أكد الأستاذ على محمود حسنين ، رئيس الجبهة الوطنية العريضة ، على أن نظام الحكم في السودان ساقط لامحالة ، قاطعاً بحتمية إنتفاض الشعب السوداني في وجه النظام وإزالته بالهبة الجماهيرية الواسعة . وقال إن جماهير الشعب السوداني جماهير “مُجربة” إستطاعت أن تُسقط نظاميين قمعيين بالإنتفاضة الشعبية . وأضاف : ” إذا كانت الجماهير العربية ثارت وأسقطت أنظمتها لأسباب تتعلق بالفساد والقهر وغياب الحريات ، فإن الشعب السوداني لديه أسباب إضافية تجعله في مقدمة الصفوف الثائرة ، فالنظام السوداني يتساوى مع الأنظمة الديكتاتورية العربية في الفساد والقهر وغياب الحريات ، بل ويفوقها بكثير ، ولكنه يضيف عليها تمزيقه لوحدة الوطن بتسببه في إنفصال الجنوب ، وإشعاله لحروب الإبادة في دارفور ، ونشره لأعمال القتل والتعدي في الشرق والشمال وكل ولايات السودان “ ورفض حسنين عقد المُقارنة بين فظائع وجرائم النظام المقترفة في حق الإنسان السوداني في دارفور وأماكن أخرى من السودان بأيدي النظام السوداني وأعوانه ، بتلك التى تجرى في ليبيا وبلدان عربية أخرى تشهد إضطرابات وتعديات على الجماهير الثائرة ، مُستشهدا بضخامة أعداد الضحايا ( أكثر من 300 ألف قتيل ) في دارفور ، وحجم الفظائع غير المسبوق هناك ، ما خول المجتمع الدولي إحالة الإختصاص القضائي إلى محكمة الجنايات الدولية بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية ، وما تلى ذلك من صدور أوامر بتوقيف رأس النظام وشل حركته إلى حد كبير . وحثّ حسنين الزعامات والقيادات للعمل على دفع مسيرة النضال أو الصمت . مُعتبراً صمتها أفضل من أن تخرج إلى الناس بتحليلات مُخذلة ، لا تخدم إلا أغراض المؤتمر الوطني ونظام حكمه . وأردف : ” شعبنا لديه من الأسباب والمسوغات ليتقدم الشعوب العربية ، ولديه الإستعداد لإشعال الإنتفاضة وإسقاط النظام ، وهذه عقيدتنا الراسخة وغير المتزحزحة في هذا الشعب العظيم ، والقول بغير ذلك يعني أن شعبنا قد فقد أهلية الوجود ، وفقد الحَّمية والعزة والكرامة ، ولا يقولن بذلك أحد ، لا سيما القادة والزعماء الذين إحتلوا مواقعهم العليا بإسم الشعب ” . ورفض حسنين المخاوف المُحذرة من “صوملة” السودان ، وإنفراط عقده وإهتزاز إستقراره ، في حال وقعت الإحتجاجات الواسعة ، وإنتظمت الإعتصامات المدن والقرى ، . وعبر عن ثقته في أن الجيش ، رغم الخراب الذى حلّ به بسبب سياسات الإقصاء المُمارسة تجاه الضباط والجنود الوطنيين ، سينحاز جزء مقدر منه للشعب ، ولن يكونوا على شاكلة مُرتزقة القذافي : يُقتلون شباب الوطن وآمال الأمة . وبدا واثقاً من أن جيوبا واسعة داخل الجيش لاتزال تُبقي على ولائها للشعب . وتوقع أن يرفضوا تنفيذ أية أوامر تصدر من القيادة السياسية بإطلاق النار على المتظاهرين ، بل راهن حسنين على تصديها لكتائب المؤتمر الوطني في حال أقدمت على إطلاق نيرانها على المتظاهرين وإرتكبت مذابح في حقهم . كما ودعا قيادات الجيش الحرة للقيام بدورها المنتظر منها في حماية الشعب والإنحياز التام والصريح لتطلعاته المشروعة ، ومواصلة أدوارها البطولية التى سارت عليها – على حد وصفه – بدءا من ثورة عبد الفضيل ألماظ ، مرورا بأكتوبر ومتواصلة بثورة أبريل من العام 1985 م . وقطع بأن حماية الوطن ومصالح شعبه ليست من أولويات وإهتمامات النظام القائم ، وان الحكومة غير أمينة على حماية سيادة الوطن ، وهي منشغلة بمحاربة مواطنيها ، وقهر أحرار البلاد من المناضليين ، والتعدي السافر على نساء البلاد وأهل دارفور والشرق والشمال . وأكد على أن حدود البلاد وأجواءها تظل مستباحة لإسرائيل ومنذ وقت بعيد ، واصفا السلطة بالعجز عن تحديد كيفية وقوع الضربات ، مُتهما النظام بالتستر والتكتم على الضربات الجوية على الأراضي السودانية ، وسعيه لحجب الحقائق عن الشعب ، على الرغم من تخصيص النظام لأكثر من 80% من ميزانية البلاد وصرفها على أجهزة أمنه وأجهزة القمع الحزبية التابعة له . وشدد على أن إيمانه بعدالة القضية الفلسطينية ، لا يعني بالضرورة الموافقة على أن تكون الأراضي السودانية معبراً لسلاحٍ يُعرض سيادتنا للعدوان ، كما ووجه خطابه للفلسطينيين داعيا إياهم للوقوف مع الشعب السوداني في محنته ، مضيفا : ” إذا كان الفلسطينيون يطالبون بمحاكمة جرائم إسرائيل في حق شعبهم أمام محكمة الجنايات الدولية ، فمالهم يغضون الطرف عن جرائم نظام البشير في دارفور وهو الذى أباد أكثر من 300 ألف سوداني مسلم في دارفور ؟ وقضية الحريات لا تتجزأ ، وقضية الإرهاب واحدة سواء قام بها مسلم أو يهودي ” . وإستهجن حسنين موقف بعض أحزاب المعارضة المُعلن من إنعقاد الإختصاص للمحكمة الجنائية الدولية بخصوص مذابح دارفور ، مُشيراً إلى أن مواقف الاحزاب في ” جلساتهم غير المُعلنة ” هي مواقف مؤيدة وداعمة لعمل المحكمة الجنائية ، إلا أنهم يتعمدون التمويه في بياناتهم الرسمية إيهاماً برفضهم لإنعقاد الإختصاص لصالحها ، مُعللاً منحاها بعدم رغبتها الدخول في مواجهة مباشرة مع النظام في هذه القضية على وجه الخصوص ، لعلمهم أن الحزب الحاكم لا يقبل موقفا وسطا بخصوصها . ونبه إلى إعلانه المُبكر والواضح ، وبصفته كنائب لرئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل ، أهلية المحكمة الجنائية الدولية في محاكمة الجرائم الفظيعة التى إقترفها النظام في حق دارفور وأهلها ، مُقرا بوجود رأي مغاير في داخل الحزب ، داعيا لحسم الموقف من الجنائية وفقا لأحكام القانون ومصلحة الوطن . وأبدا عدم قدرته على إستيعاب ما عناه السيد الصادق المهدي بطرحه القائل ب ” تعامل واقعي مع قضية المحكمة الجنائية الدولية ” ، موضحا أن مقترح السيد الصادق بتشكيل “المحكمة الهجين” لا يقوم إلا بموافقة من رئيس الجمهورية ، وهو المقترح الذى سبق وأن تقدمت به لجنة أمبيكي وتحفظ عليه النظام مُستبطنا الرفض ، والرئيس قطعا وقولا واحدا لا يمكن ان يوافق على مقترح “المحكمة الهجين” ، عازيا طرح السيد الصادق للهجين لرغبته في الهروب من التأييد المباشر والصريح للمحكمة الجنائية الدولية . وأضاف : ” يناقض السيد الصادق قناعاته الشخصية بموقفه “المُتارجح” من المحكمة الجنائية ، ويثير عليه حنق أهل الضحايا وأهل دارفور ، ويُسجل موقفا يُحسب عليه تاريخيا أمام الشعب السوداني والاجيال القادمة . ونحن الان في مرحلة حرجة تتطلب الوضوح التام في المواقف ، وتجنب المواقف الرمادية ” . وأعاد حسنين التأكيد على أن لا موقف وسط أو بين بين تجاه حق الضحايا ، المكفول بالقانون ، وطبائع الأشياء والإنسانية ، في العدالة والإقتصاص من مرتكبي الجرائم البشعة في حقهم . ويقول في السياق ذاته : ” إما أن نقف في صف العدالة للضحايا ، أو أن نقف ضد العدالة . رفض إختصاص المحكمة الجنائية يعني عمليا ترك المتهمين طلقاء دون أن يمسهم العقاب وتطالهم العدالة ، ما قد يدفعهم للإستمرار في إقتراف الفظائع وإستغلال الصمت السلبي تجاه تجاوزاتهم ، وتحدث حسنين هنا بصفة رجل القانون قائلا : ” لا يمكن محاكمة البشير في جرائم دارفور ضمن إطار النظام القضائي السوداني للأسباب الآتية : ” أ / ليس هناك قانون منصوص عليه يُحاكم جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية عند وقوع الفعل . ب / ليس هناك نيابات مستقلة ، فهي جزء من الجهاز التنفيذي الذى يترأسه الرئيس نفسه . ج / تعوق الحصانة الدستورية لرئيس الجمهورية أي إجراء قضائي في مواجهته ، إذ لا يجوز ، وفق المادة 60 من الدستور ، أن يُحاكم رئيس الجمهورية إلا بجريمة الخيانة العظمى ، وبقرار يصدر بتأييد ثلاث أرباع البرلمان ، وهو الامر المستحيل بعينه بالنظر لتبعية البرلمان للحزب الحاكم وثبوت التزوير الواسع في الإنتخابات الأخيرة . د / بات القضاء في عهد الإنقاذ تابعا أليفا للنظام السياسي ، وهو غير قادر على إصدار أحكام ضد أعوان النظام في قضايا فساد وتعدي مُثبتة بالبراهين القاطعة ، فمابالك برأس النظام ؟ “. وخلص إلى أن الدعوة لمعارضة إختصاص عمل المحكمة الجنائية الدولية تعني ضياع حق الضحايا في العدالة . جازماً على أن لا سلام يمكن أن يتحقق ويستتب في غياب العدالة . ومحذراً من كارثية ترسيخ مبدأ الإفلات من العقاب ، وأثره المترتب بسيادة شريعة الغاب وضياع البلاد بالنتيجة .