مدخل إلى فلسفة الدين هانس صاند كولر ترجمة : فتحي المسكيني ملخص: في العصور القديمة، وقع اشتقاق لفظة "Religion"- من اللاتيني religio-بطرائق مختلفة: من relegere؛ أي "المراقبة الدقيقة" أو من religare؛ أي "الربط بشيء ما". وفي الاستعمال الروماني للغة، كانت لفظة religio تتضمّن دومًا تضادّا مع superstitio(أي "الخرافة") أو مع magia [أي السحر]. وهذه المنزلة المعيارية احتفظ بها المفهوم في ظلّ المسيحية. ولكن في حين أنّ الرومان الوثنيين (شيشرون على سبيل المثال) رأوا معيار المعايير كامنًا في العمل على عبادة الآلهة بعناية واهتمام – وبالتالي في دائرة الفعل-، رآه المسيحيون (لكتانسيوس على سبيل المثال) في صلة العهد مع إله الخلق، الواحد الأحد الذي جاءت به الكتب المقدّسة، وبالتالي في حدس الإيمان. وهذا التفكّر النقدي الملازم للمفهوم حول الدين "الصحيح" ظلّ يؤثّر على تاريخه لفترة طويلة لاحقة على العصر القديم، ومنه أيضًا أخذت فلسفة الدين الأوروبية منطلقها. وكان شأن الفلاسفة أن اعتبروا الدين بمثابة مقولة يمكن الاستدلال عليها بالعقل، راسمين بذلك خطّا يفصلهم عن الإثبات اللاهوتي (الربوبية) ، عقيدة الإله الواحد من جهة أولى، وعن لعنة الكفر (الإلحاد) من جهة أخرى. وثمّة صلة وثيقة لهذا الأمر مع "ازدواجية" (و. فايل) المفهوم الحديث للدين الذي لا يصف لنا مؤسسة فقط، بل وفي نحو من التوتّر أيضًا، حقيقة باطنية. وهذا التقليد الفلسفي أثّر تأثيرًاعميقًا في التعريفات العلمية للدين. وقد أمكن في الجملة إحصاء ما يناهز خمسين تعريفًا للدين. وإذا ما لخّصها المرء في أربعة أنماط كبرى أمكن لنا أن نعرّف الدين: 1) على المستوى العقلي، باعتباره "اعتقادًا في كائنات خارقة للطبيعة"؛ و2) على المستوى الوظيفي، باعتباره قوة الإدماج الاجتماعي؛ و3) على المستوى الاستطيقي، باعتباره شعورا بتبعيّة مطلقة؛ و4) على مستوى الحياة العملية، باعتباره رابطة مع قيم تجاوز ما هو يومي. وكلّ واحد من هذه التعريفات قد ترك في الأديان التاريخية علامة مميّزة على ما هو ملزم لها، وهي في آخر الأمر تفترض التصوّر الروماني عن دين "صحيح" مختلف عن الدين "الباطل"، الذي كان بمثابة تمهيد وتحضير لعمل الفلسفة على الدين. (نص الدراسة أدناه): http://www.mominoun.com/pdf1/2017-01/madkhall.pdf ….. الكاتب : هانس صاند كولر عالم أديان ألماني، حاصل على شهادة التأهيل في جامعة برلين الحرة. متخصص في علم الأديان المقارن. درّس في عدة جامعات عالمية، منها جامعة كونغن وبرينستون وشيكاغو. من مؤلفاته" سوسيولوجيا الدين عند ماكس فيبر"، و"الإرهاب الديني والحروب: العنف الديني المعاصر". … ترجمة : فتحي المسكيني كاتب ومفكر تونسي، أستاذ التعليم العالي في الفلسفة المعاصرة في جامعة تونس. من مؤلفاته: "هيجل ونهاية الميتافيزيقا" (1997)، و"نقد العقل التأويلي" (2005)، وغيرها. ومن ترجماته: "في جينيالوجيا الأخلاق لفريديرك" تيتشه (2010)، و"الكينونة والزمان" لمارتن هايدجر (2013). نشر العديد من المقالات والدراسات في المجلات والصحف التونسية والعربية والأجنبية. (نقلا عن مؤمنون بلا حدود).