عضو مجلس إدارة نادي المريخ السابق محمد الحافظ :هذا الوقت المناسب للتعاقد مع المدرب الأجنبي    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    البرهان يشارك في القمة العربية العادية التي تستضيفها البحرين    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام على حبس عثمان الطيب الريح ، محاميه (كمال الجزولي) : قرار محكمة الاستئناف لا يمت للقانون بصلة
نشر في حريات يوم 18 - 10 - 2015

بحلول أمس 17 أكتوبر يكون المهندس عثمان الطيب الريح قد قضى عاماً في سجون النظام، وعبّرت مجموعة المتضامنين معه عن سعيها لتصعيد قضيته كقضية رأي عام.
وكان الريح قد اعتقل قبل عام في المطار ووجهت إليه تهما بالتجسس لصالح جهات أجنبية وتسريب معلومات تخص وزارة الخارجية، وبعد اعتقاله لخمس أشهر لدى جهاز الأمن تم تحويله لسجن كوبر بعد أن وجهت له تهم من قبل (نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة)، تحت المواد53 التجسس على البلاد، و55 افشاء واستلام المعلومات والمستندات الرسمية و21 الاشتراك الجنائي من القانون الجنائي لسنة 1991م، وتصل عقوبة تهمة التجسس للإعدام مما يجعل عثمان، وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية قيد الحبس حتى يتم البت في القضية.
وقال المهندس عمار يس النور زميله وعضو مجموعة التضامن التي تكونت لمناصرة قضيته إن قضية الريح قضية وراءها فساد في وزارة الخارجية وهي مكيدة واضحة.
في المقابل أكد محامي الريح ، الأستاذ كمال الجزولي ، الذي استلم ملف القضية مؤخراً ل (حريات) إن ملابسات القضية تؤكد براءة موكله، وإن القضية لا تعدو أن تكون برأيه معركة بين دبلوماسيين في وزارة الخارجية وبين جهات في جهاز الأمن، حيث يصر الأخيرون على أن تكون المعلومات في قبضتهم، بينما الأوائل يرون الأمر خاص بالوزارة. وأضاف: (عثمان لا دبلوماسي لا أمنجي، وقد صار هناك احتياج لهذا النوع من الخبراء، بعض السفراء ذوى الخيال أتوا بعثمان وهو يعمل بشكل حر من مسقط ودبي وغيرها.. صمم عثمان للسفير في مسقط نظاماً لإدارة شئون السودانيين في سلطنة عُمان. وتمت الاستفادة من برنامج عثمان الذي أراد تسويقه لجهات أخرى، وهنا تمت التهمة). وأوضح الجزولي قائلاً: (هذه القضية واضح فيها أنها قضية في موضوع له قانون متخصص ويفترض أن تنظر فيه محكمة جرائم المعلوماتية لأنهم هناك مدربون كقضاة وشرطة حول هذه الأمور، والقضية عايزة خبرة معينة). وأردف: (أنا جئت للقضية متاخراً ووجدتها تنظر في المحكمة العادية و"مستفة" لصالح الاتهام، فطلبت بإحالتها إلى محكمة جرائم المعلوماتية باعتبار أن القاضي الذي ينظرها غير مختص، بينما محكمة جرائم المعلوماتية هي التي ستعرف ما هو القرص الصلب المتحرك وغيرها من المصطلحات في القضية)، وأكد الجزولي أن المحمكة رفضت الطلب فوراً فحول طلبه لمحكمة الاستئناف.
وانتقد الجزولي قرار محكمة الاستئناف التي رفضت بدورها طلبه، وقال إن دفوعاتها لا تمت للقانون بصلة إذ قالت إن الطلب سابق لأوانه وينبغي تقديمه بعد الفراغ من قضية الاتهام وعقب القول: (بعد أن تفرغ قضية الاتهام وتوجه التهمة يكون الرماد كال حماد!) وأضاف: أما دفعها الثاني فكان أنه (حتى لو كان هناك قانون خاص فإن المحكمة الجنائية العامة من حقها تشتغل اي قضية) واستغرب الجزولي من هذا المنطق وقال إن كل المحامين الذين حضروا وتابعوا القضية يرون هذا الدفع مناقض للقانون أصلا وتساءل: (لماذا يقوم المشرع بعمل قوانين خاصة إذا كان يمكن للمحكمة العامة أن تتجاوزها؟) وأكد الجزولي ل(حريات) إنه قدم طعناً للمحكمة العليا، وهو في انتظار ردها.
نص مرافعة محامي الدفاع للمحكمة العليا:
بسم الله الرحمن الرحيم
كمال الجزولي ومشاركوه
محامون وموثقون
ADVOCATES & COM. for OATHS
سجل رقم/ 622 Register No./ 622
مكتب: الخرطوم شارع الجمهورية عمارة مرضي محي الدين
ص ب 10593 الخرطوم السودان هاتف: 0912808456
KHARTOUM – GAMHOURYIA AVENUE – MARDI MUHEDDIN BUILDING
P.O.BOX: 10593 KHARTOUM, SUDAN – TEL: 0912808456
[email protected]
التاريخ: 25 أغسطس 2015م
لدى المحكمة القومية العليا
محاكمة/ عثمان الطيِّب الرَّيَّح وآخر
بلاغ/2015/48 (جنايات الخرطوم شمال)
م اس/اس ج/2015/951م (الاستئناف الخرطوم)
م ع/ط ن/ /2015م (المحكمة العليا بالخرطوم)
طعن بالنقض
"قاضيان في النار، وقاض في الجنة"
حديث شريف
السيد/ رئيس المحكمة القومية العليا الموقر،
السادة/ أعضاء الدائرة الموقرين،
باحترام، ونيابة عن المتهم الأول في هذه الإجراءات، نلتمس قبول هذا الطعن في قرار محكمة الاستئناف بالخرطوم، بالرقم أعلاه، والقاضي برفض الطلب الذي كنا قد تقدمنا به إليها، وذلك تأسيساً على ما يلي من أسباب:
أولاً: استيفاء الاشتراطات الإجرائية:
(1) بتاريخ 16 أغسطس 2015م صدر قرار محكمة الاستئناف المطعون فيه، وبتاريخ 24 أغسطس 2015م جرى توقيعه وتسليمه لنا، وبتقديمنا هذا الطعن بتاريخ اليوم 25 أغسطس 2015م نكون في محل الاستجابة لمقتضى المادة/184 إ ج لسنة 1991م.
(2) أما من حيث "مخالفة" الحكم المطعون فيه ل "القانون"، أو "خطأ في تطبيقه أو تفسيره"، استيفاءً لمقتضيات المادة/182 إ ج، فهذا ما نؤسس عليه هذا الطعن كما سنوضح أدناه.
ثانياً: الوقائع محل الطعن:
(1) يتعلق هذا البلاغ بأفعال يُدَّعى ارتكابها باستغلال الوظيفة للدخول، عن طريق أحد أجهزة الحاسوب، إلى مواقع سرية، ونظم معلوماتية، ووسائل إليكترونية، وما إليها، بغرض إفشائها إلى الغير.
(2) أتُخذت هذه الإجراءات، ابتداءً، أمام (نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة)، تحت المواد/53، 55 ، 21 ق ج لسنة 1991م، وذلك عن طريق خطأ قانوني واضح، كما سنبيِّن لاحقاً، ومن ثمَّ أحيلت، إمعاناً في نفس الخطأ، إلى (محكمة جنايات الخرطوم شمال).
(3) في جلسة 10 مايو 2015م، واستمراراً في نفس الخطأ القانوني، شرعت المحكمة المذكورة في نظر البلاغ بسماع المتحري، وكان ذلك قبل تكليفنا بتولي الدفاع عن المتهم الأول. لذا لم يكن من الممكن، لدى ظهورنا، في الجلسة التالية، وتقديمنا طلباً بعدم اختصاص المحكمة الموقرة، أن نطلب إلغاء الإجراء الذي اتخذ، التزاماً منا بما تنص عليه المادة/32 إ ج من أن:
الإجراء الذي يكون قد اتخذ أمام محكمة لا يبطل لمحض أنه كان ينبغي اتخاذه أمام محكمة أخرى متى اتخذ بحسن نية.
(4) لذا اكتفينا بتقديم طلب تحت المادة/1/31 إ ج ، كي تستخدم المحكمة الجنائية الموقرة صلاحيتها في إحالة الدعوى إلى محكمة جرائم المعلوماتيَّة، حيث أن ذلك من اختصاصها، متى أحيلت إليها دعوى من وكالة النيابة، وقدرت، طبقاً للأوامر المنظمة للاختصاص، أن من الأوفق أن تتولاها محكمة أخرى. لكن محكمة الموضوع الموقرة رفضت، للأسف، الاستجابة لطلبنا، رغم تأسيسه على القانون بوضوح تام.
(5) تقدمنا، من ثمَّ، بطلب لمحكمة الاستئناف لتأمر بإحالة الدعوى كي تُنظر أمام محكمة جرائم المعلوماتية، وفقاً لنص المادة/2/31 ق إ ج، غير أنها رفضت، بدورها، الطلب، تأسيساً على الأسباب الواردة أدناه، مما استوجب رفع هذا الطعن إلي عدالتكم.
ثالثاً: أسباب الطعن:
(1) تستطيعون، ولا بُد، أن تروا، بوضوح، كيف أن جهاز الحاسوب، ونظام المعلوماتية، والوسيلة الإلكترونية، تشكل في مجموعها لبَّ المسألة قيد البحث، أو ال Res Gestae ، أو the matter in issue ، والتي تعتبر وجهاَ من وجوه المعايير التي يتحدد بها الاختصاص في الدعاوى، ومن بينها الدعوى التي بين أيدي عدالتكم. فقد تقرر في السابقة القضائية:
ح س ضد ع ا و م وآخر ، م ع/ط ج/2005/626م
(المجلة 2006م)
أن العبرة في تحديد الاختصاص الجنائي غير المكاني قد تكون نوع الجريمة. وما من شك في أننا إذا أخذنا بهذه العبرة فإننا نجد أن نوع الجريمة هو أكثر ما يتحدد بالمسألة قيد البحث.
(2) ولئن كان من مقتضيات المادة/182 أن يكون التدبير القضائي المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون، أو خطأ في تطبيقه، أو تفسيره، حسب الإشارة المار ذكرها ضمن الفقرة/أولاً/2 أعلاه، فلعل محكمة الاستئناف الموقرة نفسها قد كفتنا مؤونة الاستغراق في تفاصيل استشهادات لا معنى لها، بأن أوجزت، هي نفسها، ذلك جميعه، بنفسها، على النحو الآتي:
أ/ أشارت، في ص 2 من قرارها، وبالحرف الواحد، إلى أن محكمة الموضوع ملزمة بالسير في الدعوى حتى الانتهاء من قضية الاتهام وفق التهم الموجهة من النيابة! ولا نخالكم إلا متفقين معنا في أن خللاً أساسياً ينشب في هذا القول من الزاوية التي "يُلزم" فيها "القضاء" بأن يتقيد بقرارات "النيابة". ويكفي، بلا شك، للكشف عن مدى هذا الخلل أن نورد، هنا، ما خلصت إليه سابقة:
(ح س ضد عبد الماجد احمد قاسم غير منشورة)
حيث يتضح أن المحكمة هي صاحبة القرار الفصل في كل ما يأتي من النيابة، ذلك أن:
"تولي النيابة الاتهام أمام المحكمة، أي كطرف من أطراف الخصومة، لا يعطيها امتيازاً بشئ على الطرف الآخر "المتهم"، فتمثيل الاتهام أمام القضاء لا يمكن أن يشمل انفراد الاتهام بالتقرير فيه، وإنما يتوقف الأمر على اقتناع المحكمة".
ب/ نَعَتْ علينا محكمة الاستئناف الموقرة، أيضاً، تقديمنا لطلبنا المذكور، قبل أوانه، على حد تعبيرها، حيث أن من رأيها:
ب/1: أن أوان الطعن في قبول "الاختصاص" سوف يحين بعد قفل قضية الاتهام وتوجيه التهمة!
ب/2: أن المحكمة إذا رأت، عندئذٍ، أن الأفعال تشكل مخالفة لقانون جرائم المعلوماتية، ووجهت تهماً بها، فيمكن للدفاع، ساعتها، تقديم طعنه!
ووالله إن المرء ليستحي أن يردد، في مقام المحكمة العليا، أشياء باتت من مجترَّات طلاب كليات القانون، على شاكلة أن "الاختصاص من مسائل النظام العام Public Order"! وأن هذا "النظام العام" مما تفصل فيه المحكمة من تلقاء نفسها!
ولكم أن تتصوَّروا أن يكون لدينا طعن في قبول المحكمة للاختصاص، لكننا نُجبر على التذرع بالصبر الجميل، وإرجاء إثارة هذا الطعن، ريثما تُمكِّن المحكمة الاتهام من تقديم قضيته كلها، ثم توجِّه التهمة لموكلنا، ليتاح لنا، بعد ذلك وليس قبله، أن نطعن في قبول الاختصاص أصلاً! أي بعد أن يكيل الرَّماد حمَّاداً كما في الأثر الشعبي!
ثمَّ هبْ أننا التزمنا بهذا التَّوجيه الذي لم تكلف محكمة الاستئناف الموقرة نفسها مشقة إسناده لأيَّة مرجعيَّة نصِّيَّة أو فقهيَّة، إن وُجدت، فما الذي يمكن أن نفعله مع نص المادة/32 إ ج، والتي سنفاجأ بأنها تحصِّن كلَّ ما قد يكون اتُخذ من إجراءات، أثناء سماع قضيَّة الاتهام وتوجيه التهمة، فلا يمكن مراجعة شئ من ذلك، أو إلغاؤه، بالغاً ما بلغ إضراره بقضية موكلنا؟!
ثم بأي سند قانوني إجرائي تستطيع المحكمة الجنائية غير المختصة بجرائم المعلوماتية أن توجه تهماً تحت قانون جرائم المعلوماتية، كي يمكن للدفاع تقديم طلب إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة؟! مختصة بماذا إذا كان بمقدور المحكمة غير المختصة أن تسمع قضية الاتهام، وأن توجه التهمة بقانون جرائم المعلوماتية؟!
(2) ولندع هذا كله لنأتي إلى ما يمكن اعتباره أغرب وأعجب الجوانب القانونية في قرار محكمة الاستئناف المطعون فيه، وهو الجانب المتعلق بقولها الصريح الذي لا لبس فيه ولا التواء:
"كون الجريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م، وكونه قانوناً خاصاً كما يرى مقدم الطلب، فإنه بالضرورة لا يسلب محاكم الجنايات اختصاص نظر الجرائم التي نص عليها، حتى لو أنشئت له محاكم متخصِّصة"!
أ/ وفي معرض محاولتنا لتفكيك خليَّة الأخطاء الفادحة التي تئزُّ في هذا القول، نستميح عدالتكم الإذن بأن نؤكد، أولاً وقبل كل شئ، أن قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م هو، في المبتدأ والمنتهى، قانون خاص، لا لأنني "أرى" ذلك، على حدِّ تعبير قرار الاستئناف، وإنَّما لأنه كذلك بقرار المشرِّع!
ب/ ثم نستأذنكم، أيضاً، لنضئ ما في حكم محكمة الاستئناف هذا من تجاوز صارخ لسلطات القضاء، وإهدار خشن لسلطات المشرع. ذلك أن محكمة الاستئناف الموقرة أعطت نفسها، دون أدنى مسوغ، كامل الحق في التهوين والتقليل من شأن قانون ساري المفعول، وواجب التطبيق، وفي إبطال أثره، بل وفي إلغائه من على وجه التشريعات، قولاً واحداً، في حين أن ذلك لا يجوز لأيَّة محكمة حتَّى لو رأت أن القانون ينطوي على مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية نفسها! ونرجو أن نحيلكم، في ما يلي، إلى نموذج من هذه القواعد الوضيئة في ما راكمت السوابق القضائيَّة؛ أنظر:
ح س ضد نعمات يوسف حسن وآخرين
م ع/ف ج/92/207 ، المجلة 1992م
حيث نجد المبدأ الذي أرسته يتمحور حول:
"أن المحاكم تعمل على تطبيق القانون، وليس الخروج عليه. لا يوجد في القانون ما يسوغ للمحكمة إلغاء قانون أو إبطال أثره بسبب مخالفته للشريعة الإسلامية"
ج/ ندلف، بعد ذلك، إلى لبِّ المسألة التي نحن بصددها، فنقول: صحيح أن المادة/3 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م تنص على أن أحكامه تطبق "على إجراءات الدعوى الجنائية، والتحري، والضبط، والمحاكمة، والجزاء، المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي لسنة 1991م أو أي قانون آخر، لكنها توجب أيضاً، وفي معنى الاستثناء، أن تتمَّ "مراعاة أي إجراءات خاصة يُنصُّ عليها في أي قانون آخر".
د/ لذا، لئن كان (قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م) قانون عام، فثمَّة قانون خاص تتوجب مراعاته، ويفرض معالجة مثل هذه الدعوى، ابتداء، أمام (نيابة جرائم المعلوماتيَّة)، ثمَّ التَّحري فيها بوساطة (شرطة جرائم المعلوماتية)، وأخيراً محاكمتها أمام (محكمة جرائم المعلوماتية)، وفق المواد/28 ، 29 ، 30 ، على التوالي، من (قانون جرائم المعلوماتيَّة لسنة 2007م)، والذي يَنصُّ:
د/1: في المادة/28 منه، وجوباً، على أن:
"ينشئ رئيس القضاء وفقاً لقانون الهيئة القضائية لسنة 1986م محكمة خاصة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون".
د/2: وفي المادة/29 منه، وجوباً، على أن:
"تنشأ بموجب أحكام قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 1983م نيابة متخصصة لجرائم المعلوماتية".
د/3: وفي المادة/30 منه، وجوباً، على أن:
"تنشأ بموجب أحكام قانون الشرطة لسنة 1999م شرطة متخصصة لجرائم المعلوماتية".
ه/ النصوص المشار إليها نصوص خاصة، ومعلوم أن القاعدة الذهبية هي أن الخاص يقيد العام. وقد تواتر الاستدلال بهذه القاعدة في العديد من السوابق والأقضية؛ أنظر:
ح س ضد توفيق تية مركز، م ع/م ك/1990/148م
حيث قررت المحكمة العليا:
"أن قانون العقوبات يعتبر القانون العام، فإذا ما استثنى قانون آخر شيئاً منه واختص به، يكون الاختصاص للقانون الخاص، لأن القاعدة أن الخاص يقيد العام في ما ورد التخصيص بشأنه"
كما ولا شك، البتة، في أن هذه النصوص هي، إلى ذلك، نصوص آمرة Jus Cogens، أي واجبة الاتباع في كل الأحوال، ولا يجوز إغفالها، أو تأويلها بغير مقتضاها.
و/ كذلك فإن التخصيص والتخصص اللذين حددهما المشرع في هذه المواد نابعان من ضرورة المعرفة المتخصِّصة في هذا المجال، مما يفترض التَّدريب الخاص، نسبة لحداثة حقل المعلوماتية في نظامنا القضائي. وربما يقتضينا حسن الإسناد على هذا الصَّعيد أن نشير إلى أن قرار الذهاب باتِّجاه التخصيص والتخصص في ما يتَّصل ب "جرائم المعلوماتية" في بلادنا كان قد انبنى، أصلاً، على فكر قانوني جماعي في مستوى العالم العربي، وقد جرى تطويره، لاحقاً، بمشاركة السلطة القضائية السودانية، في "الندوة العلمية المتخصصة في جرائم المعلوماتية، والتجارة الإلكترونية، وحماية الملكية الفكرية"، والتي نظمها ببيروت، بين 28 30 سبتمبر 2009م، (مركز البحوث القضائية والقانونية بجامعة الدول العربية)، حيث تم التركيز فيها، بوجه خاص، على أهميَّة تأهيل قضاة على درجة عالية من التخصُّص في هذا المجال. وقد وردت ضمن التوصية السَّادسة، بالذات، من توصيات تلك الندوة، ضرورة:
"التأكيد على أهمية تأهيل القاضي في جميع مراحل التأهيل الإعدادي، والتخصصي، والمستمر، في الموضوعات الحديثة التي تتناول ظاهرة تكنولوجيا المعلوماتية، والاتصالات الحديثة، لتمكينه من المعرفة الشاملة والدقيقة لهذه الظاهرة، ومقاربتها للنصوص القانونية القائمة في حال عدم وجود نص قانوني واضح لواقعة الجريمة المعروضة أمامه" (المكتب الفني غير منشورة).
ومن نافلة القول أن مثل هذه الخلاصات العلمية التي يشارك قضاؤنا في استخلاصها لا تُنجز بغرض ردمها على رفوف المكاتب، ثم إهمالها، وإنما بغرض ترسُّم حكمتها، والاستهداء بها في تطوير تجربة العمل القضائي؛ فكيف يكون ذلك إن كنا، بعد كلِّ ذلك، نساوي بين المتخصصين وغير المتخصصين، بين من يعلمون ومن لا يعلمون؟!
ختاماً: يؤسفنا أن نقول إن محكمة الاستئناف الموقرة، مع أكيد احترامنا لها، لم تستخدم أدنى معايير العدل والإنصاف في التقرير بشأن استئناف موكلنا، وإنما تنكبت هذه المعايير، صراحة، فأودت بحقه الواضح كالشمس في أن تنظر قضيته محكمة مختصَّة، وألجأته لطرق باب عدالتكم، ينتظرها، وننتظرها معه، بفارغ الصبر.
وتفضلوا بقبول فائق التقدير والإجلال
المخلصون
كمال الجزولي ومشاركوه
محامون وموثقون
بالخرطوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.