بسم الله الرحمن الرحيم عبد المنعم أبوزيد أسطر مقالتي هذه لأذكر النوبيين والحلفاويين وحتى السودانيين عن هجرة أهالي حلفا عام 1964م وذلك بمرور 50 عاما عليها . كانت هذه الهجرة نكبة بكل ما تحملها من معاني قاسية أثرت في نفوس أهلنا في وادي حلفا وحلفا الجديدة حتى يومنا هذا ، تلك الهجرة الاليمة وما صاحبها من مآس على أهلنا على مر السنين. وهنا فإنني من خلال سنين عمري عشت مأساتين ، كانت الأولى عام 1946م بعد بناء سد أسوان هاجرنا فيها من ضفاف النيل الي الأعلى و كانت ماساة أولى ولكن المأساة الاشد في الثانية وهي هجرة أهالينا 1964 بعد بناء السد العالي في أسوان وهي النكبة والالم حيث أننا نعيشها حتى الآن في ظل الأنظمة التى تعاقبت طيلة السنوات . إن أهلنا في وادي حلفا و حلفا الجديدة يعانون كثيرا بعد أن غمر السد العالي حوالي 25 قرية بكل ماتحويها من الآثار النوبية في أبو سمبل و بوهين على ضفاف النيل منذحوالي 7 الف سنة قبل الميلاد ، حضارة امتدت حتى الآن ، هذه الهجرة لم تأخذ حظها من التوثيق من قبل الحكومات المتعاقبة . وادي حلفا كانت من اجمل المناطق الموجودة انذاك على ضفاف النيل فقد عشنا صبانا وجزء من شبابنا في تلك المنطقة وقد انجبت أفذاذا من الأدباء والشعراء والدبلوماسيين من امثال جمال محمد احمد ، وعبد الله خليل و ابراهيم احمد ، ومحمد توفيق وداؤود عبد اللطيف وخليل بك و الزعيم محمد نورالدين و غيرهم كثر ولدوا وترعرعوا فى تلك المنطقة و شاركوا في حكم السودان في الخمسينات والستينات وهم أبناء بعانخي و ترهاقا النوبيين الذين حكموا شمال الوادي 600 عام والسودان حتى الفونج كما يحكى التاريخ ذلك. ونحن جيل الاربعينيات عشنا في تلك المنطقة والفنادق الموجودة فيها كانت هناك وعلى ضفاف النيل تصل اليها الطائرات الشراعية محملة بالسواح من اوربا و مصر لترسوا في وسط النيل في الشمندورة ثم الي الفندق في الشاطئ ولك أيها القارئ العزيز أن تتخيل هذا المنظر الجميل في الأربعينيات والخمسينيات في تلك المنطقة في وادي حلفا ترى الطائرات الشراعية تحمل السواح من أوربا ومصر الي وادي حلفا لمشاهدة الآثار النوبية على ضفاف النيل في بوهين وابوسمبل و بقية الآثار النوبية التى كانت تعد حوالي 200 موقع أثري غرقت وطمست فى البحيرة كما طمست ديارنا ومنازل أجدادنا و قبورهم تحت مياه السد العالي في أرض النوبة التى كانت تعد من اقدم الحضارات في العالم و أهل الحضارات والاثار الموجودة في السودان ومملكة مروي في البركل مقر أجدادنا بعانخي وترهاقا و البجراوية في منطقة الجعليين وكرمة ارض النوبة في منطقة المحس ودنقلا والنوبين بأمتدادهم في شمال الوداي حتي المحس ودنقلا وهم يعلمون ذلك جيدا" أما أذا تحدثنا عن النوبة الحلفاوين الذين هاجروا الي حلفا الجديدة 25 قرية يعيشون في مأساتهم حتي الأن وهم مهمشين حتي أن كثير منهم تركوها وهاجرو منها ألي مناطق أخري طلبا" للرزق وأنني من هذا المنطلق أطلب من المسؤلين البحث عن توثيق تلك الهجرة المشؤمة ثم رعاية باقي المواطنين الموجودين بحلفا الجديدة من حيث الخدمات الصحية والدراسية المفقوده تماما" وتلك المنطقة المليئه بأمراض البلهارسيا والملاريا والسرطانات التي يعاني منها في تلك المنطقة منذ الهجرة في عام 1964 الناس تاركين بلادهم وحضارتهم وأثارهم من ورائهم نحن النوبين شعب فنان وحساس منذ القدم لذلك لدينا فناين وشعراء مثل خليل فرح ثم فنان افريقيا محمد عثمان وردي والبلابل والفنان المبدع يوسف خيري والذي يغني للنوبة ووو نوبة وعيوننا تدمع باكيه كلما ذكرنا أرض أجدادنا عبد المنعم أبوزيد ضابط أداري بالمعاش مسقط سلطنة عمان [email protected]