جاء فى وسائل الاعلام خبر عن حديث أدلى به المبعوث الأمريكى السابق للسودان و الخبير بمعهد السلام الأمريكى " برنستون ليمان "،رغم أهمية الخبر كمؤشر للسياسات الأمريكية تجاه السودان، الا انه لم يلقى النقاش الجدير به من قبل مجموعات المعارضة. فى تقديرى السبب الاساسى لذلك العزوف، يعود الى تزامن تصريح " ليمان " مع القرار الذى اصدره مجلس الأمن عشية الاربعاء الماضى بتجديد العقوبات تجاه السودان استنادا على القرار السابق 1591 – 2005 و لمدة عام أخر تنتهى فى مارس 2017والذى كان مثارجدل و توقعات متباينة. لأهمية حديث المبعوث الامريكى السابق الذى يعكس بشكل او آخر وجهة السياسة الامريكية الخارجية، و تحديدا ارتباطه بتحديد مسار التغير السياسى المستقبلى للسودان، احاول أن أبدى و جهة نظرى فيما أورده. قال المبعوث الأمريكى برنستون ليمان فى 9 فبراير 2016 فى محاضرة بقاعة الشارقة نظمها معهد دراسات السلام بجامعة الخرطوم و كما ورد فى صحيفة سودان تربيون انه دعا ( الى تجاوزفكرة اسقاط النظام و الاتجاه الى الحل عبر التفاوض لافتا الى انه طرح مشروع الحوار الوطنى ).اضاف بمعناه ان التحول يحتاج الى ارادة داخلية و استطرد….. ذلك ما حقق الانتقال و التحول الديمقراطى فى جنوب افريقيا،كوريا الجنوبية،تايوان،المكسيك و شيلى. ابتداءاً أود ان نقول ان هذا الرأى ليس جديدا فقد سبق و ادلى به المبعوث فى محاضرة فى اغسطس العام2012 ،تكرار ذلك الرأى القصد به تطبيعه توطئة للقبول الكامل به من قبل القوى المعارضة ! طرح المبعوث لقضايا الشأن السودانى يتسم بتعميم و تبسيط مخل ،ضبابى و مربك،خاصة فيما يتعلق بموضوع الحوار مع السلطة،الارادة السياسية و الامثلة التى استصحبها فى حديثة تدعيما لوجهة نظره.للتوضيح أكثر أبدى وجهة نظرنا فيما أدلى به فى السطور التالية: اولا التفاوض و الحوار المعارضة لم ترفض مبدأ التحاور،لكنها و ضعت شروطا موضوعيه لمبدأ الحوار، عدم الامتثال لها يجعل من الحوار عبثا لا طائل له.تتمثل تلك الشروط و باختصار غير مخل، فى الغاء القوانين المقيدة للحريات و اطلاق سراح المعتقلين السياسين،ايقاف الحروب الممتدة بارجاء الوطنوايصال الغذاء للمتضررين فى اماكن الحروب اضافة الى أن الحوار يجب أن يشمل كل قضايا الوطن دون تجزئة.سلطة المؤتمر الوطنى ظلت تناور و تسعى بقصد و لؤم لتقسيم المعارضة،ذلك باستقطاب بعض الجماعات بحوار وهمى اثبت فشله. الارادة السياسية المقصود هنا جدية الطرفين، السلطة و المعارضة بأن الطريق " لحلحلة " مشاكل السودان لا يتأتى الا بالمناقشة الجادة و الموضوعية التى تشفى الجروح دون " لولوة "،ذلك ما يرفضه المؤتمر الوطنى" الاسلام اليساسى " و يسعى لاستدامة وضعه من خلال " فهلوة " سياسية مع اجراء تغيرات شكلية لا تمس الجوهر.بمعنى آخر ان السلطة ليست جادة فى اجراء أى تغير و الدليل على ذلك شن الحملات الأمنية التى تقودها ضد المعارضة، الحروب العنصرية غير الأخلاقية التى تخوضها فى دارفور،جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق، و الذى دفع المجتمع الدولى " مجلس الأمن " قبل يومين بتجديد العقوبات المفروضة على السودان. النماذج أو الأمثلة لا يمكن أيراد أمثلة من بلدان تختلف عن السودان سياسا،تاريخيا و اجتماعيا و من ثم اسقاطها على الواقع السودانى.كل من تلك الدول الواردة فى حديثه لها مسيرتها السياسية المتميزة و الخاصة التى تعبر عن واقعها، و اهم من كل ذلك فالحكومات فى تلك الدول سعت بجدية مع معارضيها لتغير واقعها المأزوم. ثانيا السودان بتجاربه السياسية،تاريخه ونضال شعبهليس فى حاجة لشخص يعلمه الطريقة الصحيحة كيفية تغير مساره السياسى أو بكلمات أخرى أكثر وضوحا، أفضل الطرق لحكم بلده.يكفى أن هذا الشعب قد قام بثورتين فى ربع قرن من الزمان عندما تسلطت عليه حكوماته و ابتدع من الأساليب أصبحت تجارب للشعوب الأخرى. بالطبع الشعب السودانى لا يرفض تضامن و مساعدة الآخرين،بل يشكرهم على الوقوف مع معه فى محنته الآنية….لكنه يرفض الوصاية.حال السودان لن ينصلح الا بسقوط هذه السلطة و زوالها !