الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هنا وردة : مدونة النظرية النقدية
نشر في حريات يوم 21 - 01 - 2017


http://hunawarda.blogspot.com.eg/?m=1
حوار مع فيلسوفة يال: سيلا بنحبيب أجرته كارين واهل جورقنسن
ترجمة: هشام عمر النور
"نحن نواجه الآن جيل يحصل على كل معلوماته من الانترنت. يترتب على ذلك أن مصادر معلومات الناس أصبحت متعددة بحيث يمكن ألا تتقاطع وبحيث يمكن ألا ينشأ عالم مشترك. ولكن التشظي يمكن أيضاً أن يجلب معه الفوران تقول سيلا بنحبيب، الفيلسوفة وبروفسير العلوم السياسية والفلسفة في جامعة يال والتي حاورتها كارين واهل جورقنسن إن أحد وسائل الإعلام التي تعاني من أزمة عميقة هي التلفزيون. فأنا أفضّل أن أرى المواطنين يتحدثون في منتدياتهم أكثر من رؤية من يزعمون أنهم خبراء، أولئك المتحدثين الذين هم مرجعية أنفسهم. لقد امتدت حدود تعاطفنا بفهمنا لشروط الآخرين الذين يختلفون معنا جذرياً واختتمت وتقوم الصحافة بهذا بأفضل ما تستطيع؛ فهي توسع رؤيتنا للعالم بجعلنا ننظر إلى العالم من خلال عيون الآخرين."
………………………
سيلا بنحبيب: الفلسفة السياسية كانت توجهي الأول في الفلسفة لوقت طويل. ودافعي في هذا كان بالأساس حقيقة أنني من جيل الحركة الطلابية. ونوع الأسئلة التي كنا نطرحها في عام 1968م قادنا إلى توجه فكري معين. قبل ثلاثين عاماً (1977) كتبت أطروحتي في فلسفة هيجل السياسية، في المقارنة بين مفهومه عن الحق مع تقاليد الحقوق الطبيعية. وقبل ذلك، كانت أطروحتي الرئيسية عن هوبز. ولهذا فهو اهتمام وانشغال طويل الأمد. طبعاً، بمرور السنين الشخص يتطور ويتغير. أكثر التحولات الحالية أهمية حدثت حوالي منتصف التسعينات بعد أن بدأت العمل بطريقة أكثر تجريبية على أسئلة التعددية الثقافية والمواطنة والهجرة ضمن الاتحاد الأوروبي. فقد اتخذت منحنى تجريبياً ومؤسساتياً بأن بدأت بالنظر إلى المناقشات المتعينة. وغرقت في الأدب الجديد عن الاتحاد الأوروبي والهجرة وحقوق المرأة، وكان لدي الشعور بأن الفلسفة السياسية في الحاضر تتعارض مع دراسة تاريخ الفكر السياسي. علينا أن نمسك بالمجتمع من حولنا والتحولات التي تجري في اللحظة الراهنة.
كارين واهل جورقنسن: الناس في الصحافة معتادين بشكل خاص على أعمالك عن هابرماس وأفكارك حول المجال العام والفضاء العام، فهل يمكن أن تحدثينا عن الطريقة التي تأثرت بها بهابرماس،وعن الكيفية التي تقاسمت بها السبل معه، في الأثنين معاً، عمله في المجال العام كما في أعماله اللاحقة؟
سيلا بنحبيب: بالنسبة لي، مساهمة هابرماس الأكثر أهمية هي إعادة صياغته لمفهوم العقلانية، على أساس العقلانية التواصلية. فهو يرى العقلانية التواصلية كمانحة عقل؛ كممارسات متعينة للإجابة والاستجابة والتساؤل. بالنسبة لي أيضاً هذا المفهوم للعقلانية هو أساس ومقدمة. ويمكنني القول أن كل أعمالي تفترض صلاحية هذا الانتقال إلى العقلانية التواصلية. ولقد كنت أكثر اهتماماً بصلة العقلانية التواصلية بالأخلاق والديمقراطية التداولية وفي هذا المعنى فإن مفهوم المجال العام مفهوماً حاسماً. كتاب التحول البنيوي للمجال العام كان كتاباً هاماً جداً لأنه كان يحتوي أيضاً على تبادله مع حنا ارندت، أو ابتعاده عنها. بالنسبة لأرندت، المجال العام يسيطر عليهالمجاز البصري. فهو كناية عن أولئك الذين يمكن أن نراهم، أولئك المتحدين في الميدان العام؛ فهي كناية عن المواطنين حاضرين لبعضهم البعض. هابرماس يفتك المجال العام من النموذج الأغريقي بالقول إن العمومي تطور إلى العمومي القارئ مع حلول التنوير والحداثة. وهذا أقرب ما يكون إلى مجتمع افتراضي من المؤلفين والقراء والكتاب لا يحتاجون أن يمثلوا جسدياً لبعضهم البعض. لكن هذا العمومي القارئ هو في نفس الوقت تجسيد للرأي العام النقدي. على أية حال، كتاب هابرماس هو كتاب عن التحول البنيوي للمجال العام في القرن الثامن العاشر إلى القرن العشرين وفي نهاية الكتاب يصف تحولاً آخر حيث يتم التحول من "العام القارئ" إلى "العام المستهلك للثقافة" مع صعود الصحافة الجماهيرية والراديو. ولأن الكتاب صدر في عام 1962م فإنه لم يناقش الوسائط الإلكترونية، ولكنه يعلق على ظهور الصحافة الجماهيرية التي لها توزيع يومي، وإلى حد أقل الراديو، والتلفزيون. وبأسلوب مطابق تماماً لنظرية أدورنو في الثقافة الجماهيرية، يقدم هابرماس التحول الأخير كنوع من الانحطاط. ونحن ننسى أحياناً التقييم السلبي لهذا التحول في النصف الثاني من الكتاب.
وأنا أيضاً مهتمة بما إذا كان لمفهوم المجال العام أي فائدة حاسمة في نوع مجتمعاتنا. وهذه أيضاً نقطة تكون فيها مساهمات نانسي فريزر وكريك كالهون في غاية الأهمية، من حيث محاولة إعادة التفكير في المجال العام نقدياً. فقبل كل شيء عليك أن تزيح نموذج المجال العام من المركز. فنحن لا يمكن أن نستمر في افتراض أن هنالك هذه الحدود الواضحة التحديد؛ استخدام مصطلح "المجال" نفسه يثير فيّ دائماً صورة الكرة الزجاجية بمحيطها الأملس، حتى إذا كانت هذه الحدود شفافة. لكن إذا تكلمت عن العام بمعنى العمومية والرأي العام وتشكيل الرأي العام فأنا أعتقد أنك ستكون قادراً على فهم هذه العملية على نحو أفضل. في كتابات هابرماس الأخيرة، نواجه صياغات أكثر كتشكيلات تحولية وتحولات رأي، تقع في فضاءات مفككة لا توجد بالضرورة في مجتمعات خاصة متميزة. ونحن لم نستطع أن نمسك هذه الفكرة عن المجال العام المفكك: فالجميع يستخدم بصورة متزايدة استعارة الشبكة؛ الشبكة المجهولة لأحاديث متشابكة. أما السبب في أن سيطرة أكثر النماذج تراتبية من الميدان العام والمجال العام هي على هذا القدر من السياسة فهذا مربط الفرس؛ فهي فضاء القرار العمومي – الميدان العمومي للناس –. ويعاود هذا النموذج الظهور في كتابتنا لأنه من الصعب فهم الكيفية التي تترابط بها الشبكات المجهولة غير المتمركزة من تدفق الأحاديث المترابطة لكي تكون المجال العام الذي يقوم باتخاذ القرارات؛ أي النموذج المركزي. أعتقد أن أحد أهم الأسئلة القيمية هو الكيفية التي نفهم بها التفاعل بين شبكات التواصل هذه، وبناء المعلومات والرأي من جهة والتعبير العمومي بمعنى اتخاذ القرارات العمومية من جهة أخرى.
كارن واهل-جورقنسن: في صلة بذلك، كيف ترين الواقع الراهن من منظور العلاقة بين المجال العام القوي صاحب القرار والمجال العام الضعيف؟
سيلا بنحبيب: ما يظهر الآن هو فصل خطير. هناك طريقة تحمي بها العملية السياسية نفسها من الإثنين معاً، من وسائط الإعلام ومن الرأي العام وضغطه. والذين في السلطة لم يعد يفكروا في كونهم مسائلين أمام الجمهور العام: هنالك تقلص للمحاسبية وأيضاً فقدان لمعنى الاحترام والشرف لمن يتبوأ منصباً عاماً. بالتأكيد في الولايات المتحدة اليوم أصبحت الأجسام صانعة القرار بطريقة متزايدة أكثر منعة في مقابل الحوار الديمقراطي. تأثير المجال العام الضعيف على المجال العام القوي صاحب القرار أصبح يتضاءل بصورة متزايدة. كانت هنالك وما تزال معارف ومعلومات كبيرة متوافرة في العلن عن حرب العراق وعن حقيقة وزيف المقدمات التي قادت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى الحرب. وفي نفس الوقت هنالك فصل بين مستوى المعلومات المتاحة وبين عمليات اتخاذ القرار.
اعتدت أن أكون أكثر تفاؤلاً عن إمكانية أن تؤثر الحركات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني على المجال العام القوي. وما زلت أعتقد أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن نأمل فيه وحملة ترشيح أوباما أرتنا أن الحركات السياسية والمدنية ليست نائمة بالمطلق في الولايات المتحدة. لكن في العشرة سنين أو الخمسة عشر سنة الأخيرة صدمني أكثر تفتت المجال العام. ظهور وسائط الإعلام التكنولوجية الجديدة، ومراكز المعلومات الجديدة قاد كل شخص إلى أن يقوم بأموره الخاصة، إن أمكن القول. فكأنما الناس أصبحوا يمشون وعقولهم داخل فقاعات. وداخل هذه الفقاعة عالم من المعلومات بنوه هم أنفسهم. عندما صغنا نموذج تفاعل المجال العام القوي والمجال العام الضعيف لأول مرة في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، كان العديد منا يفكرون في تحولات شرق أوروبا، وظهور حركات المجتمع المدني، والحركات النسوية القوية، وحركات الشباب والبيئة في الغرب، ومن ثم كان النموذج أحد النماذج غير المتمركزة، مجال عام ضعيف لمحادثات وشبكات مجهولة يكون لها تأثير ما على المجال العام متخذ القرار. الآن، نحتاج إلى أن نراجع هذا النموذج في ضوء التزايد المضطرد لوسائل الإعلام الإلكترونية والمجالات العمومية – صعود الفيسبوك؛ واليوتيوب؛ والصحافة الاجتماعية وصحافة المواطن،….الخ.
كارن واهل-جورقنسن: هل تعنين أن أحد أسباب تفتت المجال العام يمكن أن يكون ظهور وسائل الإعلام التكنولوجية الجديدة؟
سيلا بنحبيب: علينا أن نكون حذرين جداً في أن ننسب أكثر مما يجب أو نلوم وسائط الإعلام. ولكن كنت أسأل نفسي، ما هي التجربة المتعينة لجيل ابنتي، مثلاً، التي ولدت في عام 1986م؟ هؤلاء طلاب جامعات تتوفر لهم معلومات وهم مهتمين بالسياسة ويريدون أن يكونوا نشطاء سياسيين، ولكن ماذا يفعلون في الصباح؟ إنهم يشغلون الكمبيوترات ويجدون أن الأخبار قد تم إرسالها لهم عبر البريد الإلكتروني أو عبر النيويورك تايمز إذا كانوا مشتركين فيها. ومن ثم فمن جهة، نواجه جيلاً يحصل على كل معلوماته من الانترنت، ومن جهة أخرى، لدينا تمركز متزايد واحتكار لإنتاج الأخبار وسط الصحف اليومية الرئيسية. النتيجة هي أن الناس أصبح لديها مرجعيات عديدة يمكن ألا تتقاطع وبسبب ذلك يمكن ألا ينشأ عالم مشترك. الجانب السلبي من عدم التمركز هو التفتت. لكن التفتت يجلب أيضاً الفوران. أنظر إلى المواقع الأسفيرية مثل Talking Points Memo وكذلك DailyKos في الولايات المتحدة – فقد غيرت المجال العام السياسي. ولكن من الذي يقرأها بالضبط إلى جانب مثقفي الساحل الشرقي الواعين سياسياً والنشطاء السياسيين والمتحمسين؟ هنالك تناقضات كثيرة: فمن جهة نجد أن نوع التحليل الراديكالي والأخبار الموجودة على المدونات أكثر تقدماً بما لا يقاس من أي شيء موجود في الصحف، لكن من الجهة الأخرى ليس من الواضح أن المدونات على درجة كبيرة من الانتشار كما أنها لا تغربل أي شيء يتم نشره. ما أراه الاتجاهان معاً: من جهة المدونات يديرها في غالب الأحيان هواة وهذا يمكن أن يقود إلى التضليل وسوء تقديم المادة. لكن من الجهة الأخرى تجد في بعض الأحيان معلومات وأخبار أكثر في المدونات تجبر مؤسسات الإعلام الأكثر تأسيساً أن تتوقف لتأخذ منها الملاحظات. وفي الواقع، إن هذه العملية جيدة بشكل عام لأنها تفرض مراقبة أكثر على الوسائل المطبوعة.
كارن واهل – جورقنسن: بعض النظريين أولوا أهمية كبيرة لتطورات مثل ظهور الانترنت، ناظرين إليه كنوع من التطور الديمقراطي الذي يمنح صوتاً لأناس ما كان ليكون الوصول إلى المجال العام متاحاً لهم، ماذا ترين في هذا النوع من الحجج؟
سيلا بنحبيب: أعتقد أن بها قدر من الحقيقة لكن ليس علينا أن نحملها أكثر مما يجب. من المؤكد أن المدونات وقوائم الخدمة قد خلقت نوع من المحادثات. فهي سريعة؛ وتتحرك في الوقت الحقيقي وتسمح بالتبادل من وإلى. ولكن الديمقراطية وصناعة القرارات الديمقراطية لا تتم فقط بالحوار وتبادل الآراء ووجهات النظر، ولكنها أيضاً تدبر الحياة معاً لفترة من الزمن، ولذلك نحتاج إلى التزامات مستدامة لفترة ممتدة من الزمن. من المهم ألا نخلط الديمقراطية مع التبادل غير المقيد للآراء وحده. بالتأكيد، يمكننا أن نتكلم عن إجراءات المناقشة ونقول إنها ديمقراطية أو غير ديمقراطية. ولكن الديمقراطية هي أيضاً عن طرق حياتنا، عن القرارات والالتزامات الملزمة في المستقبل. الاتفاق على س من الأمور عن طريق عملية ديمقراطية يعني أنه يجب علينا أن نساهم أكثر من دخلنا في نوع معين من التحسينات في الجوار، أو في نظام الرعاية الصحية. الخطورة في الكلام عن ديمقراطية الانترنت أنها تخلط المعلومات وتبادل وجهات النظر مع فعل الالتزامات التي نحتاج القيام بها في فترة من الزمن. ولذلك هذه التطورات التكنولوجية الجديدة، بالتأكيد تساعد من ناحية تحدي احتكار وسائل الإعلام القوية الموجودة، ولكنها ليست كافية لتنظيم الناس كمواطنين. بكلمات أخرى، أنا أحاول تأسيس تمييز بين المحادثات الافتراضية والالتزامات المتعينة للحياة معاً ولأشكال الحياة، وهي كل ما تعنيه الديمقراطية. أعتقد أن بعض المنظرين قد ساقتهم المحادثات الافتراضية بعيداً، ولم يعروا انتباهاً كافياً لما نحتاج أن يحدث على أرض الواقع.
كارن واهل – جورقنسن: بطريقة ما، هنالك تهمة مشابهة يتم توجيهها لأنواع معينة من نظرية ديمقراطية التدبر، حيث يمكن لنقادها أن يقولوا، هل الكلام في الواقع له قيمة داخلية؟ هل حقاً أنه أمر ذا قيمة أن نجلس ونتبادل الكلام، أم أننا نحتاج لأنواع أخرى من الالتزامات أو أنواع أخرى من السلطة، ولذلك بطريقة ما يمكن أن نرفع هذا النوع من الاتهام على أنواع أخرى من التفاعلات؟
سيلا بنحبيب: أنا أعتقد أن التدبر مختلف من المعلومات وتبادل الرأي… التدبر يكون في أجندة خاصة هي نفسها يمكن أن يتم استدعائها للتساؤل وهي نفسها يمكن أن يتم تحديها. في التدبر أفترض أن هنالك دائماً إلحاحاً في التوصل إلى قرار وإلحاحاً للوصول إلى نتيجة ما؛ كما أشار أرسطو، نحن نتدبر دائماً ما يمكننا القيام به. ولذلك فإن عمليات ديمقراطية التدبر تشمل بالضرورة نوع من الإطار الذي يحدد ما نحتاج القيام به. أي شيء يمكن أن يتم فتحه على التساؤل ولكن التدبر نوع مختلف عن المحادثات من وإلى التي تجري في شبكة النت، لأننا عندما نتدبر نفترض أنه سيكون هناك التزاماً بنوع ما من القرارات أو الأفعال معاً في نهاية الأمر.
كارن واهل – جورقنسن: هذا يعني أنك تشاركين في تعريف للتدبر طبقاً له لا يكون كافياً أن نتكلم عن أمور الخير العام وإنما يصمم الناس في الواقع على اتخاذ قرارات وأفعال طبقاً لهذه القرارات؟
سيلا بن حبيب: لقد تم استخدام التدبر كنموذج بديل لصناعة القرارات المؤسسية ولكنه على أية حال عملية اتخاذ قرار، إنه ليس فقط محادثات.
كارن واهل – جورقنسن: في سياق الدراسات الإعلامية والدراسات الصحفية فإن ما يهم الناس هو في الواقع أن نحاول ونفكر كيف يمكن أن نطبق هذه الأفكار عن التدبر في تنظيم وسائل الإعلام على نحو خاص. ولذلك إلى أي حد يمكن أن تقولي إن وسائل الإعلام تسمح بإجراء محادثات ديمقراطية التدبر؟
سيلا بنحبيب: أعتقد أن وسائل الإعلام لا يمكن أن تكون أبداً وسائط أساسية في التدبر. ولكنها يمكن أن تكون وسيطاً مساعداً، بمعنى أن العمليات الواقعية للتدبر نفسها تتطلب قدراً كبيراً من المعلومات، بعضها قد لا يكون حاضراً في اللحظة. ويمكن أن ترى هذا في مجتمع شبكات المعلومات، [مثلاً] مجتمع قوائم الخدمة حيث يمكن أن توزع أسئلة معينة وتكون ملماً بإجاباتها والحوارات التي جرت بشأنها من وإلى عندما تذهب إلى الاجتماعات التي تحتاج إلى التدبر فيها. وسائل الإعلام حاسمة بصورة مطلقة في توفير هذا النوع من المعلومات الضرورية في عملية التدبر. وفي بعض الأحيان كما يمكن استخدام وسائل الإعلام الإلكترونية لاختبار نوع معين من الاقتراحات. ولكنني أعترض على صناعة القرارات الجماعية والتصويت شبه الديمقراطي من خلال وسائل الإعلام. ليس فقط لأنه يمكن أن يكون هناك سوء استخدام هائل وتزييف [هنالك مناقشة تجري الآن عن استخدام ماكينات التصويت الإلكتروني في الولايات المتحدة التي لا تصدر عنها أية أوراق]، ولكن أيضاً بسبب اعتقادي أن التزام الشخص الجسدي هو جزء من العملية السياسية. لقد اصبح وقتنا محدوداً للحياة العامة وأصبحن جمينا ملتصقين بأجهزة الكمبيوتر والتلفزيون والآيبود والأجهزة الأخرى طوال اليوم. وكما تتنبأ أفلام الخيال العلمي يمكن أن نصبح مجتمعاً افتراضياً كلياً من الترابطية الإلكترونية وهذا لن يكون مجتمعاً حياً من المسئولية تجاه الآخر.
كارن واهل – جورقنسن: هل هذا يعني أنك تقترحين ضمنياً أن الشكل المثالي للتدبر يتم في وضعية يتقابل فيها الناس وجهاً لوجه؟
سيلا بنحبيب: أعتقد أنه في نهاية الأمر، يحتاج التدبر أن يتم في وضعية التقابل وجهاً لوجه، وستكون هناك حاجة للاجتماعات. يمكننا أن ننتقل من وإلى أشكال مختلفة من الملتقيات، وبالتأكيد منها وسائل الإعلام – وسائل الإعلام الإلكترونية ووسائل الإعلام المطبوعة – التي هي كل أشكال الملتقيات الافتراضية ولكن في نقطة معينة يجب أن يلتقي المواطنون بطريقة ما وفي مكان ما ويروا بعضهم في سياقات صناعة القرار.
http://hunawarda.blogspot.com.eg/?m=1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.