في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي وإفشال الدعوة للعصيان المدني غداً الأحد ، أعلن بحر أبو قردة ، وزير الصحة الاتحادي ، قرار حكومته بإلغاء قائمة الأسعار التي أصدرها المجلس القومي للأدوية والسموم مؤخراً ، وعزل أمين المجلس من منصبه . وقال أبو قردة في مؤتمر صحفي عقده ظهر أمس الجمعة ، بعد ساعات من وصول عمر البشير قادماً من غينيا الاستوائية : إن حكومته تراجعت عن زيادة أسعار الأدوية المنقذة للحياة ، واتخذت قراراً بمراجعة قائمة أسعار الدواء الأخيرة ، وقرأ قرار عمر البشير بعزل محمد حسن إمام العكد ، أمين عام مجلس الأدوية والسموم من منصبه ، واتهمه بانه أصدر (بنفسه) دون الرجوع للجهات الحكومية قائمة أسعار الأدوية الأخيرة ، وزعم الوزير بأن القائمة التي أصدرها أمين المجلس تشمل أدوية تدعمها الدولة ! وقال أبو قردة بلهجة أثارت سخرية النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي ، والذين اتهموه بتقمص شخصيه رئيسه (قررنا إلغاء قائمة أسعار الدواء التي صدرت عقب الإجراءات الاقتصادية الأخيرة ، وتشكيل لجنة لإصدار قائمة أسعار جديدة للأدوية ستنتهي من عملها في وقت قريب- لم يحدده – وتعيين أمين عام جديد للمجلس القومي للأدوية والسموم بدلاً عن المعزول . مضيفاً بنفس اللهجة (ستطال المحاسبة كل من تسبب في الربكة التي حدثت بأسعار الأدوية). وسخر نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي من حديث وزير الصحة . وتساءل ناشط (نريد أن نعرف هل سيتم إرجاع القرار القديم ويبيع البنك المركزي الدولار لشركات الأدوية بسعر (7.5) جنيهاً لاستيراد الدواء كما كان في السابق ، أم أن شركات الأدوية ستتعامل بالقرار الجديد وتشتري الدولار من السوق الموازي ، خاصة وأن سعره اقترب من حاجز ال 20 جنيهاً؟!) ، مضيفاً : (هذا هو ما نريد أن نسمعه) ! . وقال ناشط يعمل طبيباً بمستشفى حكومي في أم درمان (إن أبوقردة الذي بدأ مؤتمره مرتبكاً أول من يعرف بأن ما يقوله لا يعدو أكثر من كونه غشاً وتحايلاً وخداعاً ، وأضاف ( الوزير لم يخاطب الأزمة الحقيقية المتمثلة في قرار حكومته بتحرير سعر صرف الدولار لاستيراد الدواء ، لذا لم يتحدث عن إلغاء حكومته لقرار زيادة أسعار الدواء وإنما اكتفى بإجراءات بسيطة ستراجع ولا تلغي – إن صدقت حكومته – أسعار بعض الأدوية التي حددها بالاسم وحصرها في الأدوية المعالجة لأمراض : الضغط ، السكر ، الشلل الرعاش ، الأمراض النفسية والهيموفيليا). وأضاف الناشط قائلاً ( قمة المهزلة تكمن في قرار عزل أمين مجلس الأدوية ، والذي وصفه الوزير بأنه ارتكب أخطاء كانت كافية لعزله ، وكأن أمين المجلس يستطيع بنفسه إصدار مثل هذا القرار الكبير الذي يزيد من سعر الدواء بأكثر من 200% دون أوامر من حكومته؟). وأكد الناشط بأن مؤتمر أبو قرده قصد به إفشال التظاهرات الاحتجاجية التي تعم البلاد ، ولكنه (يثبت حقيقة أن هذه الحكومة ليس لديها ما تقدمه لشعبها سوى سياسية الكذب والخداع والمراوغة). وتأكيداً على حديث الناشط قال ياسر يوسف ، وزير الدولة بالإعلام ، في حديثه بذات المؤتمر الصحفي ، أن قرار حكومته بمراجعة الأسعار ( يؤكد إحساس القيادة السياسية بنبض الشارع ، وأنها لا تتحرج من مراجعة أي قرار يقف ضد مصلحة المواطن). وعلق ناشط سياسي ل (حريات) قائلاً ( بما أن القيادة السياسية تحس بنبض الشارع وتسعى لمصلحة المواطن فإن الشارع الآن يريد ذهاب عمر البشير بحكومته ، وشوارع البلاد تعبّر عن هذا المطلب بلافتات يحملها آلاف الشباب والشابات ، ولابد أن الوزير قد شاهد المئات منها في الشوارع : فهلا تكرم مشكوراُ بإبلاغ القيادة السياسية بنبض الشارع ؟ ). ورغم تراجع السلطة الشكلي عن قرارها ، انطلقت مساء أمس تظاهرات شبابية حاشدة بأحياء : ود نوباوي ، مكي ، الدومة ، الهجرة وشارع الزعيم الأزهري بأم درمان ، كما انتشرت الدعوات الداعية للعصيان المدني يوم غد الأحد ، وامتلأت جدران المنازل في الأحياء بالشعارات المنددة بالحكومة والداعية إلى المشاركة في العصيان المدني المحدد له يوم الغد ، والتظاهر إلى حين إلغاء القرارات الأخيرة كافة. جدير بالذكر أن السلطة سبق وأصدرت في 1 نوفمبر الماضي ، ضمن حزمة من القرارات الاقتصادية قراراً يقضي بتحرير سعر صرف الدولار لاستيراد الأدوية ، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها ، وصل إلى أكثر من (300)% في أسعار بعض أصنافها. وكان البنك المركزي يبيع الدولار لشركات الأدوية بسعر (7) جنيهات ونصف من أجل استيراد الدواء ، وبموجب القرار الجديد ستلجأ هذه الشركات لشراء الدولار من السوق الموازي ، والذي تجاوز سعره هذه الأيام ال(19) جنيهاً . اضغط لقراءة : أسرة عمر البشير تستولي على (230) مليون دولار من أموال الدواء !