ملخص: من المفيد أن ننطلق من عمليّة مقارنيّة بسيطة وسريعة بين التجديد الدينيّ في الثقافة الغربيّة والتجديد الدينيّ في الثقافة الإسلاميّة، في العصر الحديث، من خلال كيفيّة التعامل مع المناهج الجديدة ونوعيّة التفاعل معها. نجد في الأولى، أنّ الدراسات اللاهوتيّة التجديديّة طرحت بشكل نقديّ القواعد والمعايير اللازمة لفهم النصوص المقدّسة وتأويلها. ومثّلت جانبا هامّا من "التأويليّة" التي كانت تعتني إلى جانب المدوّنة الدينيّة بالمدوّنات القانونيّة والأدبيّة. وتطوّرت التأويليّة لاحقا على أيدي أعلام من قبيل شلايرماخر – رجل الدين البروتستانتي في الأصل – الذي وسّع مجال التأويليّة، إلى خارج اللاهوت. ثمّ خاصّة دلتاي Dilthey الذي درس اللاهوت من بين ما درس، واعتنى بالتأويليّة في مجال العلوم الإنسانيّة، مقارنا بينها وبين العلوم الطبيعيّة. وفي عمليّة تطوّر نوعيّ للتأويليّة في القرن العشرين، جاءت أعمال فلاسفة الخطاب الذين أسّسوا الفلسفة التأويليّة، مثل Heidegger هيدغر، وغادمير Gadamer، وريكور Ricoeur، الذين أثاروا قضايا عامّة تتعلّق بالخطاب عموما متجاوزين السياق الخاصّ الذي انطلقت منه التأويليّة إلى السياق الألسنيّ المشترك بين كافّة الخطابات: بدءا من عمليّة إنتاج الخطاب، إلى ظروف إنتاجه التاريخيّة، إلى الوظائف التي يقوم بها، إلى الأفق الفكريّ والنفسيّ والاجتماعيّ الذي يتحرّك فيه منتجه، إلى التلقّي وإشكاليّات الفهم والتأويل. وما يعنينا من هذا العرض السريع لتطوّر التأويليّة في الغرب هو المساهمة التي قامت بها في المنطلق التأويليّة اللاهوتيّة في مجال قراءة النصّ الدينيّ، وانعكاسها لاحقا على مجال أوسع هو مجال المقاربات النقديّة الحديثة… http://www.mominoun.com/pdf1/2015-09/55fd5df09a210640985416.pdf ناجية الوريمي بوعجيلة باحثة تونسية، أستاذة الحضارة العربيّة الإسلاميّة بالجامعة التونسيّة، المعهد العالي للعلوم الإنسانيّة-تونس المنار)، تهتم بقراءة التراث وإشكاليّات التحديث. صدر لها من الكتب: "في الائتلاف والاختلاف: ثنائيّة السائد والمهمّش في الفكر العربي الإسلاميّ" (2010)؛ "حفريّات في الخطاب الخلدونيّ: الأصول السلفيّة ووهم الحداثة العربيّة(2008)؛ "الإسلام الخارجي" (ضمن سلسلة الإسلام واحدا ومتعدّدا) (2006). ولها مشاركات عديدة في أعمال جماعيّة متخصّصة، ومقالات منشورة في دوريّات علميّة. (نقلاً عن مؤمنون بلا حدود).