انطلقت في العاصمة الإثيوبية مساء أمس، جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة السودانية وحركات مسلحة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل. وتجري المفاوضات بين الحكومة السودانية من جهة والحركات التي تحاربها في إقليم دارفور غربي البلاد والحركة الشعبية قطاع الشمال التي تحارب في مناطق متاخمة لدولة جنوب السودان من جهة أخرى. وبدأت الجلسة الافتتاحية للمفاوضات، بحضور الوساطة الأفريقية التي يترأسها ثامبو أمبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق إلى جانب المبعوث الأممي لكل من السودان وجنوبه هيلي منغرويوس والمبعوث الأميركي إلى البلدين نفسيهما دونالد بوث. ويأمل المشاركون في المفاوضات والراعين لها في التوصل إلى حل توافقي ينهي الصراع، إلا أن جولات سابقة انتهت بالفشل بسبب ما اعتبرته اطياف من المعارضة تعنت من قبل حكومة الرئيس عمر البشير. واتهمته بنقض وعوده التي على اساسها قبلت الحوار وهي الالتزام باحترام الحريات وبالمشاركة السياسية، وبوقف عمليات القمع الممنهج. وفي كلمة له، خلال الجلسة، عبر ثامبو أمبيكي عن أمله في أن تكون الجولة الحالية بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا اطلاقة تحقق إحراز تقدم في المفاوضات للوصول إلى سلام في السودان. وحث الوسيط الأفريقي الحكومة السودانية والحركات المسلحة على ضرورة التوصل لحل نهائي في هذه الجولة. من جهته، قال إبراهيم محمود حامد رئيس الوفد الحكومي مساعد الرئيس السوداني، "ليس لدينا وقتا لتضييعه خاصة وأن قطار السلام قد انطلق في الخرطوم" في إشارة منه إلى الحوار الوطني الذي انطلق في ال10 من اكتوبر/تشرين الأول والذي يشكك معظم أقطاب المعارضة في نجاحه ما لم يلتزم نظام البشير بأسسه وما لم ينه تفرده بالسلطة ووقف القمع. وقال ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال بدوره في كلمة له، إن هدفنا الأول والأخير هو "السلام الدائم في السودان" مؤكدا التزام الحركة بوقف إطلاق النار. ويشارك في المفاوضات زعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وزعيم حركة تحرير السودان أركو مناوي وهما من الحركات الثلاث الرئيسية في إقليم دارفور ويحاورها عن الطرف الحكومي وفد برئاسة أمين حسن عمر رئيس مكتب سلام دارفور. ويقاطع هذه المفاوضات الخاصة بالإقليم، عبدالواحد محمد نور زعيم حركة تحرير السودان المعروف بمواقفه المتشددة من الحكومة والذي لم يتفاوض معها مطلقا منذ تمرده في العام 2003. ويرأس الوفد الحكومي للتفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال مساعد الرئيس السوداني إبراهيم محمود حامد، بينما يرأس وفد الحركة أمينها العام ياسر عرمان. وتهدف المفاوضات بالأساس لانخراط الحركات المسلحة في عملية حوار متعثرة دعا لها الرئيس السوداني عمر البشير مطلع 2014. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، انهارت جولة مماثلة ضمت الأطراف ذاتها، وهو ما ترتب عليه توقيع الحركات المسلحة مع أحزاب معارضة اتفاقا باسم "نداء السودان" تضمن شروطا مشتركة لقبول دعوة الحوار. ومن أبرز الأحزاب التي وقعت على الاتفاق حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، وهو أكبر أحزاب المعارضة في البلاد. ومن الشروط الواردة في الاتفاق الذي وقع في ديسمبر/كانون الأول 2014 بعد أيام من انهيار المفاوضات، إلغاء القوانين المقيدة للحريات وآلية مستقلة لإدارة الحوار الوطني وهي شروط ترفضها الحكومة. وفيما تطالب الحركات المسلحة بحوار يضم كل الأطراف ويناقش كل قضايا البلاد كحزمة واحدة، تصر الحكومة على التفاوض مع الحركات حول قضايا المناطق التي تقاتل فيها فقط. وهذه الانتقائية في الحوار، تنذر في حد ذاتها بانهيار محادثات السلام، إضافة إلى أن رفض عمر البشير الغاء القوانين المقيدة للحريات وتعنته حيال الآلية المستقلة للحوار الوطني تقوض هذا الحوار من اساسه، ما يعني جولات أخرى من المناورات يظهر فيها النظام السوداني كمن ينشد السلام بينما يمارس على الأرض عكس ما يعلن.