قصائد للشاعر الآفرو أمريكي لانغستون هيوز (تقديم وترجمة – لينا شدود) حينما استيقظت الأرواح السَّوداء من سباتها، كانت تحمل رسائل ومهمّات حقيقيّة، أرواح آمنت أنَّها من خلال الكلمة المكتوبة بصدقٍ وشغفٍ ستقوّض العنصريّة البغيضة باتّكائها على السَّرد الدراماتيكي المشفوع بحداثيتها وقوّتها، نازعةً السّتارة عن أدب تمور فيه الإيقاعات الإفريقيَّة الحارّة، مذيبةً ما تكدّس في دربها من اضطهاد ونكران لشعبٍ كم شتّتته الأقدار والظروف. لانغستون هيوز هو أحد أهمّ الشُّعراء الحداثيين الَّذين ساهموا في تعزيز نهضة هارلم كونها حركة فنون وآداب كسبت احترامها من معاصريها. انسجام هيوز مع الطبيعة وتلقائيّة مفرداته ذات الخلفيَّة المهذّبة والمهزومة، أثمرت أدبًا جميلاً لا يمكن تقليده، فساهمت بساطة شعره اللاَّفتة، واستخدامه لمفرداتٍ عاميّةٍ في جعله عصيًّا على التَّرجمة. فكيف للتَّرجمة أن تحمي عذوبة وحركيَّة صوره وبساطتها اللاَّفتة من جزالة مُفتعلة نَفَرَ منها هيوز في أغلب قصائدهِ ؟ *كو كلوكس أخذوني بعيدًا إلى أحد الأماكن المقفرة. قالوا: "هل تؤمن بالعِرق الأبيض العظيم؟" قلت،"سيدي، سأخبرك الحقيقة، سأومن بأي شيء إذا ما أطلقت سراحي" قال الرَّجل الأبيض، "يا فتى، أيُعقل ذلك أنت تقف هناك وتخاطبني بوقاحة؟ ضربوني على رأسي ورموني أرضًا. ومن ثم ركلوني على الأرض قال الكوكلوكسي،" أيها الأسود، انظر إلي وأخبرني أنَّك تؤمن بالعرق الأبيض العظيم". *الكوكلوكس: جمعيَّة أمريكيَّة سرّية نشأت بعد الحرب الأهليَّة لترسيخ سيطرة البيض على الزنوج. ******* مُحاصصون مجرّدُ جماعةٍ من الزنوج تُقادُ إلى الحقل، يحرثون، يزرعون ويعزقون الأرض، ليغلّ القطن. حينما يُقطَف القطن ويُنجز العمل يجني السَّيد المالَ ونحن لا نكسب شيئًا، يتركنا جائعين، مهملين كما كنّا سابقًا. تمرّ سنة إثرَ سنة و نحن لسنا سوى جماعةٍ من الزنوج تُقاد إلى الحقل يحرثون الحياة بعيدًا ليغلّ القطن. ******* أغنية الغجريَّة ذهبت إلى الغجريَّة. الَّتي تجلس وحيدةً. قُلت، أخبريني، أيَّتها الغجريَّة؟ متى ستعود فتاتي إلى البيت؟ قالت الغجريَّة: فضّة، ضع بعض الفضّة في يدي وسأرى الطالعَ، وأخبرك بكلِّ ما سأراه. ملأتُ راحتها بالفضّة، ومن ثمّ بدأتْ بالكذب. قالت: استمع إليّ، الآن، يا سيدي، ستكون هنا في وقتٍ قريبٍ. أوه، يا لها من كذبةٍ ! انتظرتُ، وانتظرتُ ولم تعد إلى البيتِ بعد. لاشكَّ أن أمرًا ما قد حدث وجعلَ فتاتي تنسى. آه! أكرهُ الغجريَّة الكاذبة ستأخذُ منك مبلغاً لا بأس به من المال، تخبرك قصصًا لطيفةً وتسلبكَ مالكَ ولكن لو كنتُ غجريًا لأخذتُ مالَكَ، أيضًا. ********* غرب تكساس هناك في غرب تكساس حيث تسطع الشَّمس كالشّرير كان لي زوجة وكان اسمها جو. تقطف القطن في الحقل قالت جو أتساءل كيف سيكون الأمر بالنسبة لنا لو حزمنا أمتعتنا ومضينا؟ وهكذا أدرنا محرك الفورد القديمة وانحدرنا إلى الطريق لم نكن نعرف إلى أين كنَّا ذاهبين ولا أي طريق نسلك . ولكن غرب تكساس حيث تسطع الشَّمس كالشّرير ليس بمكان ملائم بالنسبة لأسود ليبقى! ************ ابن الآنسة بلوز إذا ما تخلّت عنّي البلوز، يعلم الله أنّني سأبتسم. إذا ما تخلّت عني الآنسة بلوز، سأبتسم، أبتسم، أبتسم. بدلا من ذلك أنا أبكي عليّ أن أكون ابن الآنسة بلوز. كنتِ قمري في السّماء، وفي اللّيل نجمة حظي. أحبكِ، أوه، لكم أحبّكِ ولكنكِ ذهبتِ بعيدًا ! الآن أيامي موحشة، والمساء يقودني إلى الجنون. قلبي يبكي. أنا فقط ابن الآنسة بلوز! ********* أسود أنا أسود: أسود كما اللّيل، أسود كأعماق موطني إفريقيّة. كنتُ عبدًا: أخبرني قيصر أن أُبْقي عتبات منزله نظيفة. لمّعتُ أحذية واشنطون. كنتُ عاملاً: من صنع يديّ نهضت الأهرامات. صنعت الملاط لأجل مبنى الوول ورث. كنتُ مغنيًّا: حملتُ طوال الطريق من إفريقيَّة إلى جورجيا أغاني حزني. ألّفتُ *الرِّجتيم. كنتُ الضحية: قطع البلجيكيون يديّ في الكونغو. ما زالو يعدمونني في المسيسيبي أنا أسود: أسود كما اللّيل، أسود كأعماق موطني إفريقيّة. حمّال عليّ أن أقول لك أجل، سيدي، طيلة الوقت. أجل، سيدي! أجل، سيدي! طيلة أيَّامي متسلّقًا جبلاً شاهقًا من"أجل سيدي"! رجلٌ عجوز أبيض وثري يملك العالم. أعطني حذاءك لأُلمعه. أجل، سيّدي! (منقول).