانها عوره على الزوج إن طلقها أن يمسكها في منزله مدة عدة الطلاق (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشه مبينه) الطلاق (1) (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) النور(31) .
ويمضي القرآن قائلاً ( يأ أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) الاحزاب (59) ، ويقرر ابن كثير أن الرسول الكريم قال للنساء( أستاخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق ، عليكن بحافات الطريق ) ولهذا كانت ( المرأة تلتصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به) ابن كثير ج (5) ص (93)
أقصى ما في وسع المرأة بقاءها في دارها
الرجل كان يمكن أن يحصل على المرأة من سوق الرقيق ويشتريها وهي طفلة ويعاشرها معاشره توصف بأنها حلال ومشروعة ، وكانت المرأة عرضه للخطف حتى عندما تخرج إلى الخلاء لقضاء حاجتها خاصة إذا ظهر أنها جميلة وتجلب ثمنا كبيراً ، المرأة لم تكن تساهم في إنتاج الطعام ، فهي لا تستطيع أن ترعى الابل وتحميه من اللصوص ، وهي لا تستطيع الإشتغال بتجارة القوافل التي تحتاج إلى أرقاء أقوياء لعمليات الشحن والتفريغ والحماية ، ولهذا إنحصر دورها في البقاء في منزلها لامتاع الرجل وإنتاج ابنائه وبناته ، وكان الرجل يستطيع أن يتزوج عشره نساء وأن يطلقهن وقتما يشاء ، وكانت بعض القبائل لا تورث النساء ، وكان بعضها يورثهن القليل من المال ،ولما كان الرجال يشترون البنات القاصرات سواء بدفع اجورهن – المهر- أو بدفع قيمتها في سوق الرقيق فكان يحق للرجل تأديب هذه الطفلة بكل أنواع التأديب بما في ذلك الضرب ، هذا هو وسع المرأة التي حدد حقوقها في المجتمع الجاهلي وفي الإسلام في القرن السابع الميلادي وإن كان الإسلام قد حسن قليلاً من أوضاعها إلا أنه كان محكوماً بقامة وسع المرأة .
المرأة والإمامة
إتفق الأئمة كما جاء في كتاب الفقة على المذاهب الأربعة على أن ( النسوه لا مدخل لهن في تخير الامام وعقد الإمامة ، فإنهن ما روجعن قط ، ولا أستشير في هذا الأمر امرأة وإلا لكان أحرى النساء واجدرهن بهذا الأمر فاطمة عليها السلام ثم نسوه رسول الله أمهات المؤمنين ….).
وبصفة عامة فإن المرأة في الشريعة السلفية ليست لها أي حقوق سياسية وهذا أمر متسق تماماً مع وسع المرأة في القرن السابع الميلادي .
خامساً : تجار الدين يدمرون النظام المصرفي ويسحقون الإدخار والتمويل ؟ ولهذا أغلقت المصانع وبارت الزراعة ؟
الشريعة الإسلامية حتى نهاية دولتي الخلافة الأموية والعباسية لم تعرف النظام المصرفي ، ذلك إن النظام المصرفي ابداع غربي نشأ من رحم التحول من الإقطاع إلى المجتمع الصناعي حيث ظهرت الحاجة إلى جذب المدخرات لتمويل الصناعات الناشئة ، وهكذا بنى النظام المصرفي الحضارة الصناعية الراهنة ، وهو ايضا الذي إستطاع تمويل تصاعد التكنولوجيا الإلكترونية التي صارت تقود الحضاره الإنسانية .
الفرق بين القرض في الشريعة والقرض المصرفي
القرض في الشريعة اصله إحسان أو صدقه لا يجوز أن يلحق بها من أو أذى أي المطالبة بربح أو فائدة على الإحسان أو الصدقة ، وهما عين الربا المحرم ، أما القرض المصرفي فهو أشبه بالمضاربة ، فالبنك لا يعطي قروضا إستهلاكية لفك ضائقه مالية عائلية أو لشراء الطعام أو لزواج ابنتك أو إحتفالا بتخريج ابنك وإنما يعطي القرض كتمويل لكي تبني مصنعا أو تشتري المواد الخام أو مدخلات الزراعة أو أعلاف الحيوان أو تصنع تكنولوجيا جديدة الخ …. ومن ثم فإن الغرض من إعطاء القرض أن تبني وتنشيء وتبدع وتربح فتعيد للبنك اصل ماله ومعه جزء من الربح الذي حققته بمال المدخرين في المصرف ، فيقوم المصرف بدفع جزء من الأرباح لأصحاب المدخرات ويحتفظ بجزء منها مقابل وساطته بين المدخر والمستثمر .
ويجدر أن نلاحظ هنا أن أخذ الفائدة ليس سببه امهال المدين كما في الربا ، وإنما سببه أن المصرف أعطى المدين القرض بغرض تشغيله وإستثماره لينتج ربحاً أي أن المقترض مكلف – حسب االإتفاق – بأن يقوم بتشغيل وإستثمار القرض وليس أن يستهلكه ، ولهذا يكون من حق رب المال أن يحصل على نسبة من هذه الأرباح ، اليس هذا أشبه بما يحدث في المضاربة التي تعتبرونها حلالاً .
علماء الدين الذين لا يتاجرون بالدين من أمثال المرحوم الدكتور طنطاوي شيخ الأزهر ومعه كوكبة من علماء الأزهر وبعد دراسة مطوله وعميقه أصدروا فتواهم بأن الفائدة المصرفية ليست هي الربا المحرم في الإسلام .
الكل يعرف أن إلغاء نظام الفائدة الغى النظام المصرفي في السودان ، ولم تعد هناك جهه تمول الصناعة أو الزراعة أو كافة ضروب الإنتاج ، فالتمويل هو قروض وصارت القروض حراماً فإنعدم التمويل، ورغم ذلك يقتلك الغيظ وأنت تسمعهم يتحدثون عن تشجيع الإستثمار والمستثمرين !.
حتى مرابحات عرب الجاهلية تم تشويهها ؟
نبى الإسلام لاحظ بل انه كان جزءاً مما لاحظه من أن عرب الجاهلية كانوا يستخدمون صيغ المرابحة والمشاركة والمضاربة في معاملاتهم التجارية ولم يلحظ فيها شيئاً منكراً فاجازهم عليها لأنها كانت تعبر عن وسع مجتمعهم الإقتصادي والإجتماعي والحضاري .
تجار الدين في السودان زعموا أن هذه الصيغ هي التي أمر الله باتباعها حتى قيام الساعة ! ولكنهم زادوا عليها ما لم يحكم به الله سبحانه ، فصارت فيها ضمانات عقارية وشيكات تبقيك في السجن حتى السداد ، وصار معها قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف الذي جعل مدير المصرف هو القاضي وهو الجلاد .
منذ بضع سنوات حصلت على مبلغ محترم ولاول مره اردت أن أضعه كوديعة في البنك حتى أجد المشروع المناسب ، فإذا بمدير البنك يقدم لي عقداً مطبوعا لتوقيعه ، واصدقكم القول بانني ذهلت إذ وجدته عقد مضاربة ، البنك فيه هو المضارب وأنا رب المال ، وأنا أعرف بطبيعة عملي أن المضاربة لو خسرت فإن الخسارة على رب المال ولا يسأل عنها المضارب إلا في حالات التعدى أو التقصير ، فسألته هل كل الودائع عندكم بهذه الصيغة فقال نعم ، قلت له ولكن هذا ليس إدخاراً هذه مضاربة وأنا لا أريد أن أضارب بمالي معك فقال لي ليس لدينا صيغة أخرى !
في النظام المصرفي الأصلي الناس يدخرون في البنوك لأن البنوك تضمن مدخراتهم وارباحهم والبنك المركزي يضمن البنوك ، أما ما سمى بالنظام الإسلامي فلا يوجد فيه نظام لجذب المدخرات ولا يوجد فيه نظام لتمويل الإنتاج ومن ثم لا يوجد فيه نظام مصرفي ! وما يسمونه الآن بالمصارف لا علاقة لها بالنظام المصرفي وإنما هي شركات أموال أي أنها شركات تجارية تعمل في تجارة الأموال .
هل تطبيق الشريعة السلفية في وسع المجتمع السوداني الآن ؟
لقد بدأ نميري تطبيق بعض أحكام الشريعة السلفية أي تطبيق أحكام النصوص القطعية السند والدلالة ، والشعب السوداني يتذكر ما حدث ، وجاءت حكومة الإنقاذ بشيخها وكوادرها الإسلامية ورفعت درجة التطبيق درجات عليا للنصوص القطعية السند والدلالة ، فتبنوا في القانون الجنائي العقوبات الحدية من قطع وقطع من خلاف وجلد وقصاص في النفس وفيما دون النفس العين بالعين والسن بالسن، وتبنوا عقوبة الرجم بالحجارة حتى الموت ، والصلب بعد القتل، ولاول مره وضعوا الرده كجريمة عقوبتها الإعدام إذا رفض المتهم الإستتابه ، وفي الإقتصاد قرروا تحريم الفائدة البنكية وفرضوا الأمر على كل المصارف فقد استبدلوا الفائدة المصرفية بصيغ تجارة عرب الجاهلية من مرابحة ومضاربة ومشاركة الخ على أساس أن الله ورسوله وإئمة علماء المسلمين امروا بذلك ضاربين بعرض الحائط ما هو ثابت ويقيني أن الله ورسوله امرا بما كان في وسع العرب في القرن السابع الميلادي أي أمرا بما كان يعبر عن طبيعة قوى الإنتاج في ذلك المجتمع ونوعية علاقات الإنتاج التي كانت سائده ، ولهذا أجاز النبي الكريم صيغ تجارة العرب ومعاملاتهم ، فهل هذا يجعلها صالحة لكل زمان ومكان ؟ هل كان يمكن لرب العباد أن يأمر العرب أو البشر في القرن السابع بأن يعملوا بنظم التجارة الالكترونية والتي بدأت تتجاوز حتى عمليات فتح الإعتمادات المصرفية .
المفارقة المذهلة إن بعض أهل الإنقاذ ومنهم قيادات دعاوى تطبيق الشريعة السلفية أنهم إختاروا فقط بعض الكتاب ولم يجرؤا أن يشيروا إلى البعض الآخر الذي كان ينبغي القيام به أولاً وهو اعلان الجهاد ، وتطبيق أحكامه وإعادة مؤسسة الرق وفتح اسواقها ، وقفل النساء في دورهن كما فعلت داعش والطالبان من قبل ، بل انهم حتى العقوبات التي سجلوها في قانونهم لم يستطيعوا تطبيقها ، ولم ينجحوا إلا في الإساءه للشريعة الإسلامية في تطبيقهم لقانون النظام العام للعاصمة القومية .
المرأة السودانية خرجت للعلم والعمل
الواضح أنه يستحيل الآن إستحالة مؤكدة أن تطبق أحكام الشريعة السلفية على المرأة السودانية لانها أحكام لم تعد في وسع المرأة ولا في وسع المجتمع السوداني ومن ثم لم تعد المرأة مكلفة بها .
دعوني اسأل هؤلاء الفقهاء الذين يرغون ويزبدون في مطالباتهم بتطبيق الشريعة ، الا ترون نساءكم وبناتكم – وهن نصف المجتمع- يمشون في الأسواق والمواصلات ويرتادون الجامعات ، والمصانع وهن يلبسن الاسكيرت والبلوزه وكلاهما يكشف كل تفاصيل جسد المرأة ولا أحد يجرؤ على الإحتجاج لأن هذا هو الوسع الإقتصادي للاسرة السودانية التي لم تعد تستطيع توفير(التوب) السوداني رغم أنه لا يستوفي متطلبات النص القرآني، ولا هو مناسب لكثير من الأعمال التي صارت تؤديها المرأة كعمل الطبيبات والممرضات والمهندسات الخ …، كما ليس في قدرتهن ولا ثقافتهن إرتداء العباءه السعودية فضلاً على أنها لا تصلح للمرأة العاملة، ونتساءل هل في وسع المجتمع السوداني الآن أن يقول للنساء (قرن في بيوتكن….) .
نسخ التكليف الذي يتجاوزه الوسع
إن الله يفعل ما يشاء وقتما يشاء ، فإذا كلف الله البشر في زمن ما بقدر وسعهم ثم تطور وسعهم ولم يعد يتسق أو يتلاءم مع التكليف فإن الله سبحانه وتطبيقا لذات نص الوسع يقوم بنسخ التكليف السابق ، في العهود التي كانت فيها البشرية قاصرة وعقولها محدودة كانت السماء ترسل الإنبياء لهداية البشر وتعريفهم بالفروقات بين الحق والباطل ، وعند وصول البشرية إلى القرن السابع الميلادي ارسلت السماء آخر الإنبياء ، ونتساءل لماذا اعلنت السماء أن محمداً هو آخر الإنبياء ؟ لآن القرن السابع الميلادي كان بداية النضج العقلي للانسان ، ومن ثم كان واضحا أن البشرية بدأت تعمل عقلها ، وأن بامكانها بعد هذا القرن أن تتوصل إلى معرفة الله ومعرفة الحق من الباطل بإستخدام عقلها ، ومن هنا كان القرآن أكثر الكتب سماوية أو ارضية حضا للناس على إستخدام عقولهم وذمهم وتوبيخهم إذا لم يستخدموا عقولهم إذ يكونوا كالأنعام بل أضل !!
الآن وقد سقطت كل التكاليف المتعلقة بشئون الدنيا التي لم تعد في وسع الناس، فإن على البشر أن يعملوا عقولهم لإستنباط التكاليف التي تتسق وتعبر عن وسعهم الجديد .
والمؤسف إنه من المستحيل ان يستوعب العقل المبرمج بمنهج علم أصول الفقه مناهج البحث العلمي الحديثة ، ولا أن ينتج أفكاراً جديدة يمكن أن تسهم في حل مشكلة السودان ، وقد آن الآوان لمن يقولون بصلاحية النصوص لكل زمان ومكان أن يتعلموا وأن يستخدموا منهج القرآن في التعامل مع النصوص .
إن تقرير القرآن بأن التكاليف تاتي بقدر وسع المكلفين تدفع الباحث لإتباع مناهج البحث العلمي الحديثة في معرفة حقيقة وسع المجتمع الذي خاطبه النص لمعرفة لماذا جاء النص هكذا فالعبره بخصوصية السبب الذي يكشف لنا الوسع الذي خاطبه النص ، ولهذا إذا أردنا أن نستعين بالنصوص السابقة لمعالجة قضايا السودان الحالية فعلينا دراسة المجتمع السوداني وتحديد وسعه الإجتماعي والإقتصادي والثقافي للتقرير عما إذا كانت أحكام القرن السابع الميلادي في جزيرة العرب تعبر عن وسع المجتمع السوداني في القرن الحادي والعشرين .
في قناعتي أن على علماء المسلمين أن يتخلصوا فوراً من علم أصول الفقة وإلا فإنهم لن يستطيعوا أن يقدموا أي حلول لمجتمعاتهم في هذا الزمان ، وما كتبه السيد/ الأمين الحاج أبلغ دليل على ذلك .
الحلول التي بلورها فقه الوسع لقضايا هذا الزمان
قلنا أن السماء جعلت النبي محمد خاتم الأنبياء ، وحث القرآن البشر على إستعمال عقولهم لإستنباط الأحكام التي تتلاءم مع المستجدات خاصة وقد ثبت أن هذا الكون كله في حركة دائمة وتغير مستمر خاصة وسع البشر سواء الإقتصادي أو الإجتماعي أو الحضاري أو الإنساني ، واستمر البشر يعملون عقولهم في كل المجالات ويبدعون ، وقد حدثت تطورات هائلة في المجتمعات البشرية في القرن العشرين حيث أعلن إنهاء العبودية وقد سقطت أعتى الدكتاتوريات النازية والفاشيه . وفي القرون الثلاثة الأخيرة إنفجرت الثورا ت الكبرى من الماقنا كارتا إلى الثورتين الفرنسية والأمريكية وسقطت سلطة الكنيسة وقبضتها على إراده إتباعها ، وتبلورت قيم الحرية والمساواه والأخوة الإنسانية وابدع البشر في صياغة الحريات الجديدة ، حرية الدين ، حرية التعبير ، حرية التنظيم الخ …. واستمر البشر في صياغة الأحكام التي تعبر عن الوسع الذي إستجد ، وتفتق الذهن الإنساني عن إقامة مؤسسة تعبر عن كل البشر وهي مؤسسة الأمم المتحدة التي صارت في جمعيتها العامة تصدر قرارات تعبر عن وسع كل البشر أي أنها قرارات صادره بإجماع البشرية ، وفي 16/12/1966م أصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة العهدين الدوليين عهد الحقوق المدنية والسياسية وعهد الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ، وقد صوت السودان لصالحهما ، كما انه في عام 1986م قام بالتصديق عليهما .
سننتقل الآن إلى بيان الحلول التي طرحت في العهدين الدوليين للمشاكل االمستعصية التي يواجهها السودان الآن ونترك مقارنتها مع الحلول السلفية للقاريء.
أول هذه الحلول هو وجوب كفالة الحق في الديمقراطية م25
في صدر الحلول ياتي وجوب إقامة نظام ديمقراطي تعددي الديمقراطية ذكرت مواصفاته في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وهذا المقال لا يطيق إيرادها ، فقط أود أن أشير إلى أن إقامة نظام ديمقراطي بالمواصفات المذكورة يؤدي قطعاً إلى قيام حكم راشد .
ثم ياتي الحق في المساواه أمام القانون في كافة الحقوق دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس- ذكر أو أنثى – أو اللغة أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الإجتماعي أو الثروه أو النسب أو غير ذلك من الأسباب – م 26 .
ولما كان هذا المقال لا يطيق الاسهاب فإنني ساكتفي بعناوين الحقوق والحريات الواجب كفالتها، حرية التعبير والصحافة ، حظر الإعتقال التحفظي والحق في محاكمة عادلة ، حرية الدين والعقيدة والفكر ، حرية التنظيم ، حرية التجمع والتظاهر ، حرية التنقل ، الحق في الحصانه من التعذيب ، الحق في التقاضي ، الحق في ألا يسجن إنسان بسبب اخلاله بإلتزام تعاقدي ، كفاله حقوق الأقليات .
ثم ننتقل إلى العهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ونجده يستوجب كفالة الحقوق الآتية :-
الحق في العمل باجر يكفل معيشه كريمة ويصون كرامة الإنسان ، الحق في تكوين النقابات والاتحادات والجمعيات ألخ ….، حق كل إنسان في الضمان الإجتماعي ، الحق في التحرر من الجوع ، الحق في مستوى معيشي لائق بالإنسان ، الحق في التربية والتعليم ، الحق في تعليم اساس إلزامي ومجاني ، الحق في حرية البحث العلمي والإبداع ، الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية .
ويجدر أن نلاحظ أن العبره بطبيعة النظام السياسي فهذه الحقوق والحريات لن يستطيع توفيرها إلا نظام ديمقراطي تعددي تكفل في ظله كل الحريات التي تمكن الناس من مراقبة النظام وتغييره إن فسد أو فشل في توفير الحقوق ، ولهذا فإن الحوار السياسي الذي ينبغي أن يؤدي إلى إقامة نظام ديمقراطي تعددي تكفل في ظله الحقوق والحريات هو السعي صاحب الأولوية الآن في الساحه السودانية .
الا هل بلغت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.