قضت محكمة بريطانية يوم الأربعاء بالسجن تسعة شهور على سوداني عبر نفق القنال الإنجليزي سيرا على الأقدام العام الماضي في رحلة جسدت المحاولات البائسة لبعض اللاجئين الساعين للوصول إلى بريطانيا إلا أنه لن يسجن لأنه أمضى مدة العقوبة بالفعل في الحجز. وقال عبد الرحمن هارون (40 عاما) إن الأولوية أمامه الآن هي إعادة بناء حياته في بريطانيا. وكان هارون اعترف بتهمة تعطيل المرور في خط للسكك الحديدية أمام محكمة كانتربي كراون. واعتقلت الشرطة البريطانية هارون -الذي فر من منزله في منطقة دارفور السودانية التي تمزقها الحرب- في الرابع من أغسطس آب أثناء خروجه من النفق بعد أن سار 50 كيلومترا من فرنسا في شبه ظلام كامل. وكان هارون أول لاجئ ينجح في عبور القنال الإنجليزي سيرا على الأقدام. واستمعت المحكمة إلى أقواله للشرطة بأنه قفز فوق السياج قرب كاليه وراوغ القطارات بالتشبث في أقواس معدنية على الجدران عند سماعه اقتراب القطارات منه. وقال "حتى لو مت لم يكن أمامي حل آخر." وأمضى هارون خمسة شهور في السجن إلى أن حصل على حق اللجوء في ديسمبر كانون الأول وأُفرج عنه بكفالة في الشهر التالي ولكنه ظل يواجه تهمة جنائية بمقتضى القانون الإنجليزي. وكان هارون دفع ببراءته من قبل إلا أنه غير موقفه أمام المحكمة يوم الأربعاء. ودعت شركة يوروتانل المشغلة للنفق وبعض السياسيين إلى أن يمثل أمام القضاء لردع آخرين. ويقول حقوقيون إنه يجب ألا يحاكم على الطريقة التي دخل بها البلاد وأن يطلق سراحه لكي يؤسس حياته في بريطانيا. وهرب هارون من محاكمته على أيدي ميليشات الجنجويد المدعومة من الحكومة السودانية في عام 2004 حيث أمضى سنوات في معسكر مطل على سد كاري ياري الواقع على حدود السودان مع تشاد. وواصل هارون رحلته إلى بريطانيا عبر مصر وليبيا وإيطاليا وفرنسا. وقالت القاضية وليامز أثناء محاكمته "من الواضح بعد أن سافرت من موطنك السودان … كنت في حالة يأس عندما قررت السير عبر نفق القنال الإنجليزي." وقضى هارون بعد إطلاق سراحه بكفالة عدة أسابيع مع امرأة بريطانية ناشطة في مجال حقوق اللاجئين في بلدة مارجيت في كنت. وفي رسالة قدمتها هذه السيدة إلى القاضية قالت إنه ساعدها في إعداد الطعام والتنظيف وتهذيب الحديقة وحصل على دروس في اللغة الإنجليزية وأدى واجباته المنزلية بدأب وكان يمارس رياضة المشي لمسافات طويلة على الشاطئ. واستمعت المحكمة إلى أن هارون كان يسير مسافة سبعة كيلومترات يوم الأربعاء من كل أسبوع حتى مقر مركز الشرطة تنفيذا لشروط الكفالة. وقال أشخاص ساعدوا هارون للمحكمة إن هارون انتقل بعد ذلك إلى برمنجهام ثاني أكبر المدن البريطانية حيث له علاقات مع عدد من أبناء دارفور الذين يتحدثون لغته. وأشارت القاضية إلى أنها تساهلت نسبيا بسبب ملابسات قضيته. وقالت "على من قد يفكر غيره في ارتكاب هذه الجريمة مستقبلا أن يتوقع حكما فوريا بالسجن