لا أحب الحديث عن علاقتي بالله ولا عن علاقة الناس به .. ومعاذ الله ان يحدد الدين علاقتي بالناس.. والحمد لله الذي أكرمني بصداقات مع رجال ونساء من مختلف الملل والبلدان لم أفكر في أي يوم من الأيام ، ولم ولن يخطر ببالي ، ان أسالهم عن دينهم وإيمانهم ؟ فهذا شأن الله وليس شأني ، وما لله لله وما لنفسي لي وحدي .. ولكن ومنذ ان دخل علينا الإسلام السلفي الصحراوي المتوحش ، المخلوط بالزيت والزفت وكل ملوثات البيئة والعقل .. إنقلبت الأمور في نفسي رأساً على عقب .. وتقهقرت قليلاً إلى الوراء .. وصرت أكثر توجساً وحرصاً في علاقاتي الخاصة وأصبحت أدقق مظهراً وجوهر .. والحمد له ان وفقني – حتى الآن – إذ لا يوجد من بين كل أصدقائي ومعارفي الكثر من هم على شاكلة أولئك الذين يقصرون الثياب ويطيلون اللحى .. وبالطبع كانسان منفتح أؤمن بالتواصل المباشر بين البشر لا يمكن ان تكون بين صديقاتي من ترتدي ما يسمى ب "النقاب" ! وإذ أقول ما قلت فانني لا ادعي إستنارة ، فكل أهل السودان تقريباً على هذا المنهاج .. إلا فئة قليلة باعت نفسها لطائفة من العرب الأجلاف ، طائفة منحطة فكرياً وإنسانياً ، استحى الله ذاته منها وتبرأ منهم وصفهم بانهم: " أشد كفرا ونفاقا" .. هذه القلة الرخيصة اليائسة البائسة ، الكارهة للحياة والتطور ، اساءت ولا تزال إلى الله ورسله وكتبه وأديانه .. وما فتئت تحاول توريط الله في جرائمها وتلويث يده الواسعة الكريمة بالدم ، وتلطيخ سمعته الناصعة في أذهان البشر .. وتشويه سمعة ملائكته التي أنزلوها من السماء ب"البارشوت" حتى تشاركهم في جرائمهم الشنيعة .. لم يكتفوا بذلك بل حولوا الدين إلى منجم كبير للشذوذ الفكري والعقلي والجنسي .. متسلحين بأحاديث مخجلة نسبوها كذبا وإفتراء لأشرف خلق الله أدبا وتهذيباً واحتراماً .. أحاديث تتضمن مفردات وألفاظ بذيئة ونابية يخجل من التفوه بها سكان الأزقة المظلمة ناهيك من ان يتفوه بها رسول أتى ليتمم مكارم الأخلاق .. ألفاظ بذيئة كمفاخذة الصغير ونكاح الحروب وأسئلة الوطء والعهر والدبر .. ولم يستثني هذا الشذوذ الفاجر حتى الموتى داخل أكفانهم ، فخصصوا لهم مصطلح وضعوه في قاموسهم البذئ اسموه: "نكاح الميت"! اما مساجدهم فحدث ولا حرج ، إذ صارت وكراً من أوكار الجريمة يتم فيها إغتصاب الأطفال جهارا نهارا ، حتى انني طالبت من قبل – ولا أزال – بوضع إعلانات على مآذن المساجد تحذر" من إصطحاب الأطفال" .. وإزاء هذا التدهور الأخلاقي السلفي المريع أصبح الدين في أذهان الكثير من الناس يعادل موضوعياً الإنحراف وسوء الأدب .. ولا ريب ان رأينا الناس وهم يخرجون منه أفواجا وجماعات ! وحدهم شيوخ الطرق الصوفية الكبار كانوا ولا يزالون يمثلون حائط الصد الوقائي والأمان النفسي للحزانى والمحرومين والمحبين لله ورسله وللإنسانية جمعاء .. لذلك لم استغرب ما قام به الشيخ الياقوت وقومه من أبناء قرية الروضة الشريفة ووقوفهم مع طلبة دارفور ضحايا االتمييز العنصري الممنهج أكاديمياً وحكومياً .. إذ ان هذا هو نهج المتصوفة وسماحتهم .. وهذا ما كان سيفعله شيوخ الطرق الصوفية الأخرى لو ان قافلة الطلاب قد عبرت في طريقهم .. لأن هذا هو أدب التصوف الذي يبشرون به .. وهذا هو الدين الذي أحببناه عندما أحببناهم .. فمن دخل دارهم فهو آمن .. ومن دخل مساجدهم وجد الله في إنتظاره يمد يده إليه مصافحاً ومرحباً .. ومن يجالسهم تسمو روحه وترتفع وترتقي .. علمونا الأدب مع الله ومع رسوله الكريم ومع الناس .. شكلوا كريم خلقنا وأخلاقنا وتعلمنا منهم ان الدين بلا إنسانية هباء منثورا .. تعلمنا منهم رحمة الصغير وتوقير الكبير قبل أن يأتي جماعة نكاح الصغير وإرضاع الكبير بدينهم المستورد البذئ ويحطوا بالأخلاق إلى أسفل سافلين! سُئل أحد المتصوفة الكبار وأظنه المتصوف الأكبر/ "شمس التبريزي" عن اسم الله الأعظم ؟ فأجاب: "كسرة الخبز" .. ما أجمله من رب وما أعذبه من قول وما أعظمه من شيخ .. طوبى ثم طوبى لمن عرف الله بهذا المنظور .. طوبى لمن أفشى السلام والطعام بين الناس .. طوبى للضحايا من طلاب دارفور لأنهم يتعزون .. طوبي للرحماء من سادتنا المتصوفة لأنهم يرحمون .. طوبى لشيخنا الياقوت وهو يعرفنا باسم الله الأعظم تحقيقاً لا مجازا .. طوبى له وهو يقدم السلام والطعام ويصلي لأجلنا والأنام نيام .. شيخنا انت حبرنا وسيدنا وسيد ساداتنا .. أنت فخرنا وعزنا وعزوتنا وموضع حبنا .. أنت ملهمنا وبطلنا .. "أنت فارس هذا الزمان الوحيد وسواك المسوخ" . عبد المنعم سليمان