أثار قرار رفع الدعم عن الدواء وإعلان تسعيرة جديدة للأدوية في السودان بزيادة تجاوزت 200٪ ردود أفعال واسعة، وانتشر جدل ورفض تام لهذا القرار. وتداول السودانيون هاشتاغا يدعو لإلغاء قرار رفع الدعم عن الدواء وهشتاغا آخر (الناس بتموت بسبب الدواء). وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لمواطن يحمل لافتة مكتوب عليها (أنا المواطن السوداني أنور محمود، أعاني من أمراض السكر والقلب والقاوت ولا استطيع شراء الدواء يا عمر) وعلّق الكثيرون على هذه الصورة منتقدين الوضع الاقتصادي المتردي والزيادة الكبيرة في أسعار الأدوية. ويقول الدكتورأنس العاقب المتخصص في مجال الموسيقى :»أنا مواطن عادي بالمعاش، مريض بالقلب ومفروض أتناول بأمر الطبيب أدوية منقذة للحياة تضاعف سعرها مؤخرا وقد اجتهد في الحصول عليها، ولكن ماذا يفعل الفقراء والمساكين الذين لا يملكون ثمن الدواء بعد أن تضاعف سعره والخوف أن تنطبق الأسعار الجديدة على مظلة التأمين الصحي وإذا حدث ذلك..ربنا يستر»! أكثر من مئتين و خمسين صيدلية في العاصمة أغلقت أبوابها لعدة ساعات احتجاجا على رفع أسعار الدواء ووضعت العديد منها لافتات توضح سبب الإضراب وتؤكد تضامن الصيادلة مع المواطنين، وتم إلغاء ندوة حول هذا الموضوع وسط اتهامات وتراشق بين المسؤولين من اتحاد الصيادلة. وشهد شارع المطار في الخرطوم احتجاجات فردية لفتيات حملن لافتات ترفض الغلاء بشكل عام وزيادة أسعار الدواء. وانضم مواطنون لهذه الحملة مستغلين السيارات لكتابة الشعارات المناهضة لغلاء الدواء. وقال الصحافي والمحلل عبد الله رزق إن الناشرين وملاك الصحف بدلا من أن يسبقوا الصيادلة وملاك الصيدليات إلى الإضراب، إنحازوا بإجماع للخيار السهل بزيادة سعر الصحيفة والإعلان، في وقت تتدنى فيه القوة الشرائية للقراء مع تزايد مقروئية الصحف البديلة. الأحزاب السياسية عبّرت عن رفضها التام لهذه الزيادات وخرج بعضها إلى الأسواق والساحات العامة لمخاطبة الجماهير والتعبير عن هذا الرفض، خاصة حزب البعث وحزب المؤتمر السوداني رغم اعتقال الكثير من قادة هذه الأحزاب. ووصف حزب الأمة زيادة أسعار الدواء (بالطامة الكبرى). وأوضح الحزب في بيان له أن هذه الزيادات أتت متزامنة مع الأزمات المتلاحقة التي تحاصر المواطنين، وعلى رأسها زيادة أسعار الوقود والغاز والسلع الضرورية. واعتبر أن الزيادات التي تم الإعلان عنها مؤخرا عدوان سافر على الشعب السوداني واستهداف للفقراء وإعلان حرب على الشعب. وقال الحزب إن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة تمثل إذعانا واضحا لشروط صندوق النقد الدولي بغرض الموافقة على طلبات القروض المقدمة من قبل النظام لفك عزلته الخارجية وأزمته الاقتصادية على حساب المواطن الغلبان، في الوقت الذي يمنح النظام امتيازات جديدة لرموزه تحت مسمى الاستثمار، مما يكشف وجهه الكالح في إهدار صريح لحقوق الإنسان لاسيما حقه في الدواء والصحة والحياة لصالح جشع الأغنياء وإرضاء جهات أجنبية. وجدد الحزب موقفه في ضرورة إزالة هذا النظام (الذي أهدر كل فرص الحل السلمي وعمد إلى السير في نهجه القديم المعادي للمواطن وللمدمر للوطن). وطالب الحزب بنظام جديد يحقق السلام والديمقراطية والعيش الكريم. وكان المجلس القومي للأدوية والسموم، وهو جهة حكومية مختصة بالدواء، أصدر قائمة بأسعار جديدة للأدوية تراوحت الزيادة فيها بين 200٪ و300٪. وأوضح أن الأسعار الجديدة تبدأ من الأول من كانون الثاني/يناير المقبل، لكن كثيرا من المواطنين أكدوا أن الصيدليات بدأت التعامل بالسعر الجديد منذ الآن. وأصدر بنك السودان في مطلع هذا الشهر جملة من القرارات بهدف السيطرة على سعر صرف العملات الأجنبية حدد بموجبها السعر الرسمي للدولار ب15.80جنيه بالعملة المحلية بهدف تقليص الفارق مع السوق الموازي بعد أن كان 6.5 جنيه،لكن السوق الأسود ارتفع من جديد لأكثر من 17جنيها. ووصف خبراء ومختصون الإجراءات التي ابتدرها البنك المركزي في السودان والمتعلقة برفع سعر الدولار بنسبة 130٪ مقابل الجنيه بالتحرير غير المعلن. وأوضحوا خطورة هذه الخطوة دون أن تتزامن معها إجراءات اقتصادية أخرى.